هذه دعوة للعمل على مناهضة قوى الظلام

واستمرار ركب الحضارة الحديثة

This Is A Call To Work Against The Forces Of Darkness And For Promotion Of Modern Civilization


أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 11 يونيو 2011

نحو جبهة ثورية متحدة فى مصر- ما العمل؟




عادل العمري
11 يونيو 2011

1-    مقدمة:
لكل ثورة شرعيتها الخاصة، حسب القوى المشاركة فيها، وحسب تطلعاتها؛ فالثورة لا تقوم في إطار القانون بل ضده؛ فهيَ تشتعل من أجل الهدم ثم البناء، وفي المرحلة الأولى يكون من حقها أنْ تتجاوز كل شرعية قائمة. فالثورة هيَ خروج علني على القانون والدستور والعرف وقوى النظام كافة، وبهذا المعنى هيَ بلطجة شاملة واسعة النطاق؛ وهيَ إذن جريمة في عرف القانون الذي تمردت عليه. وحين تحاكم رموز النظام تحاكمه بقانونها الخاص؛ قانون التمرد؛ قانون الاستئصال والمحو، وهذا لا يحتاج إلى نصوص وصياغات ولا إجراءات قانونية، بل إلى أعراف الثورة حسب طبيعتها وقواها. فمحكمة الثورة هيَ محكمة شعبية تستمد قانونها من روح التمرد وأهدافه لا من النصوص والأعراف القديمة. وإنَّ انتماء أحد إلى النظام أو مناهضته للثورة هو في حد ذاته جريمة تستحق العقاب من وجهة نظر الثورة. المتهم هنا – كما دعا جمال البنا - مدان حتى تثبت براءته. وبعد أنْ تتم مأسسة الثورة تصير هناك شرعية قانونية جديدة.

وإذا كان هناك شرفاء داخل جهاز القضاء والجيش والشرطة والإعلام، فمن الطبيعي أنْ يتركوا هذه المؤسسات لينضموا لقوى الثورة، وليفضحوا جرائم السلطة وشركائها، أو على الأقل يشكلون تكتلات وبؤر ثورية داخل هذه الأجهزة، مناوئة للنظام.
إذا تقبلنا هذا سنعتبر ما حدث منذ 25 يناير في مصر مجرد بداية لعملية ثورية لم تكتمل، وقد تفشل، وقد تقف في منتصف الطريق.
2 - مازال أغلب الناشطين السياسيين يقدمون المطالب والاقتراحات للنظام. فرغم كل ما ارتكبته السلطة الحالية من جرائم، مازالت تُعامل من قبل الكثيرين على أنها حكومة الثورة المنوط بها أنْ تفعل وتفعل وتقدم.. إلخ. وإذا لم يصبح مفهومًا أنَّ النظام لم يسقط، وأنَّ السلطة القائمة هيَ امتداد لحكم مبارك، وأنَّ الثورة المضادة قد استولت على الحكم، فلن يكون هناك أيُّ تحول جذري في مصر. فبادئ ذي بدء من الضروري أنْ يختفي خطاب المطالبة والاقتراح على السلطة، العدو الأول للثورة. فالثورة لن تتم أبدًا إذا لم تستول على مؤسسات الدولة وتجتث النظام القائم، بمؤسساته القمعية شاملة القضاء وتطهير الجيش والمخابرات وتصفية جهاز الأمن بالكامل وإعادة بنائه من عناصر جديدة وعلى أسس ثورية، ومحاسبة عناصر الفساد بحزم وقسوة ومصادرة ممتلكاتها وتصفية جهاز الإعلام الحكومي ومحاكمة مسؤوليه على يد الثوار وتنحية حلفاء النظام من قوى فاشية دينية سواء إسلامية أو مسيحية. وإذا لم يتحقق هذا فلن تزيد النتائج عن حل وسط؛ إصلاح جزئي للنظام نفسه، بعض الإصلاحات الديموقراطية والاقتصادية وستظل مصر دولة متخلفة.
فالثورة المصرية قد أتمت حلقة صغيرة للغاية، تتمثل في تصفية رأس النظام والجناح الأكثر فسادًا فيه، ولكنها لم تمسك زمام الأمور، ولم تطهر الدولة من الرجعية المسيطرة. صحيح أثرت الهبة الضخمة في يناير الماضي في كل ذرة في مصر، ولن تعود عقارب الساعة، ولكن مازالت خطوات كثيرة لم تتم. ولن يتم الكثير مالم يفهم الجميع أنَّ السلطة في أيدي الثورة المضادة الآن وهو الأمر الذي لم يفهمه حتى الآن سوى قلة من المثقفين. وهيَ تحاول أنْ تنقذ ما يمكن إنقاذه من النظام الشمولي.
3 - لم يعد تكرار سيناريو طرد مبارك ممكنًا في ظل موازين القوى الحالية مع الحكومة العسكرية؛ فقد خرج أكثر من 10 ملايين مصري إلى الشوارع وحاصروا المؤسسات الحكومية والقصور الرئاسية وحطموا الحزب الوطني وجهاز الأمن حتى يخرج مبارك من السلطة. أما الآن بعد أنْ أصبح المجلس العسكري مدعومًا بالإسلاميين ومؤيديهم، وبكثير من الفئات التي تعتقد أنَّ هذه هيَ حكومة الثورة، وبأغلب من قالوا نعم للتعديلات الدستورية؛ فقد أصبح من غير الممكن طرد العسكر من السلطة بالمظاهرات الشعبية السلمية، وقد فقد ميدان التحرير سحره بعد تفكك القوى الشعبية وتأييد معظمها للعسكر. يجب أنْ نتعامل بواقعية مع الأمر ونعترف بهذه الحقيقة. ولكي يمكن حشد الملايين وتكرار السيناريو المشار إليه يجب أولًا فضح السلطة وحلفائها على نطاق واسع، وإقناع الجماهير بدورهم في الثورة المضادة، وهذا يتطلب جهدًا إعلاميًّا هائلًا، قد يحتاج لشهور عدة. لذلك فمن غير الممكن الآن فرض فكرة تنحية العسكر وتعيين أو انتخاب مجلس رئاسي وعقد جمعية تأسيسية... إلخ. الخطوة المناسبة الآن هيَ إقناع الجماهير بدور العسكر والإخوان المضاد للثورة، وهذا أمر يسهل شرحه والبرهنة عليه، ويكفي أنَّ السياسة الاقتصادية - الاجتماعية لم تتغير فعليًّا، ومن ثم تشكيل جبهة معارضة قوية ومواجهة الإجراءات القمعية وتواطؤ الحكومة مع قوى الفساد. والأهم أنَّ تقدم قوى الثورة برنامجًا واضحًا للإصلاح الجذري للمجتمع، مقنعًا للجماهير.
لقد أثبتت مظاهرات جمعة الغضب الثانية صحة هذا الكلام؛ فلم تخرج الملايين لتأييد الانتفاضة كما حدث في 25 يناير، وبالتالي لم تستجب السلطة لمطالب الثوار، ولن تستجيب. كما أنَّ التشهير بالثوار من جانب الإسلاميين كان ناجحًا إلى حد ما؛ فبدا الأمر كما لو كانوا يريدون الالتفاف على الاستفتاء والقائلين بـ نعم للتعديلات الدستورية. وهيَ الحقيقة للأسف.
يجب أنْ يتعلم الجميع الدرس: فقد سلمت أغلبية الطبقة الوسطى المصرية للمجلس العسكري، بما فيها اليسار الذي يتفادى الصدام مع السلطة، ويسعى الآن لبناء أحزابه الشرعية ودخول الانتخابات؛ فأصبح على من يرغب في استكمال الثورة أنْ يتجه إلى الجماهير الفقيرة، لأنها صاحبة المصلحة أكثر من غيرها في التغيير الثوري. وهذا يمكن أنْ يجر بعض أقسام الطبقة الوسطى إلى معسكر الثورة من جديد.
4 - بعد أنْ تم الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وقبول أغلب القوى السياسية للإعلان الدستوري، أصبح موقف الثورة المضادة، متمثلة في المجلس العسكري والإسلاميين وأجهزة النظام، أقوى سياسيًّا من قوى الثورة، وصار الكل يتسابق على مقاعد البرلمان القادم، وأصبح من غير الممكن تحقيق مكاسب سياسية مهمة للثوار قبل الانتخابات، التي ربما لن تأت إلا بالإسلاميين أو تمنحهم قوة أكثر.
إلا أنَّ المطالب الاقتصادية للطبقات الدنيا والوسطى تقف مثل كابوس أمام أيِّ حكومة في مصر؛ فما لم يتم إصلاح واضح في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، فلن تتوقف الثورة من أسفل؛ الإضرابات، والمطالبات بتطهير المؤسسات، ووضع نظام عادل للأجور. وهذا هو الضمان الحقيقي لاستمرار العملية الثورية. ومن الضروري تشجيع هذه الثورة من أسفل، كما أنه من الضروري ألا تقف قوى الثورة ساكنة أمام قوانين القمع المختلفة. وتستطيع هذه تعويض ضعفها السياسي أمام الإسلاميين المنظمين جيدًا والمعتمدين على رأي عام يقدس الدين ويفتقد للخبرة السياسية، باستخدام سلاح المطالب الاجتماعية، هو سلاح لا يستطيع هؤلاء استخدامه جيدًا، لأنه ضد مصالحهم. كما أنَّ تنظيم الجماهير في نقابات مستقلة وجماعات فئوية أسهل من تنظيمها في أحزاب ومنظمات سياسية، وحتى النضال الاقتصادي بدون تنظيمات قوية أمر ممكن وفعال. ولن تستطيع السلطة إرضاء الجماهير إلا باتخاذ قرارات سياسية مهمة، ولن تكفي أيُّ معونات خارجية لتسكين الصراع الاجتماعي المتصاعد. ومن المهم ملاحظة أنَّ تصعيد الصراع الاجتماعي سيضم قوى جديدة للثورة لم تشارك فيها من قبل: الطبقات الدنيا، والفلاحين، وسكان الجنوب، مما يدفع بالعملية الثورية إلى الأمام.
ربما يعتقد معسكر الثورة المضادة المشار إليه أنَّ ما تم حتى الآن قد امتص الغضبة الشعبية، وهؤلاء لا يفهمون أنَّ القمقم قد انطلق من عقاله؛ فقد عرف الناس حقوقهم وتدربوا على كيفية انتزاعها، وإذا كانوا قد خدعوا لعدة شهور، فلن يستمر هذا الخداع أمام حقائق التدهور الاقتصادي وانتشار الفقر والبطالة، ولن تكفي الشعارات الدينية إلى الأبد، بل قد تنقلب الجماهير ضدها فجأة أمام حقائق الحياة متزايدة الوضوح.

5 - لا تنجح ثورة بدون قوة مادية، ببساطة لأنَّ النظام يقاوم بكل الأساليب ويستخدم حتى الجيش. وفي مصر يستخدم المجرمين المحترفين والآلة العسكرية. ومالم تمتلك الثورة جيشها، أو ينضم لها الجيش لن تنجح إلا في خلق حالة من الفوضي. إذ لا يمكن تصور أنْ ينضم نظام إلى الثورة التي تقوم ضده، وبالتالي يحتاج الأمر إلى استئصاله بالقوة. ليست القوة المسلحة بالضرورة؛ فهناك أشكال أخرى فعالة: المظاهرات الضخمة، والإضرابات الممتدة، والامتناع عن دفع الضرائب، وتشكيل شرطة بديلة مثل اللجان الشعبية، وشن هجمات شعبية على بلطجية النظام داخل أوكارهم، ومحاصرة مؤسسات الدولة مثلما تم يوم 11 فبراير الماضي.. إلخ.. كل هذه أشكال من استخدام القوة. وتشكل الجماهير المعدمة والمهمشة جيشًا احتياطيًّا هائلًا للثورة، وهيَ لم تنضم لها فعليًّا حتى الآن، وهيَ التي دفعت أكبر فاتورة لتدهور الاقتصاد وارتفاع الأسعار الحالي، وهيَ البعبع الأهم للنظام، وهيَ الغير معنية بتحجيب النساء وإطلاق اللحى، وبالتالي تشكل الوسط الأكثر قدرة على تبني شعارات اجتماعية جذرية وأساليب نضال أكثر فعالية.
6 - إنَّ الخوف من انقسام الجيش لا مبرر له؛ فقواعد الجيش المصري تنتمي للطبقات الشعبية والوسطى وتعاني مثلها؛ فمن المرجح أنَّ مواجهة المجلس العسكري سياسيًّا يمكن أنْ تؤدي إلى عمليات تطهير داخل الجيش وليس إلى انقسامه، بل من الممكن أنْ تتحول المؤسسة العسكرية ككل (باستثناء المجلس العسكري ورجاله) إلى معسكر الثورة إذا ما تم تطهيرها. أما الخوف الزائد من حكومة العسكر فيمنحها الشجاعة لمحاولة تصفية الثورة تدريجيًّا، وهو ما تحاول عمله حاليًّا بتدشين نظام شمولي مصبوغ دينيًّا.
7 - هدف الثورة المصرية الواضح من خلال الشعارات التي رفعتها هو تصفية النظام الشمولي، وبناء الديموقراطية، وإنصاف الطبقات الفقيرة، وتحديث المجتمع ككل. وحتى الآن لم يحدث ما يشير للاتجاه إلى تحقق هذه الأهداف، ولكن انطلاق الحركة الثورية على نطاق واسع واكتشاف الجماهير لقدرتها على التغيير وكسر شوكة جهاز الأمن الرهيب هيَ خطوات مهمة على طريق تغيير النظام ككل.. لقد انطلق السهم، ومن الضروري لكي تستكمل الثورة تحقيق أهدافها أنْ تملك سلطة الحكم.
8 - و الآن ما العمل ؟
 - أقدم دعوة للقوى الشعبية ومن يريد استكمال الثورة إلى تشكيل جبهة ثورية متحدة، مفتوحة أمام الجماهير، تضم كل الأحزاب اليسارية والليبرالية، وكل التكتلات الثورية، بما في ذلك النقابات المستقلة، والجمعيات الأهلية الثورية، تقود وتشرف على العملية الثورية ككل، من إضرابات واحتجاجات، ولجان شعبية، وتصفية نقابات النظام، وطرد رجاله من مؤسسات الدولة، والتفاوض (وليس الحوار) مع العسكر إذا تطلب الأمر. وهذا يتطلب درجة عالية من نضج قوى الثورة، وروحًا عملية، وأفقًا رحبًا لتجاوز الخلافات الجزئية والشخصية. لم يعد من المعقول أنْ تنقسم قوى الثورة إلى مئات التجمعات الصغيرة والأحزاب الضعيفة رغم تشابه الأهداف والبرامج.
مشروع برنامج عام للجبهة المقترحة:
 - تصدر الجبهة مشروع دستور ديموقراطي فور تشكلها وتعرضه للنقاش العام.
 - تنشيء الجبهة مواقع إعلامية من كل نوع ممكن، بما في ذلك قناة فضائية، والعمل على فضح السلطة وحلفائها الإسلاميين ومن باعوا أنفسهم لها مقابل المناصب والمزايا.
 - إصدار برنامج حد أدنى مشترك للقوى المكونة للجبهة، يصلح لخوض أيِّ انتخابات قادمة، وللتنفيذ إذا نجحت الجبهة في الاستيلاء على سلطة الدولة، يكون أساسًا لإقامة دولة ديموقراطية حديثة، مرجعيتها حقوق الإنسان المتفق عليها عالميًّا.
 - دعوة وقيادة الجماهير لتشكيل نقابات مستقلة، ومقاطعة النقابات العميلة القائمة، وتحقيق استقلال الجمعيات الأهلية عمليًّا برفض كل تدخل حكومي في شؤونها.
 - والأهم إعادة تشكيل اللجان الشعبية وتوسيع نشاطها، ليشمل الأمن وملاحقة البلطجية والمعتدين على السكان واعتداءات الشرطة التي ماتزال تحدث، ومحاسبة من يمارس التعذيب داخل أقسام الشرطة، والتدخل في عمل مؤسسات الدولة، وانتزاع كل ما تستطيع من السلطات، مثل الإشراف الشعبي من خلالها على إدارة المدارس والكليات وأجهزة الإعلام الحكومية، والقيام بعمل العمد والمحافظين، وتنحية هؤلاء عمليًّا.
 - الضغط على السلطة وأصحاب الأعمال لرفع الحد الأدنى للأجور وتخفيض الحد الأقصى، وتحقيق مشاركة العمال في الإدارة في كل المؤسسات حتى الخاصة (وهذا يحدث في بلدان عريقة في الرأسمالية) وطرد العناصر الفاسدة والمعادية للثورة، واستخدام سلاح الإضراب والاعتصام لتحقيق ذلك.
 - رفض المشاركة في الانتخابات القادمة في ظل قانون الأحزاب الحالي، وقانون الطوارئ، وقانون تحريم الاحتجاجات، والإعلان الدستوري اللاديموقراطي، والذي يشمل كوتة العمال والفلاحين والمرأة وغير ذلك من المواد المعيقة للعملية الديموقراطية، وفي ظل وجود المحافظين المعينين، والمجالس المحلية الحالية، والعمد المعينين.. إلخ. فإما أنْ تغير السلطة هذه القوانين، وإما أنْ تستمر الجبهة في مجابهتها والتصعيد حتى العصيان المدني.
 - على الجبهة أنْ تتخذ موقفًا حاسمًا ضد الإسلاميين، باعتبارهم قوى فاشية تسعى لفرض أفكارها بالقوة على المجتمع باسم الدين. لقد أثبت هؤلاء ميلهم إلى خيانة الثورة في أيِّ لحظة، إذا ما وجدوا في ذلك مكسبًا لجماعاتهم فحسب، ولو على حساب مستقبل البلاد، وطالما تآمروا مع النظام منذ عهد الاستعمار الإنجليزي ضد الحركة الشعبية. فمشروعهم هو توسيع تنظيمهم، باعتباره مجتمعًا موازيًا حتى يلتهم المجتمع كله، دون أنْ يمتلكوا أيَّ مشروعٍ تحديثي حقيقي. وهم رغم زعمهم ربط السياسة بالأخلاق لا يلتزمون بأيِّ قواعد أخلاقية، بل يمارسون سياسة انتهازية صريحة وواضحة. وفي الواقع هم الآن حلفاء السلطة العسكرية ويؤيدون سياسة السلطة المعادية للثورة. ومع ذلك لا يوجد ما يمنع من عقد اتفاقات جزئية معهم إذا كانت تحقق أهداف الثورة. كما أنَّ بعض مجموعاتهم يمكن أنْ تنشق وتنضم لقوى الثورة.
 - يجب منذ الآن وقف أيِّ حوار مع السلطة، ومقاطعة كل من يشترك في الحوارات واللقاءات الدائرة مع العسكر ووزارة شرف، كما يجب التوقف عن تقديم الاقتراحات على الحكومة، وكل ما يمكن أنْ تفعله جبهة ثورية هو انتزاع حقوق الشعب وتنظيم الجماهير.
 - مع نمو قوة الجبهة واستجابة الجماهير لها يمكن تصعيد أعمالها باستمرار حتى إقامة سلطة وطنية ديموقراطية.


الأربعاء، 8 يونيو 2011

مأزق الديموقراطية




عادل العمرى
يونية 2011

-         ليس لأحد حق طبيعى فى تقرير ما يستحقه الشعب، ولكن هناك سؤال مشروع يستحق البحث والإجابة: هل الشعب يريد الديموقراطية؟ والمقصود هنا بالديموقراطية النظام الديموقراطى وليس حق الاختيار مرة واحدة؛ ليست ديموقراطية الصناديق، بل الثقافة الديموقراطية والنظام السياسى الديموقراطى. كم فى المائة من شعبنا مقتنع بحقوق الإنسان؟ وكم فى المائة مؤمن بحرية الاعتقاد (أي دون قتل أو استتابة المرتد) ومن يؤمن بحق الفرد فى التصرف فى عقله وجسده بحرية؟ وما نسبة المقتنعين بالمساواة بين الناس بغض النظر عن الجنس والدين واللون...؟ من يعتقد أن المرأة إنسان كامل العقل والجسد. ولنتذكر أن الشعوب اختارت حكم الفاشست بكل حرية فى أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية ومن خلال صناديق الاقتراع.
-         وهذا السؤال يشمل الجمهور العادي وجل النخبة المتعلمة والمثقفة. ومن الغريب أن الانتخابات التى يعد لها الآن ستكون المنافسة الديموقراطية – أساسًا - بين قوى سياسية غير مؤمنة بالديموقراطية حقًّا: الإسلاميين الفاشست والليبراليين الخائفين من الإسلاميين ويسعون للتحايل على نتائج الاستفتاء الأخير ويدعون العسكر إلى تأجيل اللعبة الديموقراطية. وهذه دعوة ضمنية للمجلس العسكرى للتحالف. والطريف أن الفاشست يبدون أكثر ديموقراطية من الليبراليين؛ فهم الذين ينادون باحترام إرادة الشعب وما قرره الـ 77% القائلون بنعم، بينما ينادى الليبراليون بعدم اعتبار هذه الأغلبية المضللة كما يقولون. والكل يتناسى أن اللعبة الديموقراطية هى عملية نصب وتضليل؛ فالمسألة تتعلق بالسلطة لا بالمبادئ..فهذه هى الحياة السياسية.
-         رغم نمو قوة الليبراليين فى مصر مازالت الثقافة السائدة معادية لليبرالية، مما يضعهم فى مأزق التناقض بين مبادئهم ومصالحهم السياسية، وقد أدى انتصار الانتفاضة التى قادوها ضد الحزب الوطنى إلى إطلاق عفريت الفاشست من قمقمه، وأصبح للجماهير التى لم تشارك فى الانتفاضة أو كانت ضدها صوت فى الانتخابات.
-         السؤال الآن لليبراليين: هل من الأفضل على المدى الطويل التمسك بالمبدأ أو بالمصلحة السياسة؟ إجابتى الخاصة : المبادئ أهم حتى لو أتى الفاشست إلى سدة الحكم (رغم أن هذا مستبعد)، ولتتعلم الجماهير من التجربة مهما كان الثمن فادحًا.