هذه دعوة للعمل على مناهضة قوى الظلام

واستمرار ركب الحضارة الحديثة

This Is A Call To Work Against The Forces Of Darkness And For Promotion Of Modern Civilization


أرشيف المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 17 نوفمبر 2010

نشأة الخراج فى العصر الإسلامي



عادل العمري وشريف يونس
 ُشرت عام  1986 في مجلة الراية العربية – العدد الأول)

اختلف مدلول مصطلح الخراج في كتابات مؤرخي وفقهاء العصر الإسلامي، بل شمل الاختلاف أغلب استخدامات المعاصرين لهذا المصطلح. فقد أشير به أحيانا إلى دخل الخلافة ككل، أو دخلها من إحدى ولاياتها، واستخدمه أبو يوسف بين دفتي كتابه الشهير([1])، للإشارة إلى نظام ضريبي معين يفرض على أرض زراعية تسمى أرض الخراج، والتي تعتبر من الناحية الفقهية أرضًا موقوفه على بيت المال ومملوكة للأمة الإسلامية كلها([2]) (وفي إطار هذا التعريف الأخير للمصطلح، يتناول هذا المقال موضوع الخراج).
والخراج، وفقًا لهذا التعريف، قد شكل لب النظام الاقتصادي في العصر الإسلامي، وخاصة في عهوده المزدهرة، حيث إنه كان النظام الرئيسي في مجال الإنتاج الزراعي الذي كان بدوره أهم مجالات الإنتاج في العصر الوسيط برمته([3]). يترتب على ذلك بالضرورة أنَّ نظام الخراج كان أهم النظم الاقتصادية إطلاقًا من حيث تشكيل معالم الحياة اليومية وتحديد الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للغالبية العظمى من السكان المعاصرين.. وبالتالي أسهم بمختلف الطرق المباشرة وغير المباشرة في تشكيل مجمل النظم المعاصرة الأخرى.
على أنَّ التأريخ لنظام الخراجعلى أهميته الكبرىيُعد مشكلة عويصة لا زالت تعترض الباحثين، نظرًا لقلة اهتمام المصادر التاريخية به، واقتصار تناوله في أغلب الاحيان على الناحية الفقهية، دون العناية بالنظم العينية لجبايته وتحديد مقداره وأوجه صرفه.. وما طرأ على كل ذلك من تغييرات عبر الزمن([4]). ويمكن تتبع نشأة نظام الخراج في عهد عمر بن الخطاب وإرهاصاته في عهد الرسول عن طريق كتاب البلاذري (فتوح البلدان). والمقال مدين إلى أبعد الحدود للمعلومات التي أوردها ابن عبد الحكم (فتوح مصر والمغرب)، في الصفحات التي خصصها لموضوع الخراج في مصر. كذلك أورد الجهشياري في كتابه (الوزراء والكتاب) مادة تاريخية حول دواوين الخراج، تتميز بعموميتها وعدم تعرضها للتفاصيل والنظم العينية لدواوين الخراج. ولعل كتاب أبو يوسف الذي سبقت الإشارة إليه. يمكن أنْ يعد من أهم الكتب الفقهية في أحكام الخراج، نظرًا لمنزلة مؤلفه عند الخليفة العباسي (الرشيد) ونظرًا لأنَّ الكتاب قد ُصف بناء على طلب الخليفة. وتتركز أهمية كتاب ضياء الدين الريس حول الخراج والنظم المالية – بجانب جهده المحمود في تحقيق المقاييس الإسلامية – في جمعه لمعلومات تاريخية مختلفة تتعلق بالأوضاع السياسية والاقتصادية تمس من نواحٍ متعددة نظم الخراج. ولكن الكتاب في مجموعة لم يوفق في تحقيق الغرض الذي يدل عليه عنوانه.
وفي حدود هذه المصادر، سوف يتناول المقال مواضيع خمسة رئيسية، وهيَ إرهاصات ونشأة نظام الخراج، وأسسه الاقتصادية، ونظم جبايته، ثم علاقات نظام الخراج بكل من حائزي أرض الخراج والدولة. كذلك أفردنا حيزًا لنشأة نظام الإقطاع وطبيعته وعلاقته بنظام الخراج.
***********************
لم يحل إدراك المعاصرين لأسبقية نظام الخراج تاريخيًّا – في دولة الفرس على الأقل([5]) – على الفتوحات الإسلامية، دون تناولهم له كفرع من فروع الفقه الديني الخاص بالمعاملات. وفي محاولتهم تكييف نظام الخراج تكييفًا فقهيًّا، رجعوا إلى سنة الرسول وسابقات الخلفاء الراشدين. ورغم اختلاف الأهداف، لا يسعنا سوى أنْ نقتفي خطاهم على نفس الطريق.
كان النبي إذا فتح أرضًا بإسلام أهلها دون قتال، يترك لهم الاحتفاظ بالأرض([6])، ويفرض عليها ضريبة العشر إذا كانت تسقى بالراحة أو نصف العشر إذا كانت تسقى بآلات الرفع([7]). أما إذا فتح النبي أرضًا بصلح مع أهلها من أهل الكتاب، وحتى إذا سبق الصلح حصار حربي، كانت الأرض تعد ملكًا له بصفته الدينية والسياسية، وليس بصفته الشخصية. وكان الرسول إما أنْ يطرد أهل هذه الأرض – كأحد شروط الصلح – ويتولى زراعتها بنفسه([8])، وخاصة إذا كانت الأرض واقعة في متناول جماعة المسلمين والرسول، بحيث يمكن العناية بالأرض دون التخلي عن الإقامة في المدينة، وهيَ حصن الدعوة ؛ وإما أنْ يقر أهلها على زراعة الأرض؛ فيشتمل الصلح على مقاسمة الرسول إياهم نتاج الأرض([9])، ويسمى نصيب الرسول من هذا النتاج خراجًا. كذلك كان للرسول مطلق الحرية – في حدود الدين – في التصرف في هذه الأرض ومحصولاتها؛ فكان ينفق منها على أهله أو يقطع بعضها للمهاجرين أو غيرهم، أو ينفق من عائدها على الفقراء([10]). وتجدر الإشارة إلى أنَّ الرسول، لأنه لا يورث؛ تنتقل ملكيته هذه من بعده إلى جماعة المسلمين([11]). فليست ملكيته للأرض إذن سوى شكل لملكية الدولة الإسلامية للأرض.
أما الأراضي التي فتحها الرسول عنوة، مثل أرض خيبر وأرض بني قريظة؛ فكان يقسم أربعة أخماسها على الفاتحين، ويحتفظ بالخمس الباقي طبقًا لحكم القرآن([12]). وإلى تلك السابقات استند الذين عارضوا ما فعله عمر بن الخطاب من وقف الأراضي المفتوحة على بيت المال مطالبين بتقسيمها([13]). ولكن يلاحظ أنَّ تقسيم مثل هذه الأراضي قد اتخذ أحيانًا منحى صوريًّا. وآية ذلك أنَّ الرسول عندما فتح خيبر ووادي القرى، ترك هذه الأرض لأهلها مقابل شطر من نتاجها([14]). فالأرجح هنا أنَّ هذا الشطر هو الذي كان يقسم وليس الأرض في أيدي أهلها حتى لا تتشتت قوة المسلمين في خارج المدينة. ومما يرجح هذا التعليل، أنَّ الرسول قد قسم أرض بني قريظة تقسيمًا فعليًّا بين الفاتحين؛ إذ أنَّ هذه الأرض واقعة ضمن نطاق المدينة.
حين تم فتح الشام والسواد (العراق) في عهد عمر بن الخطاب، قام جدل واسع حول كيفية التصرف في هذه الأرض التي افتتحت عنوة. فقد رفض عمر تقسيم الأرض على المقاتلين كما طالب بلال وآخرون، مستندين إلى نص القرآن وسنة الرسول. واشتد الخلاف بين العشرة المبشرين بالجنة وبين المهاجرين وبعضهم البعض؛ فلجأ عمر إزاء ذلك إلى استشارة زعماء الأنصار لحسم الخلاف. كانت حجة عمر بن الخطاب أنَّ هذا الفيء ملك لكل المسلمين؛ فإذا ما قسمت الأرض، لن يبقى شيء للأجيال القادمة من غير أبناء الفاتحين، كما أنَّ التقسيم سيستتبع تفرغ الفاتحين لإدارة أراضيهم الشاسعة، وبالتالي هجر الأمصار والثغور، بالإضافة إلى أنَّ حرمان بيت المال من خراج هذه الأرض بتقسيمها، سيعجز الخلافة عن الإنفاق على الجنود لسد الثغور. وهكذا اقتنع زعماء الأنصار بأنَّ العدول عن تطبيق نظام الخراج على الأرض المفتوحة يهدد بإستعادة أعداء الدولة الناشئة لهذه البلدان([15]). وهذا يعني أنَّ عمر بن الخطاب قد جعل قضية الإسلام ومركزية الدولة ونظام الخراج والعصبية العربية قضية واحدة. وتدل الحوادث على أنَّ عمرًا كان حريصًا كل الحرص على توفير أسباب الحفاظ على تماسك العصبية العربية وإبقائها تحت سيطرة الخلافة في نفس الوقت؛ فعمل على أنْ تقام الأمصار حيث يمكن أنْ ترعى الإبل([16])، بقصد إبقاء نمط معيشة سكانها العرب البدوي – الرعوي – الحربي المنفصل عن نمط معيشة سكان البلاد المفتوحة، كما كان حريصًا على توفير عطاء الجند وأسرهم ([17])، حتى يظلوا معتمدين في معاشهم على الدولة وحتى لا يتحولوا للزراعة والاستقرار. أما مبدأ تقسيم الفيء الذي ورد في القرآن فقد قصره عمر على ما يحرزه المقاتلون في المعارك من مال أو سلاح([18]). كذلك طبق عمر نظام الخراج في مصر([19]). وترتب على ما فعله عمر اعتماد نظام الدواوين الخاصة بالخراج، والتي ورثها العرب عن البلاد المفتوحة([20])، وإنشاء ديوان العطاء.
ترتب على تزايد أهمية نظام الخراج أنْ وضع الفقه الإسلامي على عاتقه مهمة التكيف مع هذا الواقع والتشريع له. ورغم المعاناة والحيرة التي لقيها الفقهاء([21])، إلا أنهم أنجزوا مهمتهم. وصارت تشريعاتهم الاقتصادية تنزع في الأغلب الأعم إلى الحفاظ على قوة نظام الخراج وبقائه، مقتفين أثر عمر بن الخطاب. فقد منع عمر تحويل أرض الخراج إلى أرض عشر إذا أسلم أهلها، واقتفي أثره الفقهاء واكتفوا بإلغاء الجزية على الرؤوس متعللين بأنَّ لحظة الفتح تحديدًا  هيَ التي تحدد ما إذا كانت الأرض أرض عشر أم أرض خراج([22]). بل ويصل الأمر بأبي يوسف إلى حد منع الخلفاء من أخذ أرض الخراج من أهل الخراج([23]). وحتى بالنسبة للأراضي البور الواقعة ضمن أرض الخراج، أيْ في نطاقها، يفرض الخراج عليها إذا ما استصلحت وعمرت([24]). وما من شك أنَّ مجمل هذه الأحكام تضع قيودًا متعددة على الملكية الخاصة للأرض الزراعية([25]). والأساس القانوني لحق الملكية الخاصة للأرض، ألا وهو حق وضع اليد، جرى حصره إلى حد كبير بالحكم الخاص بفرض الخراج على الأرض المستصلحة الواقعة ضمن أرض الخراج.
إنَّ مقولة غياب الملكية الخاصة للأرض في نطاق أرض الخراج ليست مجرد مقولة نظرية مستندة من الفقه. فإذا ما بحثنا في طبيعة الخراج نفسه لوجدناه مختلفًا تمامًا عن الضريبة والزكاة؛ فيتضح من بعض ما أورده أبو يوسف في كتابه([26])، أنَّ الخراج أكبر من العشر، بل والعُشرين. وهذا ليس مجرد فارق كمي بل هو فارق كيفي؛ إذ أنْ ضخامة الخراج المفروض على قطعة الأرض تجعله ما يمكن أنْ نسميه بمصطلحات علم الاقتصاد فائض الإنتاج الاجتماعي، أيْ يكافئ بلغة عصرنا الضريبة والريع والربح معًا. كما أنَّ حائز أرض الخراج لا يحق له أنْ يمتنع عن زراعتها([27])، لأنها أرض ملك للدولة الإسلامية. ويؤكد ذلك ما ذكره ابن عبد الحكم عن نظام فرض الخراج في مصر([28])؛ إذ كان يفرض على القرى جملة تبعًا لمساحة كل قرية من الأرض العامرة، وتقسم هذه المساحة على الأسر في القرية بحسب قدرتها على الفلاحة، أيْ بحسب ما تحوزه من قوة العمل. وما يفيض من أرض القرية مما لا يرغب سكانها في فلاحته كان يقسم عليهم ويلزمون بزراعته. هذه الحقائق تحول دون قبول ما يذكره أبو يوسف، عن حق حائز أرض الخراج في توريثها وبيعها([29])؛ فنظرًا لطبيعة الخراج باعتباره فائض الإنتاج الاجتماعي، ونظرًا لكل ما سبق، نقول إنَّ ما يتوارث هنا هو حق الحيازة أو حق المنفعة، وهيَ وراثة مشروطة بالقدرة على فلاحة الأرض وتعميرها. كذلك لا تستقيم فكرة حيازة أهل الخراج لحق الرقبة مع ما يذكره أبو يوسف عن وجوه المزارعة([30])؛ ففيها: يكون الخراج على صاحب الأرض، أيْ حائزها، ويحصل الزارع على المحصول، ذلك على عكس أرض العشر بحيث يكون العشر على صاحب الزرع أو على الاثنين معا. فواضح هنا أنَّ القيام على أرض الخراج وحيازتها واجب على الحائز أكثر منه حق له. كما يتضح أنَّ كافة أحكام أرض الخراج مكيفة بحيث تضمن الدولة حقها في خراج الأرض([31]).
إلام يستند حق الدولة في الحصول على فائض الإنتاج من أرض الخراج؟ إذا ما طرحنا جانبًا الأحكام الفقهية وما تقدمه من تبريرات لهذا مما سبق ذكره، سنجد الأساس الحقيقي لنظام الخراج في نظام الري. فالحكومة تعد مسئولة عن صيانة نظام الري من حفر وتعميق للأنهار والترع والمصارف الرئيسية وبناء الجسور لحماية الأرض من الفيضان وتتكفل بنفقة كل ذلك، فضلًا عن أنَّ جهاز الدولة هو الأداة الرئيسية والضرورية لإنجاز هذه الأعمال العامة([32]). أيضًا، تعد الدولة مسئولة من حيث الإشراف والتخطيط بالنسبة لأعمال الري المقامة على نطاق أصغر من هذا، بحيث لا تتسبب في الإضرار بنظام الري النهري في مجموعه([33]). مثل هذا الدور الجوهري الذي تلعبه الدولة في صيانة الشروط الأساسية للنشاط الزراعي، وهو النشاط الاقتصادي الرئيسي، يستدعي بالضرورة هيمنتها على الموارد المالية، كما يعطيها الفرصة في استغلال سلطاتها الجوهرية الناشئة عن دورها هذا في مد سلطانها إلى كافة المجالات الأخرى.
كانت الدولة تجبي الخراج عن طريق موظفين ينتظمون في جهاز يسمى ديوان الخراج يرأسه والي الخراج.([34]) وقد عرفت ثلاثة نظم لجباية الخراج. كان عمر بن الخطاب قد جبى خراج السواد طبقًا لنظام المساحة، الذي كانت دولة فارس قد أخذت به بدءًا من عهد كسرى أنو شروان([35]). وهو نظام يقوم على مسح الأرض وإحصاء الناس([36])، وتحديد الحيازات وما فيها من مزروعات في سجلات، بحيث تتحدد قيمة الخراج تبعا لمساحة الأرض وجودتها ومدى بعدها عن السوق ونوع المحصول المزروع([37]). وفي عهد المهدي تحولت الخلافة العباسية إلى نظام المقاسمة، نظرًا لشكوى الحائزين من انخفاض أسعار المحصولات بحيث صاروا عاجزين عن أداء الخراج. ويقضي نظام المقاسمة بأنْ تحصل الدولة على نسبة تتراوح بين النصف والربع من المحصول تبعا لطريقة الري([38]). لا شك أنَّ نظام المقاسمة يحتاج إلى مسح الأرض لتحديد الحيازات ووسيلة الري ونوع المحصول. ويشدد أبو يوسف([39]) على أهمية نظام المساحة، نظرًا لأنها تمنع تعدى الأقوياء على حق الضعفاء، ويترتب على ذلك العجز عن أداء الخراج، فضلا عن المساس بهيبة الدولة. ونجاح أيٍّ من هذين النظامين يرتبط أشد الأرتباط بألا يتطرق الفساد إلى جهاز الدولة وألا يتحول ولاء موظفيها، وخاصة كبارهم ممن يتولون الولاية العامة أو ولاية الخراج. لذلك ينصح أبو يوسف([40]) بألا يتولى ولاية الخراج إلا من كانوا من أهل الصلاح والدين والأمانة، وأنْ تصرف حقوق الولاة والجنود من قبل ديوان العطاء فلا تكون لهم علاقة مباشرة بجباية الخراج من الولاية([41])، مما يجعل من الصعب على الحاميات العسكرية الانفصال بالولاية. ويبدو أنه لنفس السبب فصل سليمان بن عبد الملك منصب والي الخراج عن الولاية العامة في مصر، واقتفي أثره من تلاه من خلفاء الدولتين الأموية والعباسية في أغلب الحالات. وحرصًا على عدم تفشي الفساد الإداري، كان بعض الخلفاء الأقوياء، حين يلمس كسرا في الخراج بسبب الظلم، يرسل من قبله من يفتش على أعمال الولاء ويقتص للرعية منهم([42]).
أما النظام الثالث لجباية الخراج فهو نظام القبالة. وفيه تعهد الحكومةعن طريق مزاد علني في أغلب الأحوالإلى أحد الأشخاص بجباية خراج دائرة أو ولاية معينة فيصير مسئولًا عن توريد المبلغ الذي تعهد بدفعه للحكومة، وله أنْ يحصل على ما يفيض عن ذلك من نتاج الجباية. وهذا النظام من مضاره أنه يضع الحائزين تحت رحمة المتقبل الذي يلجأ عادة لاعتصار أهل الخراج من أجل زيادة أرباحه، مما يترتب عليه فرار الحائزين من الأرض أو لجوئهم للتخريب. والأرجح أنَّ الدولة ما كانت تلجأ إلى هذا النظام إلا إذا ما تفشي الفساد في الإدارة بنهب مستحقاتها عن طريق الموظفين.
ومع أنَّ الدولة  هيَ التي تحدد نظام جباية الخراج ومقداره، إلا أنَّ سلطتها في هذا المجال مقيدة من الناحية الموضوعية بمصلحتها في الحفاظ لحائزي أرض الخراج على الحد الأدنى من الدخل اللازم لمعاشهم وأسرهم، وإلا "انكسر الخراج"([43]) بتعبير أبو يوسف. بالإضافة إلى حماية جهاز الدولة من الفساد الإداري ومركزة نظام الخراج، مما ذكر سابقًا، يشدد أبو يوسف على ضرورة توحيد معايير الخراج وأنْ يقتسم الموظفون المحصول مع الزارع مرة واحدة بعد التذرية والدرس وأنْ يتم الدرس بأسرع ما يمكن حتى يتاح للفلاحين أخذ نصيبهم بسرعة فلا يصابوا بالعوز أو اضراره([44]). رغم كل هذه الإجراءات كان تعذيب أهل الخراج، وبأبشع الوسائل، شيئًا معتادا في هذا العصر([45]).
والواقع أنَّ كل هذه الإجراءات لم تستهدف بالدرجة الأولىإذا كانت تستهدف أصلًاتحقيق العدل أو الرحمة بالرعية، وإنما كان هدفها الأساسي الحفاظ على نظام الخراج ومقداره. لذلك نجد أبو يوسف يشدد في كل نصائحه للخليفة الرشيد على أضرار مخالفة هذه النصائح بمقدار الخراج. وعمرو بن العاص الذي عاب على خلفه في ولاية مصر تحميل أهل الخراج فوق ما يحتملون يحدد وضع القبط الاجتماعي بأنهم خزنة العرب([46])، ويشبه أرض مصر بالبقرة الحلوب([47]) وحليبها الخراج. كذلك أمر عمر بن الخطاب بأنْ "يختم في رقاب أهل الذمة بالرصاص، ويظهروا مناطقهم، ويجزوا نواصيهم، ولا يدعوهم يتشبهون بالمسلمين في لبوسهم"([48]).
وحتى هذا العدل الذي يستهدف عدم كسر الخراج لم يكن دائم الحدوث؛ فعوامل من قبيل تزايد احتياجات الحكومة للانفاق على الجنود والحفاظ على مظاهر الترف، أو إقطاع المقربين أو الجنود، كثيرًا ما دفعت الخلفاء إلى التعدي على الحد الأدنى لمعيشة أهل الخراج. ومن أمثلة هذا ما حدث في عهد سليمان بن عبد الملك، حيث جاءه وإلى الخراج بمصر أسامة بن زيد قائلًا: "إني ما جئتك حتى نهكت الرعية وجهدت، فإنْ رأيت أنْ ترفق بها وترفه عنها وتخفف من خراجها ما تقوى به على عمارة بلادها وصلاح معايشها فافعله فإنه يستدرك في العام المقبل". فقال سليمان: "هبلتك أمك، أحلب الدر فإذا انقطع فاحلب الدم والنجا"([49]). فإذا ما اشتد الأمر على أهل الخراج كانوا يلجأون للثورة ضد الدولة، وسنستعرض هنا ثورات المصريين الرئيسية ضد الأمويين والعباسيين. ثار القبط ثورتهم الأولى في علم 107 هـ، بعد أنْ قرر والي الخراج فيها زيادة الخراج بما يساوي خمسة بالمائة منه([50]). وكانت ثورة مصر الكبرى الثانية في عهد المهدي واستمرت من عام 167 إلى عام 169 هـ في الصعيد والدلتا، بسبب تشدد الوالي في اعتصار الخراج وزيادته([51]). وتعددت ثورات العرب الذين استوطنوا منطقة الحوف الشرقي؛ فثاروا ثلاث مرات في عهد الرشيد. كانت أولى ثوراتهم في عام 178 هـ، بسبب زيادة قيمة الخراج، والثانية في عام 186 هـ بسبب التلاعب بمسح الأرض. ويصل بهم الأمر في عام 191 هـ إلى حد الامتناع عن أداء الخراج، وقمعت كل هذه الثورات سريعًا([52]). ثم ثار عرب الحوف ثورتهم الكبرى في عهد المأمون في عام 214 هـ وقمعت، ولكن الثورة ما لبثت أنْ اشتعلت مرة أخرى في عام 216 هـ، واشترك فيها القبط والعرب كلاهما بالوجه البحري. ولم تهدأ الثورة إلا بعد حضور المأمون بنفسه في عام 217 هـ([53]).
وخلاصة هذا كله أنَّ نظام الخراج يستتبع بالضرورة أنْ تصبح علاقة السياسة بالاقتصاد علاقة مباشرة. فمسئولية الدولة عن نظام الري وما يستتبعها من ملكية الدولة للأرض وحصولها على الفائض الاجتماعي بواسطة جيش من الجباه، كل ذلك يحول كل احتجاج للسكان ضد العسف والنهب الاقتصادي مباشرة إلى ثورة سياسية الطابع([54])، حتى ولو كان سبب هذا العسف هو تراخي قبضة الدولة المركزية عن دواوين الولايات.. ففي كل الأحوال يأتي هذا النهب عن طريق الجباة وزبانية الدولة.
وتتجلى العلاقة المباشرة بين السياسة والاقتصاد على وجه آخر، من حيث إنَّ الخراج هو العماد الحقيقي والرئيسي لمركزية الدولة؛ فمن الخراج عطاء الجند، ومنه أرزاق القضاة والعمال والولاة([55])، وسائر الموظفين. وهذه العلاقة بدورها كان المعاصرون يدركونها؛ فقد قال المأمون: "قد كان لأخي (الأمين) رأيٌ لو عمل به لظفر بنا، لو كتب لأهل خراسان وطبرستان ودنباوند أنه قد وهب لهم الخراج لسنة، لم تخل من أحد حالين: أما رددنا فعله ولم نلتفت إليه فعصانا أهل هذه البلدان، وأما قبلناه وأنفذناه فلم نجد ما لا نعطي منه من معنا وتفرق جندنا ووهن أمرنا"([56]). ولكن الأمين كان في شغل عن أمور الخراج بمجالس الندماء([57]).
على أنَّ أكبر تهديد يواجه نظام الخراج، هو توسع نظام الإقطاع على حسابه. وقد لجأت الدولة الإسلامية إلى الإقطاع من أجل مكافأة أنصارها وكبرائها. وكان الرسول أول من اقطع أرضًا في العصر الإسلامي؛ فقد أقطع – على سبيل المثال – من أرض بني النضير – وكانت أرض خراج – الزبير بن العوام([58]). كما أعطى منها المهاجرين واثنين من الأنصار شكيا الفقر([59]). كان معيار الاقطاع إذن هو التقدير الشخصي للرسول لمصالح المجتمع الناشئ. وفي الأراضي المفتوحة كان عثمان بن عفان أول من أقطع أرض الصوافي في العراق([60]). وأرض الصوافي  هيَ الأرض التي كانت في يد كسرى ومرازبته وأهل بيته، ومن قتل في الحرب أو لحق بدار الحرب، وغير ذلك([61]). وكذلك أقطع معاوية([62]) والخلفاء الأمويون أنصارهم. ومع تقدم الزمن بالدولة الأموية تخطى نظام الاقطاع الصوافي إلى أرض الخراج واستمر ذلك حتى جاء عهد المنصور العباسي، فصادر كل ذلك وأعاد أرض الخراج إلى ما كانت عليه([63]). ويبدو أنَّ الخلفاء العباسيين الأقوياء كانوا يقطعون الأراضي البور بصفة خاصة([64])، من أجل مد العمران، وبالتالي تزايد موارد الدولة. ولذلك يستشهد أبو يوسف بما قاله عمر بن الخطاب من أنَّ الأرض المقطعة التي لا يعمرها صاحبها لمدة ثلاث سنوات لا تكون من حقه([65]). ومن ذلك نستنتج أنَّ الاقطاع وظيفة من حيث الجوهر، وبواسطته توكل الحكومة تعمير الأرض، وهو الواجب الموضوع على عاتقها، إلى أحد الأفراد، وهذا الاقطاع مترتب على وظيفة الشخص، أيْ أهميته داخل جهاز الدولة. فهو اقطاع متفرع عن سلطة الدولة، على عكس الاقطاع الأوروبي.
إذا أقطع الإمام أرضًا واقعة ضمن أراضي الخراج لمقطع، فللإمام أنْ يفرض عليها الخراج ([66]). أما إذا كانت مع أرض القطائع، فيفرض عليها العشر ونصف العشر([67])، وإذا كانت تشرب من أنهار الخراج فللإمام أنْ يفرض عليها الخراج([68]). والأرجح أنه قلما كان الإمام يفرض على المقطع الخراج. نظرًا لأنَّ المقطع يتحمل مؤونة إستصلاح الأرض وتعميرها إذا كانت بورا([69])، ولأنَّ الإقطاع إنما هو هبة من الدولة فلا يعقل أنْ يأخذ المقطع من المزارعين في الأرض المقطعة خراجًا ويعطيه للدولة؛ إذ لن يتبقى له شئ أو يلجأ لأنْ يحمل المزارعين ما يفوق طاقتهم.
ولما كان الإقطاع وسيلة من وسائل مكافأة الأنصار والحفاظ على ولائهم، يصعب أنْ نتصور ألا يكون نزع الإقطاع وسيلة للعقاب والحرمان والقضاء على نفوذ المناوئين لحكم الخليفة. ورغم تأكيدات أبو يوسف العديدة لعدم حق الخلفاء في انتزاع إقطاعات من أقطعهم الخلفاء المهديون وتحريم ذلك([70])، ولا نشك في أنَّ نكبة البرامكة، أو انتقال الحكم من الأمين للمأمون بعد حرب أهلية أو تأرجح موقف الخلفاء الأمويين بين القيسية واليمنية، تستتبع كلها نزع إقطاعات الخصوم وإعادة إقطاعها للأنصار.
ولاشك أنَّ اتساع الثغرات التي يفتحها نظام الإقطاع في نظام الخراج، كظاهرة مميزة لعهود تراخي قبضة الدولة وانهيار السلطة المركزية، ليس من قبيل الصدفة أو التوافق الزمني.. إنما هو توافق ناتج عن ارتباط الأمرين ارتباط العلة بالمعلول. فانتشار نظام الإقطاع يعني ظهور جماعات من الحائزين الأقوياء لحقوق عينية على الأرض، لهم مصالح منفصلة عن مصلحة الدولة، ويمكنهم أنْ يستخدموا ثرواتهم في تحقيق مآربهم داخل جهاز الدولة بالرشوة وغيرها. ويترتب على فساد رجال الدولة وظهور هؤلاء المقطعين الأقوياء، لجوء الدولة إلى نظام القبالة لعجزها عن السيطرة على أطراف الجهاز الحكومي وإلى اضطرار حائزي أرض الخراج إلى إلجاء أرضيهم([71]). وكل هذه الظوهر تؤدي للإجهاز على مركزية الدولة، أو أضعاف العصبية بتعبير ابن خلدون.
يمكن القول أنَّ نظام الخراج يقوم على دعامتين أساسيتين: أولاهما احتفاظ الدولة بملكية الرقبة لأرض الخراج، وثانيهما حصولها على فائض الإنتاج من هذه الأرض بواسطة موظفيها. ويستند تعميم هذا النظام وانتشاره إلى وظيفة الدولة الاقتصادية في الإشراف على نظام الري والإنفاق على إصلاحه وترميمه. كما يترتب على سيادة هذا النظام في المجال الزراعي، أنْ يصبح هذا النظام الأساس الاقتصادي لمركزية الدولة، بينما ترتبط ظاهرة انهيار هذه المركزية بانهيار نظام الخراج لصالح نظام الإقطاع واللجوء لنظام القبالة في جمع الخراج وتفشي الفساد في جهاز الخراج، وانتشار ظاهرة إلجاء الأرض، وكل ذلك يعني وقوع وظائف الدولة الاقتصادية على عاتق فئات اجتماعية أخرى لا تستمد مكانتها وثروتها من مجرد وضعها داخل جهاز الدولة.

**************************





 ([1]) الخراج، تحقيق وتعليق محمد إبراهيم البنا، القاهرة 1981. والكتاب رغم عنوانه يتناول مختلف الأمور التي يمكن إدراجها تحت عنوان (أحكام المالية العامة).
 ([2]) للمزيد حول خلط المعاصرين في استخدام مصطلح الخراج، راجع: محمد ضياء الدين الريس، الخراج والنظم المالية للدولة الإسلامية، ط 4، القاهرة 1977، المقدمة.
 ([3]) لا تنتمي التجارة العابرة (الترانزيت) إلى مجال الإنتاج، وإنما إلى مجال التبادل وعلى ذلك لا تمس أهميتها كمصدر دخل للخلافة والتجار أدنى مساس بالفكرة التي ذكرت توًّا.
 ([4]) في كتابة (قوانين الدواوين) تحدث ابن مماتي بشكل مختصر نوعا عن بعض من هذه النظم في مصر. ولكن كتابه، فضلًا عن صغر حجمه واقتضاب معلوماته، يرجع إلى عهد الايوبيين، وهو عهد شهد – كما يتضح من الكتاب – بيع الوظائف العامة وظواهر أخرى تجعل من الصعب الاستناد إلى مؤلفات هذا العهد في وضع معالم نشأة وتطور نظلم الخراج في العهود الأسبق.
([5]) الجهشياري، الوزراء والكتاب، تحقيق مصطفى السقا وآخرين، ط 4، القاهرة 1938. ص ص 4 – 5 ؛ الريس، الخراج والنظم المالية، ص 95.
([6]) البلاذري، فتوح البلدان، تحقيق عبد الله أنيس الطباع وآخر، القاهرة 1957، ص 79.
([7]) البلاذري، فتوح البلدان، ص 95،
([8]) نفس المصدر، ص 27. وقد حدث هذا في أرض بني النضير؛ إذ اشترط عليهم الرسول في الصلح خروجهم من المدينة.
([9]) البلاذري، فتوح البلدان، ص 41.
([10]) نفس المصدر، ص 27، ص 41.
([11]) نفس المصدر، ص 44.
([12]) نفس المصدر، ص 33، ص 39. ونلاحظ أنَّ هذا التفريق بين أرض الصلح وأرض العنوة ذو طابع عملي واضح يستهدف إغراء المسلمين على خوض الحروب مع الرسول؛ فالواقع أنَّ الصلح وشروطه، ما هما نتاج لخشية من قبلوه من قوة المسلمين العسكرية.
([13]) نفس المصدر، ص 300.
([14]) نفس المصدر، ص ص 34 35، ص ص33 34، ص 27، ص 47.
([15]) البلاذري، فتوح البلدان، ص ص 370 371؛ أبو يوسف، الخراج، ص ص 67 70. وإذا استخدمنا منهج ابن خلدون، قلنا أنَّ عمر يعني أنَّ تقسيم الأرض سوف يضعف العصبية العربية؛ عماد الدولة والدين. وتجدر الإشارة إلى تشابه ما أورده عمر بن الخطاب من أسباب مع ما استنتجناه سابقا من أسباب اقرار الرسول أرض خبير ووادي القرى في أيدي أهلها. ففي الحالتين كان منطق مصلحة الدولة هو معيار اتخاذ القرارات.
([16]) أبو يوسف، الخراج، ص ص 87 88.
([17]) ابن عبد الحكم، فتوح مصر والمغرب، تحقيق عبد المنعم عامر، القاهرة، بدون تاريخ، ص 217.
([18]) البلاذري، فتوح البلدان، ص 371؛ أبو يوسف، الخراج، ص 68.
([19]) وقد تسبب ذلك في جدل طويل حول ما إذا كانت مصرقد فتحت عنوة أم صلحا: ابن عبد الحكم، فتوح مصر والمغرب، ص 129، ص130؛ البلاذري، فتوح البلدان، ص ص 301 – 302. وقد وصل الأمر بالذين رأوا أنَّ مصر قد فتحت صلحًا أنْ ابتدعوا خلافًا بين قيرس وإلي مصر البيزنطي وبين الامبراطور، بسبب دفاع قيرس عن القبط – وهو المشهور بعدائه الشديد لهم – فصالح عمرو بن العاص بالنيابة عنهم: ابن عبد الحكم، نفسه ص 107، ص 109 – 110؛ البلاذري، نفسه، ص 302 – 303. والواقع أنَّ فكرة فتح مصر صلحًا تحتاج بالضرورة إلى رئيس للقبط يعقد الصلح فكان قيرس ضالتهم!
([20]) وقد ظلت دواوين الخراج بلغات أهل البلاد الأصلية، حتى تم تعريبها في عهد عبد الملك بن مروان، ربما بفرض أحكام الرقابة عليها. راجع الريس، الخراج والنظم المالية، ص 210 211.
([21]) ويمكن تلمس مثال لهذه المعاناة في نصوص متفرقة لأبي يوسف في كتابه الخراج. ففي ص 128، قال إنَّ ما افتتح عنوة (من أرض البصرة وخراسان) هو أرض خراج. ويؤكد في ص 129، أنَّ الخراج (ويقصد أرض الخراج) هو ما افتتح عنوة من السواد وغيره، وكذلك في ص 130. أما بالنسبة للمستقبل، فنجده يتبنى حلا توفيقيًّا؛ إذ ترك للخليفة حق توزيع الأرض على المقاتلين أو وقفها حسبما يتراءى له، ص ص 135 – 136، ص149.
([22]) ابن عبد الحكم، فتوح مصر والمغرب، ص ص208 209 ؛ أبو يوسف، الخراج، ص ص 96 97، ص 189؛ البلاذري، فتوح البلدان، ص 101. وهنا يتضح تمامًا الهدف من اقرار نظام الخراج، ألا وهو أحكام سيطرة الدولة على الأرض الزراعية. فمن حيث المنطق، يصعب تلمس جريرة تفرق بين من أسلم في عهد لاحق وبين من أسلم في (لحظة الفتح) المنشودة.
([23]) أبو يوسف، نفسه، ص 136.
([24]) نقس المصدر، ص 129، ص 141. ولكن إذا اقتطع الإمام أرضًا منها، فيمكن أنْ يفرض عليها غير الخراج. وسيبحث ذلك لاحقًا.
 ([25]) أرض العشر وحدها هيَ التي تعد بحق ملكية خاصة، وهيَ محدودة المساحة بأرض الحجاز الزراعية، والأرض التي أسلم عليها أهلها قبل الفتح، بالإضافة إلى حالة نظرية وهيَ الأرض المفتوحة عنوة إذا ما قسمها الإمام على المقاتلين: أبو يوسف، نفسه، ص 149.
([26]) نفس المصدر، ص 130،ص 127.
([27]) البلاذري، نفسه، ص 628.
([28]) فتوح مصر والمغرب، ص ص 206 207.
([29]) الخراج، ص 136. اللهم إلا إذا كان ذلك خاصًا بأرض معينة حول العاصمة بغداد بسبب الحركة التجارية النشطة التي كانت قائمة هناك وتأثيرها في تفكيك أشكال الاقتصاد الاكتفائي.
([30]) الخراج، ص ص 179 198.
([31]) يستدعي هذا من الناحية المنطقية، أنه ليس من حق حائز أرض الخراج أنْ يتخلى عن زراعتها، إلا إذا وجد من يحل محله في الالتزام بتأدية الخراج. غير أنه لا توجد في حدود علمنا الضيقة نصوص حول هذا الموضوع.
([32]) ابن عبد الحكم، فتوح مصر والمغرب، ص 208؛ أبو يوسف، الخراج، ص 209، ص 233 ويلاحظ أنَّ أبا يوسف يذكر فكرة معاكسة.. إذ يقرر أنَّ أعمال الري واقعة ضمن مسئولية الحكومة، لأنَّ تخليها عن ذلك يؤدي لنقص الخراج. وهذه فكرة صحيحة في حد ذاتها، غير أنه يبدو لنا أنَّ نظام الري هو الأصل لا الفرع، وذلك لا ينفي وجود تأثير متبادل بين النظامين.
([33]) أبو يوسف، الخراج، ص ص 204 205.
([34]) يجدر بالذكر أنَّ أبا يوسف يؤكد على عدم حق والي الخراج في التنازل عن جزء من الخراج للحائز: الخراج، ص 189. على أنَّ هذا النص إنْ دل على شئ فإنما يدل على ارتكاب بعض ولاة الخراج على الأقل لهذا الأمر.
([35]) الجهشياري، الوزراء والكتاب، ص ص 4 5، الريس، الخراج والنظم المالية، ص ص 73 74. ولا نتفق مع مطابقة المؤلف بين نظام المساحة ونظام جباية الخراج نقدًا.
([36]) ابن عبد الحكم، فتوح مصر والمغرب، ص ص 210 211؛ أبو يوسف، الخراج، ص 87، 70ص - ضياء الدين الريس، الخراج والنظم المالية، ص 245 246. ويجدر بالذكر أنَّ نظام مساحة الأرض وإحصاء الأفراد معروف منذ عهد الدولة الوسطى في مصر الفرعونية على أقل تقدير.
([37]) أبو يوسف، نفسه، ص 97.
([38]) الريس، الخراج والنظم المالية، ص ص 403 404، 406 407.
([39]) الخراج، ص ص 111 112.
([40]) نفسه، ص 227. انظر كذلك نصائح عبد الحميد الكاتب، آخر وزراء الدولة الأموية، لكتاب الخراج في: الجهشياري، الوزراء والكتاب، ص ص 75 – 76.
([41]) أبو يوسف، الخراج، ص ص 228 229. وفي نفس هذا المعنى يورد الجهشياري نصيحة للملك الفارسي سأبور بن اردشير بألا يولى قادة الجند جباية الخراج: الوزراء والكتاب، ص ص 6 7.
([42]) الجهشياري، نفسه، ص ص 217 – 220. وكسر الخراج: نقصه.
([43]) أبو يوسف: الخراج، ص 225.
([44]) نفس المصدر، ص 230.
([45]) الجهشياري، نفسه، ص ص142 143.
([46]) ابن عبد الحكم، فتوح مصر والمغرب، ص 207؛ البلاذري، فتوح البلدان، ص 303.
([47]) البلاذري، نفسه، ص ص313-314.
([48]) ابن عبد الحكم، نفسه، ص 205. ومناطقهم: جذوعهم.
([49]) الجهشياري، الوزراء والكتاب، ص ص 51 52. التشديد من عندنا. النجا: الجلد.
([50]) الريس، الخراج والنظم المالية، ص 245.
([51]) نفس المرجع، ص 416.
([52]) نفس المرجع، ص 446.
([53]) نفس المرجع، ص ص 447 448.
([54]) وذلك بعكس نظام الإقطاع الأوروبي الذي يتسم بطابع المحلية من جهة، كما يتسم بالعلاقة غير المباشرة بين نظام الإقطاع ونظام الضيعة من جهة أخرى. والعاملان معًا يجعلان العلاقة بين السياسة والاقتصاد علاقة غير مباشرة، لذلك لم تشهد أوروبا في عمرها الوسيط ثورات فلاحية عامة.
([55]) أبو يوسف، الخراج، ص ص 362 363.
([56]) الجهشياري، الوزراء والكتاب، ص 311.
([57]) نفس المصدر، ص 299.
([58]) البلازري، فتوح البلدان، ص 31.
([59]) نفس المصدر والصفحة.
([60]) نفس المصدر، ص 382.
([61]) أبو يوسف، الخراج، ص ص 125 126. وهو يذكر أنَّ عمرًا قد أقطع من صوافي العراق. ولكن ذلك يبدو مستبعدًا لما عرف ميل عمر لحبس وجهاء قريش والمسلمين في الحجاز.
([62]) ابن عبد الحكم، فتوح مصر والمغرب، ص 126.
([63]) الريس، الخراج والنظم المالية، ص 390.
([64]) الجهشياري، الوزراء والكتاب، ص ص 117 118.
([65]) أبو يوسف، نفسه، ص 131.
([66]) نفس المصدر، ص 129.
([67]) نفس المصدر، ص 115.
([68]) نفس المصدر، ص 127.
([69]) نفس المصدر، والصفحة.
([70]) نفس المصدر، ص 127،ص 130.
([71]) ويذكر الجهشياري نصيحة لأحد حكماء فارس موجهة إلى كسرى بهذا المعنى. الوزراء والكتاب، ص 7.



ليست هناك تعليقات: