السبت، 21 نوفمبر 2020

ثورة "الفؤوس" في عهد الخديو إسماعيل بصعيد مصر:

 


تسمى بهذا الاسم نظرًا لاستخدام المتمردين للفؤوس في مقاومة السلطات، وكذلك استخدمت قوات الحكومة الفؤوس بجانب المدافع والنيران. وقد وصفها الأجانب الأوربيون بالثورة الاشتراكية. وقد قامت في الصعيد عام 1864، واستمرت لمدة عام حيث تم إخمادها عام 1865. وقد بدأت الانتفاضة في قرية السلوى بحري بمركز إدفو بأسوان. وقد امتدت إلى 10 قرى بمحافظتي أسوان وقنا.

كان قائد الانتفاضة هو الشيخ الصوفي: الطيب أحمد عبيد ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻤﺮﻛﺰ ﺃﺭﻣﻨﺖ (ﺑﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﺍﻷﻗﺼﺮ ﺣﺎﻟﻴﺎ) الذي طالب ومعه المتمردون بـ:

- العدالة الاجتماعية ورفع الظلم عن المواطنين العرب الذي يمارسه الأتراك والأجانب الذين كانوا يسيطرون على الصعيد آنذاك.

- توزيع الأراضي علي أبناء قبائل العرب والفلاحين دون الإقطاعيين الأجانب في محافظتي قنا والأقصر.

وبسبب هذه المطالب وصف الرحالة الأجانب الشيخ الطيب بأنه اشتراكي وشيوعي. وقد أتاه الفلاحون من كل صوب وحدب في جنوب الصعيد وهم يحملون فؤوسهم متضامنين معه؛ فقراء المسيحيين جنبًا إلى جنب مع فقراء المسلمين.

وقد سبق لوالد الشيخ الطيب تزعم تمرد عام 1820 بمدينة قفط جنوب قنا، وقد انضم إليه وقتها ﻧﺤﻮ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ألفًا، منهم جنود وضباط من جيش محمد علي. ﻭقد أنشا حكومة مستقلة ﻭﺿﺮﺏ وصادر ممتلكات الدولة. وقد تم قمع التمرد بالمدافع، وفي النهاية هُزم الثوار وهرب قائدهم إلى العراق.

دوافع ثورة الفؤوس:

كان الأوربيون يسيطرون على ﺤﻴﺎﺯات ﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ﺷﺎﺳﻌﺔ، بجانب نفوذ إداري قوي. كما كانت البواخر الأوربية والسودانية تحمل وتفرغ بضائع على مدى الأسبوع لصالح أولئك التجار. وقد حوَّل التجار الأوروبيون قنا إلى سوق كبير للحبوب وبخاصة القمح، بجانب السلع التى حملتها القوافل السودانية إلى قنا. وانتشر فى مدن وقرى قنا القناصل التجاريون وموظفو الدول من أجل قضاء مصالحهم.

ﻭﻗﺒﻞ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﻌﺎﻣﻴﻦ ﺩﺧﻞ أحدهم مزادًا ﻟﺸﺮﺍﺀ ﻧﺤﻮ 3318 فدانًا ﻓﻰ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﻐﻨﺎﻫﺎ ﻓﻰ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻘﺼﺐ، اﺷﺘﺮاها بسعر ﺛﻼﺛﺔ ﻗﺮﻭﺵ ﻟﻜﻞ ﻓﺪﺍﻥ، ﻛﻤﺎ اﺷﺘﺮﻯ ﻓﻰ ﺻﻔﻘﺔ أخرى 11 ﻓﺪﺍﻧﺎ ﻣﻦ ﻓﻼﺣﻴﻦ ﻓﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ بسعر بخس. وأدى ذلك إلى استياء الفلاحين ولجوئهم ﺑﺎﻟﺸﻜﻮﻯ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ مدعين أنه قد ﺧﺪﻋﻬﻢ كي ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﺒﻴﻊ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﻢ، ﻟﻜﻦﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺭﻓﻀﺖ شكوى ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ، ﻭاﻋﺘﺒﺮﺕ الصفقة ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ، مما اثار غضبهم. وتمتع الأجانب بحماية الدولة لاستغلالهم البشع للفلاحين وضمان أعمالهم.

وكانت السخرة عمومًا تثير الفلاحين (على سبيل المثال أخذ من مديرية قنا وحدها 25 ألفًا ليشتغلوا ستين يومًا في السخرة، وفرض على كل رجل أن يحضر طعامه، ومن يريد أن يدفع بدلًا نقديًا لابنه طولب بدفع 1000 قرش، وهو مبلغ ضخم بأسعار ذلك الزمان، وخاصة بالنسبة للفلاحين الفقراء. كذلك ﺃﺛﺎﺭ الفلاحين العمل بالسخرة في منجمي ﻔﺤﻢ ﻭﻜﺒﺮﻳﺖ مؤجرين من قبل الحكومة للأجانب، مما دفعهم للهروب من العمل.

شرارة الانتفاضة ومقدماتها:

- في الشهور السابقة على الانتفاضة اعتاد المطاريد في جنوب الصعيد مهاجمة ﺍﻟﺒﻮﺍﺧﺮ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﻨﻴﻠﻴﺔ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺷﺒﻪ ﻳﻮﻣﻴﺔ والاستيلاء على محتوياتها.

- وقد ﺃﻃﻠﻖ ﺍﻟﻔﻼﺣﻮﻥ ﻣﺎﺷﻴﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺑﻘﺎﺭ ﻭﺃﻏﻨﺎﻡ ﻓﻰ أراضي ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ المسيحيين ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻭﻧﻴﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﻓﻰ ﺷﻤﺎﻝ ﻗﻨﺎ، ﻣﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﻣﺤﺼﻮﻟﻪ.

- ﻗﺎﻣﺖ ﻗﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺮﺍﺷﺪﺓ ﻏﺮﺏ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻗﻨﺎ ﺑﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻋﻦ أراضي ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ.

أحداث التمرد:

-- بدأت الانتفاضة بإحراق مركب نيلي يتبع دولة بروسيا وإغراقه (ذكر البعض قصة غريبة عن خلاف بين شخص مسيحي ( تم قتله على يد الشيخ الطيب) وجارية مسلمة دون شرح كيف أدى هذا إلى تمرد شارك فيه المسيحيون! وربما كان هذا المسيحي متعاونًا مع التجار الأوربيين مما أثار الفلاحين).

- ﻫﺎﺟﻢ ﺍﻟﻤﺘﻤﺮﺩﻭﻥ قاربًا ﻳﻤﻠﻜﻪ ﺗﺠﺎﺭ ﻳﻮﻧﺎﻧﻴﻮﻥ وﺳﻠﺒﻮﺍ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎته وقتلوا من كان عليه (حادث القتل مشكوك فيه).

- شارك مطاريد الجبل في الانتفاضة بجانب 10 قرى في جنوب الصعيد.

- تم تسيير تجريدة عسكرية من قبل الوالي للشيخ الطيب، فأمرالأخير أتباعه بالإمساك بالأحجار والفؤوس، وحين اقتربت المراكب المحملة بالجنود ألقى الفلاحون الأحجار عليها. كما قتل الثائرون 200 من جنودها وأغرقوهم فى نهر النيل، مما أجبرها على الانسحاب، فولت هاربة ورجعت إلى مديرية جرجا وتمركزت هناك.

وبعد انهزام التجريدة العسكرية الأولى أمام الثوار، قرر الخديو إرسال التجريدة الثانية. وقد استطاعت هذه أن تحاصر الثوار وتضطر قائدهم إلى الهروب للجبال حيث اختفى تمامًا. وقد قام جيش الخديو ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ بتعذيب الفلاحين بوحشية لدرجة ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﺨﺪﻳﻮ نفسه ﻳأمر ﺑﺈﻳﻘﺎفه. وقد انتهى الأمربمقتل 1400 -1600 ثائر، قتلوا بالمدافع والفئوس، بجانب تدمير ثلاث قرى وتشريد سكانها.

كما تم إعدام 45 ضابطًا من الجيش أمام الجنود لتمردهم وانضمامهم للفلاحين.

 


الأحد، 27 سبتمبر 2020

تحليل باكونين للبيروقراطية كطبقة اجتماعية خاصة - عرض نقدي

 

 

 

 

 

(اعتمدت في هذه المقالة على مقال فيليب كوريا: "الطبقات الاجتماعية والبيروقراطية في نظر باكونين"[1]، مع إيضاحات وشروح وانتقادات من جانبي)

 

عادل العمري

17 سبتمبر 2020

 

كانت الدولة دومًا بمثابة الإرث الذي تتمتع به الطبقة المتميزة: الطبقة الكهنوتية، والطبقة الأرستقراطية، والطبقة البرجوازية، والطبقة البيروقراطية في النهاية

                              ميخائيل باكونين

 

 

ملحوظة مبدئية: المقصود هنا بالدولة آلة الدولة State  وليس البلد Country  أو الحكومة Government؛ تلك الآلة التي تتكون من الجيش وأجهزة الأمن وأدوات العنف "الرسمي" المختلفة.

المقصود هنا أيضا بيروقراطية الدولة وليس البيروقراطية عموما

               ***************************

عاش ميخائيل باكونين في الفترة من 1814-1876، قبل تحقق نظرية ماركس وإنجلز لدى انتصار الثورة الروسية عاد 1917. وقد قدم باكونين الأفكار التي نعرض لها هنا في سياق صراعه ضد ماركس، والواضح أن جل تصوراته عن البيروقراطية قد ثبتت واقعيتها، سواء في عصره أو قبله وبعده. فظاهرة البونابرتية وحكم الطبقة البيروقراطية في البلدان الاشتراكية، واتساع نفوذ الدولة الحديثة تؤكد بما لا يدعو مجالًا للشك أن وجهة نظر باكونين حول كون البيروقراطية هي طبقة اجتماعية نظرية لها أساس واقعي واضح. وهي رؤية تنقض رؤية الماركسية التي لا ترى في الدولة وبيروقراطيتها سوى مجرد أداة في يد الطبقة المسيطرة، حتى حين تحكم مستقلة عنها في حالة البونابرتية، فلم يشر ماركس وإنجلز أبدًا إلى أن البيروقراطية هي طبقة اجتماعية (لكن ربما يوحي وصفه لسمات نمط الإنتاج الآسيوي بأن الدولة – وليس البيروقراطية بالتحديد -  في هذه الحالة بالتحديد هي الطبقة المسيطرة). وكان باكونين يقول لماركس: دعنا نتساءل؛ إذا ما أصبحت البروليتاريا طبقة حاكمة، فعلى من ستمارس سلطتها؟ باختصار ستظل هناك بروليتاريا أخرى تكون خاضعة للحكم الجديد، لتلك الدولة الجديدة، فإن قياديها سيحلون مكان الطبقة الحاكمة التي حاربوا ضدها. وهو ما تحقق بالفعل فيما يشبه النبوءة. ويضيف باكونين: "إن كل سلطة دولة، وكل حكومة، بطبيعتها، تضع نفسها خارج وفوق الناس، وإنه لأمر محتم أنْ تقوم بإخضاعهم لتنظيم وأهداف غريبة عنهم ومضادة لاحتياجاتهم الحقيقية ولطموحاتهم".

وقد ذهب باكونين إلى أن هيمنة الدولة لا تتحقق فقط من خلال علاقتها بالطبقة السائدة، بل وكذلك لأنها تمتلك القدرة على توليد وإعادة توليد طبقة مهيمنة أخرى: البيروقراطية.

تمتلك البيروقراطية السلطة وتحتكر صناعة القرار السياسي. فهي جماعة من السياسيين المميزين بحكم الواقع لا الحق، مكرسة تمامًا لإدارة شؤون البلد، مشكِّلة أرستوقراطية أو أوليجاركية سياسية. أما امتيازاتها، من امتلاك القوة واحتكار القرار السياسي، فتتمتع بها قلة، لكن غالبية أفرادها ليست مندمجة في جهاز الدولة، لكنها تشكل واجهة مهمة للبيروقراطية وقاعدة تؤمن سيطرتها. 

والبيروقراطية تنبثق عن الدولة، مشكلة قاعدة اجتماعية لها، وهي التي تخلق وهم معقولية الدولة وضرورة وجودها، وهي التي تجعل من الدولة شيئًا واقعيًا؛ قوة ذات مضمون محدد. وهي التي تبلور فكرة معكوسة في الحقيقة؛ أنها هي التي تشكل جهاز الدولة وليس العكس. وفي النهاية تبدو البيروقراطية وكأنها هي الدولة نفسها، أو ما أسماه باكونين: الجسد الكهنوتي للدولة.  وهنا يبدو كأنه يرد مقدمًا على ماكس فيبر( 1864 -1920).

مع ظهور الدولة الحديثة وتقويتها، فإنها تنسجم وتتداخل مع البيروقراطية، التي على الرغم من أنها تأتي من طبقات مختلفة، تعطي معنى ومضمونًا للدولة نفسها. وهذه ينتهي بها الأمر بالدفاع عن مصالح الدولة، بجانب تكريس مصالحها الخاصة باعتبارها طبقة منفصلة، وتبرر وجودها الحاجة إلى إدارة عقلانية للسياسة. وإن ملكية البيروقراطية لوسائل الإدارة والسيطرة والإكراه، بما يتجاوز المصالح السياسية المتعلقة بالسلطة، تعني أيضًا مزايا اقتصادية لأفرادها، والتي قد تكون مؤقتة إلى حد ما، وتتشكل بآليات وراثية، وبالتجنيد من بعض الطبقات الاجتماعية أو المنتخبة "ديمقراطيًا" من بين السكان..

وتميل البيروقراطية إلى أن تكون مستقلة عن الدولة، بالضبط مثلما تميل الدولة إلى أن تكون مستقلة عن المجتمع ككل.  هذا الميل إلى استقلال البيروقراطية يتشكل دائمًا وهو في حالة توتر دائم مع آليات العلاقات بين الدولة والمجتمع المدني بشكل عام، وبين الدولة والطبقات الاجتماعية على وجه الخصوص. كما أن هناك توترًا مستمرًا، بدرجات متعددة تتراوح بين الكمون والسفور، بين الأصل الطبقي لأعضاء البيروقراطية والطبقة البيروقراطية نفسها. وبخصوص مصالح أفرادها، فعلى الرغم من أنها لا تنشأ آليًا من موقعهم الوظيفي، إلا أنها تتأثر به بالتأكيد. وبغض النظر عن هذا التوتر، تميل الطبقة البيروقراطية إلى تطوير مصالحها الخاصة، على الرغم من سعيها إلى التوفيق بينها وبين القوى الاجتماعية الأخرى.

عندما يبدأ الناس في إدارة الدولة، فإنه يحدث تداخل بين  المنطق غير المرن لتركيبتها وعوامل تكوينية أخرى تمليها اعتبارات معينة لمنظومتها الهرمية، وبين مصالحها السياسية. يضاف أن مصالح أو طموحات أي كيان معين تكون دائمًا أقوى من المشاعر والدوافع الخفية ونوايا الخير لأفراده. لهذا السبب يمكن أن نرصد تناقضًا واضحًا بين السلوك الشخصي للحاكم مع سياسة دولته.

وبمرور الوقت، تتعزز بنية الدولة وتصبح قادرة على إعطاء استمرارية لعلاقات الهيمنة، ذلك أنها قادرة  - إلى حد كبير- على تشكيل مصالح أعضائها وتكييفها في طبقة اجتماعية متميزة. لقد تم إنشاء هيكل الدولة لضمان الهيمنة الطبقية، وبالتالي تبقى مستقلة عن إرادة أعضاء البيروقراطية، بغض النظر عن أصلهم الطبقي. بالإضافة إلى ذلك فبمجرد اندماج هؤلاء الأعضاء في هذه الطبقة البيروقراطية، يصبحون، بطريقة أو بأخرى، أعداء للشعب؛ فحتى لو لم يرغبوا في ذلك كأفراد، فإن أعضاء البيروقراطية محكوم عليهم بتعزيز الهيمنة لأنهم يجسدون هيكلًا مهيمنًا بشكل أساسي. النتيجة أن تحليل سياسة دولة ما ينبغي ألا تركز على شخصية أفرادها، بل على المنظومة ككل.

تتمتع البيروقراطية بوضع مستقل نسبيًا عن الطبقات المهيمنة الأخرى. ويكون الدفاع عن مصالح الطبقات المسيطرة هو مبرر وجود الدولة والطبقة البيروقراطية. كما يمكن أن تمارس البيروقراطية عملية الإدارة بطرق مختلفة، في علاقتها مع الطبقات المسيطرة الأخرى، فهكذا تحقق مصالحها بأكثر الأشكال انسجامًا مع مصالح الطبقة المسيطرة اجتماعيًا. فتدافع الدولة عن مصالح إحدى الطبقات المهيمنة دون بقية المجتمع، حسب ظروف وتكوين المجتمع، فتتخذ شكل نظام ملكي إقطاعي، نظام دستوري، أو حكم ثيوقراطي.. في الحالة الثانية، التي تبدو الأكثر شيوعًا، تجد الطبقات المسيطرة اجتماعيًا نفسها متحدة ضد الجماعات التي تستغلها. ويضيف باكونين أنه يضاف إلى هذا الاستغلال الاجتماعي استغلال إضافي من قبل الدولة نفسها، وهو استغلال يتم بوسيلة سياسية، ويمكن أن يتعارض ذلك  - في أوقات معينة - مع أشكال استغلال التي تمارسها الطبقات المسيطرة اقتصاديا. وفي هذه الحالة تتولى الدولة الدفاع عن الجماعات الواقعة تحت نير الاستغلال. ولكن في النهاية ما  يسود هو اتحاد مصالح الطبقات المسيطرة، بحيث أن طبقة البيروقراطية لا تتأخر في الاتحاد معها لضمان الاستغلال الاجتماعي.

ويمكن استنتاج – حسب أطرحات باكونين - أنه يمكن أن تتخذ علاقة البيروقراطية  بالطبقات المسيطرة الأخرى أحد طريقين: الأول، وهو الأقل تواترًا، عندما تدافع ببساطة عن مصالح أحدها. والثاني؛ الأكثر شيوعًا، عندما تشكل البيروقراطية مع تلك الطبقات  حلفًا واحدًا لاستغلال الطبقات المضطهدة بشكل عام.

ويرصد باكونين حالة تقف فيها الدولة مدافعة عن مصالح المحرومين ضد الطبقة المسيطرة (مثلما الحال في حالة البونابرتية والاشتراكية). فهناك فترات تصبح فيها الدولة أكثر عداءً للطبقات المتميزة من الناس، بدافع غريزة البقاء التي قد تدفع آلة الدولة إلى العمل ضد منطق الهيمنة الطبقية. إلا أن هذه الفترات لا تدوم طويلًا، لأن الدولة، مهما كانت، لا تستطيع العيش بدون الطبقة المسيطرة اقتصاديًا ولا تعيش هذه الأخيرة بدون دولة. وهذا يحدث في بعض الظروف عندما تدفع البيروقراطية آلة الدولة إلى القيام بتقويض مصالح الطبقات المهيمنة الأخرى في سبيل الضمان طويل الأجل لاستمرارية النظام الاجتماعي الطبقي. ولا يتم تأسيس هذه الوضعية من خلال مصلحة الدولة في الدفاع عن الطبقات المهيمنة، ولكن من خلال حرصها على ضمان عمل النظام. لهذا السبب، تعمل الدولة في مواقف محددة ضد مصالح الطبقات المهيمنة، سواء كانت ضد كل هذه الطبقات، واحدة منها أو بعض أعضائها على وجه الخصوص. ونجد هذه الظاهرة بالغة الوضوح في حالة البونابرتية، وتشكل مصر الناصرية حالة نموذجية لها.

                  **************************

استنتاج: الواضح أن باكونين قد اعتبر البيروقراطية هي طبقة اجتماعية تشكلها آلة الدولة لتلائم مصالحها وطريقة عملها. في نفس الوقت تلعب دورًا هامًا في خلق الوهم حول ضرورة الدولة تاريخيًا. وهذا الدور هو دور أيديولوجي مهم للغاية، وهو أحد أهم أسلحة الدولة. وبالتالي تجعل البيروقراطية من الدولة فاعلًا رئيسيًا في النظام الاجتماعي وليس مجرد آلة صماء. إنها إذن طبقة ملحقة عضويًا بآلة الدولة؛ وهي طبقة وظيفية، متميزة عن أفرادها، بل هي (وآلة الدولة) التي تختارهم لعضويتها من طبقات مختلفة. وبالتالي تقوم بصهر أولئك الأفراد في جسدها، متجاوزة لتوجهاتهم وأفكارهم ومشاعرهم الشخصية.

           ************************** 

أخيرًا نقدم هذا النقد لأطروحة باكونين: في تحليله التاريخي للدولة، أشار  إلى أنها تأسست كأداة للسيطرة الطبقية ونتيجة للصراع الطبقي، وهو هنا يتفق مع الماركسية. في هذه العملية، تخلق طريقة عمل محددة تتضمن الهيمنة المعممة التي ترتبط بها البيروقراطية ارتباطًا مباشرًا. لكن في الواقع التاريخي سادت آلية لنشوء الدولة قبل تكون الطبقات وظهور الصراع الطبقي، من خلال غزو القبائل بعضها لبعض، وبالتالي كان نشوء الطبقات معلولًا بنشوء الدولة في غالبية الحالات، وهذا أيضًا يعلل العلاقة الوثيقة مع الطبقة المسيطرة مع استقلال الدولة النسبي. بل كانت البيروقراطية في كثير من الحالات هي نفسها الطبقة المسيطرة اجتماعيا، كما كان الحال في البلدان الشرقية عمومًا (حللنا هذه المسألة في كتابنا: الثورة المستمرة، الفصل الرابع[2]).

ولم يرصد باكونين ما يسمى بـ "الدولة العميقة". وهذه تتشكل من العناصر المتنفذة في قاع جهاز الدولة الرسمي والطبقة البيروقراطية، أو تشكل أذرعًا له من خارجه. وهي تشمل فيما تشمل أفرادًا وقطاعات من قاعدة البيروقراطية التي اعتبرها باكونين غير مندمجة في جهاز الدولة وبالتالي ليست جزءًا من الطبقة البيروقراطية. لكن في الواقع يشكل جزءٌ من الدولة العميقة شريحة مهمة من الطبقة البيروقراطية، كما يشكل جزءٌ آخر منها آلة دولة ظل أو دولة خفية (مثل البلطجية الرسميين؛ المتعاونين مع الدولة)، وقد كان ماركس مدركًا لدور ذلك القطاع الرث، أسماهم حثالة البروليتاريا، في ضرب الثورات لصالح الطبقة المسيطرة.

وقد تصور باكونين أن الدولة لا تستطيع أن تعيش بدون الطبقة المسيطرة اجتماعيا ولا العكس كذلك. لكنه لا يضع البيروقراطية ضمن تلك الطبقات، بل منحها وضعًا خاصًا، حيث إنها من إنتاج الدولة. وهذا التصور يتغافل إمكانية أن تكون الدولة وبيروقراطيتها هي نفسها الطبقة المسيطرة اجتماعيًا، كما هو الحال في الدول الشرقية القديمة، أو ما سماه ماركس بنمط الإنتاج الآسيوي. وما يمكن استنتاجه من كلمات باكونين أن وضعية هيمنة البيروقراطية على المجتمع وتبنيها شكليا لمصالح المضطهدين تكون دائمًا عابرة. لكن ما هو مغزى قيام الدولة بالتصفية الكاملة للطبقة المسيطرة اجتماعيا، فمن يحل محلها في هذه الحالة؟ ألم تشكل البيروقراطية السوفيتية وآلة دولتها الطبقة المالكة والحاكمة في ذات الوقت؟ ونفس الشيء ينطبق على بقية الدول الاشتراكية، وبلدان "نمط الإنتاج الآسيوي".

 

 

الأحد، 28 يونيو 2020

أيمن نور وقناة الشرق


عادل العمري


تابعت هذه القناة منذ حوالي سنة، أساسا لكي أعرف أخبار مصر التي لا ينشرها الإعلام المصري.
ما اقتنعت به أن كل الدعاية والتحريض الذي يمارسه رجال أيمن نور يغرق في بحر بلا قاع لعدة أسباب:
- المشروع البديل للسيسي هو إحياء مشروع الإخوان والرئيس محمد مرسي، الذي فشل وتم نبذه من قبل الجمهرة العظمى من المصريين، وأن أي حكم من أي صنف يعتبرونه أقل سوءا من حكم الإخوان.
- الدعوة المستمرة والإلحاح في "لم الشمل" والتوحد بين العلمانيين والإخوان من جديد لمواجهة السيسي. ومالا يستطيع أن يستوعبه أيمن ورجاله أن هذه المرحلة قد طويت إلى الأبد، وأن المعارضة العلمانية قد أخذت درسا لا يُنسى من التحالف السابق قبل وبعد ثورة يناير 2011.
- الخطاب الذي تقدمه قناة الشرق خطاب ديني طائفي: فلم يستطع فريقها في مجمله نسيان أن العالم ينقسم إلى مسلمين وكفار، ولا أن هناك فرقا بين اليهود والصهيونية. هؤلاء يعتقدون حتى الآن أن المسيحيين في مصر مميزون، وأن الحكومة تحارب الإسلام، ويؤيدون تركيا في كل سياستها بحجة أنها دولة مسلمة فقط لا غير وأنها تساعد المسلمين حسب زعمهم، بل ويمجدون الغزو العثماني القديم والدولة العثمانية لأنها في نظرهم حافظت على الإسلام، دون النظر إلى جرائمها البشعة في حق سكان الشرق الأوسط.
 لا يقدم أيمن نور ورجاله أي مشروع عملي للنضال الشعبي ضد حكم السيسي، بل يعتبر معتز مطر – مثلا -  أن الدعاء هو أهم سلاح في هذه النضال! كما تتم دعوة الجماهير إلى الخروج دون خشية الموت بينما يخشون هم الاعتقال فيقيمون في الخارج.
- تهاجم القناة إصلاحات السعودية مثل تحرير المرأة - إلى حد ما- والسماح بالعروض الفنية، واعتقال شيوخ الوهابية.. إلخ، بل ويتم استخدام ألفاظ مثل: الفجر والفسوق والانحلال لوصف هذه التغيرات. إذن هل يريد السيد أنور نور استمرار سيطرة الوهابية وتطبيقها في مصر أيضا؟!

الواضح من كل هذا أن مشروع أيمن نور وقناة الشرق ليس تغيير النظام المصري، بل تعزيز معسكر تركيا في مواجهة معسكر السعودية فقط لا غير. ولأن هذا التوجه مكشوف فلن يستجيب عموم المصريين لدعايته. بل يلعب خطابه دورا في تخويف الشعب المصري من مواجهة السلطة حتى لا يكسب الإخوان ويحكمون من جديد.

رد الدكتور أيمن نور:

رداً على مقاله عن أيمن نور وقناة الشرق د. عادل العمرى .. ثلج ساخن مقال نشره الدكتور عادل العمرى، على صفحته بالفيسبوك تحت عنوان (أيمن نور .. وقناة الشرق) .. ولمن لا يعرف كاتب المقال فهو – كما يعرف نفسه – طبيب قلب وأوعية دموية، يعمل بالسعودية، تغيرت أفكاره من القومية، إلى الإسلام السياسى، إلى الماركسية، ومنذ سنوات قليلة، انتقل فكرياً من الإشتراكية إلى الليبرالية، ويعرف نفسه تعريفاً، فريداً ومتصادماً، عندما يقول : "أعتبر نفسى الآن ماركسياً ليبرالياً" (!!) .. العمرى لم يدرس العلوم الإجتماعية أو السياسية، إلا أنه أنتج عدد من الكتب فى هذا المجال أبرزها "الناصرية فى الثورة المضادة" وعدد من البحوث والمقالات فى نقد ثورة يناير، والإسلام السياسى، واليسار، والناصرية .. وقد يسأل سائل – وبحق – عن سبب الإهتمام بهذا الكاتب، وما كتب – سلباً أو إيجاباً – وسط هذا الكم الهائل، من التعليقات، الناقدة أو المساندة، للشرق أو لشخص أيمن نور، بصفته السياسية، أو بصفته مالك مجموعة شبكة راديو وتلفزيون الشرق .. وأحسب أنه لا توجد إجابة واحدة "موجزة" لهذا السؤال، فربما تكون بعض الإجابة، يتصل بشخص الكاتب، أو بطبيعة النقد الذى كتبه، ووجهه، بعيداً عن المسبات، والإتهامات، والخيالات، التى يروج لها إعلام النظام فى مصر من خلال شاشاته التلفزيونية، أو لجانه الإلكترونية، أو إختراقاته لصفوفنا الداخلية.. فقد تساند الدكتور العمرى فى مقاله على عدة نقاط – قيمية وليست سياسية أو إعلامية – لو صحت لأغلقنا الشرق غير آسفين عليها .. وأذكر منها قوله :- .. أولاً : ان المشروع البديل (للشرق وأيمن نور) كبديل للسيسى هو إحياء الأخوان، والرئيس محمد مرسى، الذى فشل ونبذه الجمهرة العظمى من المصريين الذين يرون أن أى صنف من الحكم أقل سوءاً من حكم الأخوان .. وردى على هذا هو الآتى : الشرق تؤمن – إلى حد اليقين – أن دورها كوسيلة إعلام، ليس أبداً إحلال نظام بآخر، على خلفية أيديولوجية، وليست معنية أو مخولة فى الإسهام بتحديد من يرث من؟ فالصراع بالنسبة لنا، ليس صراعاً سياسياً، أو طبقياً، بل هو صراعاً قيمياً، بين قيم الحرية والديمقراطية، وقيم الإستبداد، لدعم حق الشعب فى الإختيار، وحماية هذا الحق بآليات لا تسمح بالإنقلاب على هذه القيم أياً ما كانت الهوية السياسية للمنقلب أو المنقلب عليه .. فنبذ أو إقصاء نظام سياسى جاء بصندوق إنتخابات، لا يكون إلا بذات الآلية التى أتى بها هذا النظام، فضلاً ان "الوعى" الذى نسعى لبثه بين الناس، ألا يقتصر طموح أمة عظيمة فى نظام أقل سوءاً .. فمشروعنا ليس إحلال جماعة محل عصابة، ولا عصابة بعصابة أقل سوءاً، بل هو لملمة شمل جماعة وطنية، دون إقصاء أو تمييز، يخل بحقوق المواطنة وقيم العدالة والمساواة، مشروعنا بإختصار هو لملمة شتات مجتمع تمزق، وإستعادة معنى الوطن، وإعادة إحياء وبناء أمة وتمام النصر فى هذا المشروع هو بناء الدولة المدنية الحديثة.. .. ثانياً : يقول العمرى فى مقاله، ما لا يستوعبه أيمن نور ورجاله، أن الدعوة المستمرة والإلحاح فى "لم الشمل" والتوحد بين العلمانيين، والأخوان، لمواجهة السيسى، مرحلة طويت إلى الأبد، وأن المعارضة العلمانية، أخذت درساً لا يُنسى من التحالف السابق، قبل وبعد، ثورة يناير 2011 .. ونقطة البداية فى ردى مرهونة بدقة الإجابة على أسئلة أربعة أطرحها على الكتور العمرى وهى :- 1- من هو الشخص القادر على إصدار مثل هذه الأحكام "المؤبدة" – ليس بمعنى تحديد أسمه – لكن بمعنى تحديد صفته، أو أهليته لإصدار مثل هذه الأحكام؟! 2- وهل ما تسميه بالمعارضة العلمانية، هو طرف واحد، وله موقف واحد، مما أفترضت صحته، وأدركت اننا لم نستوعبه بعد؟! 3- هل هذا الطرف المنفرد بهذه الرؤية – أو الأطراف – لديها بديل عن لم شمل الجماعة الوطنية، بمختلف مكوناتها، فى مواجهة كل هذا الطغيان والإستبداد والفساد، أم أن رؤيتهم هى الإستسلام للواقع حتى لا نقع فى أخطاء الجميع شركاء فى المسئولية عنها، ولو بدرجات متفاوتة؟ 4- هل غيابك عن مصر، يحول دون إستيعابك للضعف الذى أصاب الجميع، وأن أحداً لا يملك رفاهية إدعاء قدرته منفرداً على إحداث التغيير المستحق، وهل بإمكانك إستطلاع موقف المجسدون للصراع على الأرض؟ وماذا حدث لهم؟ وماذا أحدث بهم نظام هو المستفيد الوحيد من الفُرقة التى تريدنا أن نستوعبها ونسلم بها، وبما أدت إليه من نتائج كارثية لم تفرق بين إسلامى وليبرالى ويسارى وعلمانى ولا مسلم ولا مسيحى .. وأخيراً .. ما ترى اننا لا نستوعبه، يشرفنا اننا لا نستوعبه، ونعدك وأنفسنا أننا سنظل أكثر إلحاحاً فى طلبه وبذل الجهد من أجله وبالأدق من أجل مصر .. ثالثاً : يقول العمرى فى مقاله : الشرق تقدم خطاباً دينياً وطائفياً يقسم العالم إلى مسلمين وكفار، ولا يفرق بين اليهود والصهيونية، ويؤيدون تركيا بحجة أنها دولة مسلمة وأنها تساعد المسلمين .. إلخ .. أتحدى السيد العمرى، أن يقدم دليلاً واحداً من برامج الشرق يشى بالطائفية أو يهاجم دين سماوى أو يخلط بين اليهود والصهاينة أو يحرض على عنف أو يفرق بين دم ودم، فكل دماء المصريين – بل والإنسانية – حرام، هذه ثوابتنا، وهذه رسالتنا، التى حرصنا عليها خلال 6 سنوات هى عمر الشرق، ولو وقع خطأ أو إنفعال أو إنفلات من أحد، فلم ولن نخجل من الإعتراف به وسرعة تصويبه وعدم تكراره .. وهنا أنبه الدكتور العمرى، لعدم دقة الإجتزاء، الملفق الذى أدمنه إعلام النظام بإقتطاع جمل أو عبارات خارج سياقها للترويج لهذه الإدعاءات .. أما حكاية تأييد تركيا كونها دولة مسلمة، تساعد المسلمين، فصحة هذا الأمر ان كل الدول العربية هى دول مسلمة، وفى مقدمتها السعودية التى تقيم فيها – إلا إذا كان لك وجهة نظر أخرى – فإذا كان من بين مقدمى البرامج بالشرق من يؤيد تركيا فالسبب انها أكثر الدول الإسلامية إلتزاماً بالديمقراطية والإنتخابات الحرة، حتى ولو كان لديها بعض المشاكل الحقوقية، فهى لا تُقارن بأى حال مما نعرفه وتعرفه فى باقى الدول الإسلامية .. أما عن تأييد من يؤيد تركيا كونها تساعد المسلمين فقط، فهذا أيضاً خطأ، وصوابه أن تركيا بالنسبة لمن يؤيدها بلد يساعد المستضعفين والمطلوبين فى كل بقاع الأرض ومن كل الإنتماءات والأديان والعقائد والإتجاهات السياسية.. .. رابعاً : يضيف الكاتب فى مقاله قائلاً : لا يقدم أيمن نور ورجاله أى مشروع عملى للنضال الشعبى ضد حكم السيسى، بل يعتبر معتز مطر أن الدعاء أهم سلاح فى هذا النضال.. .. فى البداية أبدى تحفظاً على تعبير "أيمن نور ورجاله"، والأدق هو "زملاؤه"، فتعبير رجاله يليق بعصابة وليس بإعلاميين معظمهم مستقل عن الإنتماءات السياسية، وبعضهم له مرجعيات ليبرالية ويسارية وثورية، وبعض أخر له مرجعية إسلامية، بعضهم من مصر وبعضهم من سوريا وليبيا وتونس والمغرب وموريتانيا والعراق ولبنان والجزائر وغيرها، وبالتالى يكون المشروع العملى للنضال الشعبى الذى يسأل عنه، هو المساحة المشتركة بين هذه المكونات المتنوعة سياسياً وجغرافياً، هو مشروع الربيع العربى بقيمه وإستحقاقاته.. فالشرق هى قناة الربيع العربى وليست فقط قناة ثورة يناير، وبالتالى مشروعها للنضال ليس فقط ضد حكم السيى، بل ضد حكم كل سيسى فى هذه المنطقة من العالم .. أما مشروع أيمن نور للنضال ضد حكم السيسى فهو مشروع سياسى يمكن أن تقف عليه بمراجعة أدبيات الجبهة الوطنية، ومجموعة العمل الوطنى، ورؤيته الشخصية والحزبية، التى يعبر عنها فيما يكتب بقلمه، أو يعبر عنه بلسانه .. وأخيراً ما أستشهدت به على عدم وجود برنامج نضالى كون الإعلامى معتز مطر طالب الناس بالدعاء وقت بلاء كورونا، فالإستشهاد هنا فى غير محله، فجيش مصر الذى كان يدعو الله ويهتف الله أكبر عام 1973، لم يمنعه الدعاء من النضال والقتال لتحقيق النصر .. فلا تعارض بين الدعاء والعمل على تحقيقه. .. خامساً وأخيراً : يختتم العمرى مقاله قائلاً : مشروع أيمن نور وقناة الشرق هو تعزيز معسكر تركيا، فى مواجهة معسكر السعودية بدلالة هجوم القناة على إصلاحات السعودية – مثل تحرير المرأة – وإعتقال شيوخ الوهابية، فهل يريد أيمن نور إستمرار سيطرة الوهابية وتطبيقها فى مصر؟ .. وردى على هذا السؤال بالطبع لا، ولو لم يسأل الدكتور العمرى هذا السؤال لتجاهلت هذه الفقرة الأخيرة من مقاله تقديراً أنه يقيم ويعمل بالسعودية .. لكنه سأل، فوجبت الإجابة وبوضوح .. فليس لدينا مشكلة مع نظام لم يتدخل فى شئوننا، ولم يستولى على قطعة من أرضنا، وليس لدينا معركة مع أو ضد الوهابية، ومعركتنا ليست دعماً لمعسكر ضد أخر، معركتنا ضد الإعتقال التعسفى سواء كان لشيوخ أو نساء أو رجال من الأسرة الحاكمة، بغض النظر عن أفكارهم، معركتنا ضد أن يفلت نظام قتل صديق العمر جمال خاشقجى وقطع جثته بالمنشار ولم يحاسب صاحب هذا القرار وأخيراً : لم أفهم وصفك لنفسك بأنك ماركسياً ليبرالياً، أفهم أن تكون ماركسياً وتصبح ليبرالياً، أو العكس، أما هذا الوصف فهو ملغزاً لى، وكأنك تقول لى عادل العمرى هو "ثلج ساخن" .. فإذا كانت مظلة الليبرالية واسعة وفضفاضه، فعلى من يختار الوقوف تحتها أن يأتى إليها بقيمها، وليس بقيم تتصادم مع الحد الأدنى من إلتزاماتها .. فإذا فهمت وصف ماركسى ليبرالى – تجاوزاً – فلن أفهم أبداً ليبرالياً يمكن أن يختزل معنى الحرية فى القبول بإعتقال مشايخ الوهابية، أو بالسعى للإقصاء وعدم القبول بالأخر، والسعى لنفيه، والإلتفات عن ظلمه أو قتله .. وأخيراً : يا دكتور عادل .. كن عادلاً فى حكمك على الشرق وعلى الأخر، سواء كان هذا الأخر منك أو مختلف معك .. قال مكرم عبيد باشا "العدالة والسياسة ضدان لا يجتمعان، وإذا اجتمعا، لا يتمازجان، فالعدالة تزن الأمور بالقسطاس، بينما السياسة توازن بين مختلف الإعتبارات" .. ويؤسفنى أن أقول لك ان تقديرك وحكمك فى مقالك لم يكن من زاوية العدالة (وأنت أسماً عادل) ولم يكن فيه أى توازن من توازنات السياسة .. يا سيدى ان القوى الوطنية التى تستحقها وتحتاجها مصرنا الآن، هى ليست الأكثر إلحاحاً وطلباً للصدامات الفرعية والثانوية، بل هى التى تملك أهلية قيادة المجتمع نحو لُحمة الصف، وتجاوز الأزمة، وتقديم التنازلات المشتركة لتعايش سلمى ووطنى يجمع ولا يفرق .. كانت هذه رسالتى فى الحياة قبل وأثناء وبعد ثورة يناير، وكانت هذه هى رسالة الشرق وستظل حتى أخر لحظة فى عمرها.. د. أيمن نور 22/06/2020


رد مني على ايمن نور:
رد على رد الدكتور أيمن نور:
الدكتور أيمن يحاول أن يدافع عن قناته وخطابها بطريقة غير مستقيمة. وكنت أفضل أن يرد على مقالي فقط دون الخلط بين المقال وشخصي المتواضع . كما لجأ للتلميح إلى العلاقة بين وجودي بالسعودية كما يتخيل وما كتبته، بل ولمح إلى انتمائي للنظام أو لجانه الإلكترونية.. باختصار حاول الدفاع عن قناته بتشويه شخص الكاتب وهذا تصرف أعتبره غير مقبول في حد ذاته.
وسوف أصحح بعض معلوماته بدافع وحيد، هو كشف عجزه عن تناول المكتوب بشكل مستقيم.
حاول السيد أيمن نور أن يتعرف على شخص الكاتب فقرأ في الإنترنت تعريفا كتب منذ 18 سنة على موقع "الحوار المتقدم" به كلام عن تحولات فكرية تمت في سن المراهقة كما هو مذكور بالفعل، وكلنا في سن المراهقة ننتقل من موقف لآخر كما نعلم جميعا ولا يحاسب المرء على هذه الانتقالات ولا يجب الالتفات إليها أصلا، بل وفي غير سن المراهقة يحق للمرء أن يغير قناعاته الفكرية. كما أن حكاية "ماركسي ليبرالي" اعتبرها "صيدة" وراح يعلمنا أنها شيء غير متسق للطعن في عقلية الكاتب أيضا، وكأن الماركسي يجب أن يكون لينينيا بالضرورة، وأنه ليس من حق المرء أن يبتكر أفكارا جديدة (يمكن يا دكتور أيمن لليبرالي أن ينطلق من الماركسية كنظرية، وهذا موضوع نظري طويل). ولو كان يهمك معرفة الكاتب الذي تشكك في عقليته ونيته وهدفه كان عليك أن تفتح البروفايل أو تتصفح كتاباته لتعرف دون أن تعتمد على كلمات كتبت منذ 17 سنة أو تهتم بانتماءات كانت في سن الطفولة!، حيث إن العالم قد تغير عدة مرات بعد ذلك! فأرجو أن تهدأ قليلا. ولو قرأت ما كتبت ستجد أفكارا أخرى تبدو لك غريبة مثلما بدت لك حكاية الماركسي الليبرالي!
وضمن ما استخدمه في دفاعه هو وجود الكاتب في السعودية وأشار إلى ذلك مرات، للتلميح أن مقالي الصغير يدافع عنها أو متأثر بهذا، أو أن غيابي عن مصر جعلني لا أعرف ما يدور بها، وهو تلميح غير موفق أبدا (حتى حين كنت بالسعودية كنت أكتب ما أشاء إلى حد كبير جدا، ومن ذلك التعريف القصير الذي قرأته وصفت فيه نفسي بالماركسي الليبرالي!). أنا في القاهرة يا سيد أيمن منذ سنوات ولست في السعودية ومن السهل لك أن تتأكد من هذا.
أما عن تلميحك إلى انتماء الكاتب إلى اللجان الإلكترونية أو للنظام..إلخ، فهو شيء غير مقبول أيضا، وما كان لك أن تستخدمها أصلا، وكل من يعرف الكاتب سيسخر من تلميحك.
أما عن محتوى دفاعك فأنت لا تستطيع أن تنفي ما يقال على قناتك التي يشاهدها الملايين ولا أجد ضرورة لتقديم أدلة ومستندات في هذا الصدد، وعليك فقط أن تتابع برامج قناتك. ويكفي ما قلته بنفسك عن كون "كل الدول العربية هي دول مسلمة" هو تأكيد لموافقتك على الخطاب الذي يقدم على قناتك: يا أستاذ أيمن هل يوجد في عصر الحداثة شيء اسمه دول مسلمة؟ وبالتالي دول مسيحية وبوذية..إلخ؟! هل يجوز لشخص يعتبر نفسه حداثيا أن يقول هذا الكلام؟ أليس هذا تقسيم للعالم على أساس ديني؟
وهل تركيا تساعد المستضعفين في العالم عموما؟ يا دكتور أيمن تركيا دولة علمانية ضمن دول حلف الأطلسي وصديقة إسرائيل.. لا أعرف كيف تقول هذا الكلام! وهل توجد دولة أو وجدت أصلا في التاريخ تدافع عن الضعفاء في العالم؟ فحتى ما يبدو كذلك يكون بدافع المصالح السياسية والاقتصادية. هذا الكلام عن تركيا لا أرى إلا أنه تبرير للدعاية التي تقدمها لها قناتك. 

ثم موضوع السعي إلى "لم شمل الجماعة الوطنية" الذي أشرت إليه في ردك، فعلى أي أساس تبرره؟ هل توجد أرضية مشتركة بين جماعة فاشية طائفية والجماعات الأخرى؟ ما هو المشروع المشترك بين الطرفين؟ هل يمكن أصلا – عمليا –عمل مثل هذا الحلف؟ ثم ماذا تقصد بلم الشمل؟ أليست نقطة البداية هي وضع برنامج مشترك؟ فهل هذا ممكن أصلا. كل ما يؤول إليه هذا الطرح هو ما تقدمه على قناتك: الدفاع عن الرئيس "الشهيد بإذن ربه" وإنجازاته وديموقراطيته المزعومة، وبالتالي – ضمنا- عن جماعة الإخوان المسلمين.
أخيرا أرجو أن تستفيد من ملاحظاتي في مراجعة خطاب قناتك حتى لا يذهب كل جهدك سدى.

الاثنين، 18 مايو 2020

Marxism is the philosophy of the state, not the proletariat




Adel El-Emary


 We do not question the goodwill of the founders and thinkers of Marxism. However, their theory about the party and the role of masses in the revolutionary process and about the state apparatus has always been very dubious. They presented Marxism as the theory of the working class, which was frightful to the dominant classes and their state apparatus. This pushed dominant classes to fight against Marxism; however, -in the unconscious- we find something else.
 Likewise, we assume the goodwill of many Marxists, who consider themselves representatives of the proletariat; sacrificing themselves for the salvation of the Marseillaise and –in that way- all humanity. However, we believe that the actual significance of Marxism differs from the stated purpose. The unconscious of its thinkers and supporters reveals their true motives and their deep aspirations, and therefore, what their apparent revolutionary ideas express. This can be revealed by analyzing philosophical ideas, political stances, and the practical results of Marxism.
 Here we will analyze one issue: Marxism is not the philosophy of the proletariat, but rather of the modern state.
                                    ****************************
 First: The Marxist theory of the state:
 This terrible machine; the state, is not openly welcomed by any revolutionary. Therefore, Marxism heavily criticized it. However, something else is implied in the Marxist literature and practice.
 It is a well-established Marxist idea that the state is the product of Irreconcilability of class antagonism; a result of the historically inevitable formation of classes. Engels took up the matter in an attempt to prove that the division of people into classes preceded the emergence of the state, and that this and that had occurred within the ancient communal societies, without providing convincing clues or evidences. He also rejected persistently the theory of violence as a mechanism of the emergence of classes, giving the economic factor a priority; however, he had failed to provide a reasonable presentation of the inevitability of the emergence of classes and the state. Later, Kautsky refuted Engels' ideas in detail.([1]) The available information tells that the emergence of classes and the state occurred as a result of the invasions that were among the tribes, which ended either with the elimination of tribes or the control of one over the other, forming a ruling class and a state at the same time. There is no any inevitability of the emergence of classes and accordingly the state. All that can be monitored as factors are human greed and avarice, with a degree of advancement of productive forces that made it possible to produce an economic surplus that is worth seizing. However, the mere appearance of this surplus is not, per se, an explanation of aggression and robbery, as these are purely psychological inclinations. Thus, the emergence of the state was a result of the factors of greed, avarice, and aggressive inclinations. It is one of the most important manifestations of “evil” in human society. Nevertheless, Marxism depicts the emergence of the state as if it was a historical inevitability, to confer a “scientific” character upon its view, As if statesmen are designated by history to achieve specific tasks. Just as it depicted the emergence of classes with the same logic, as if the exploiting classes – unfortunately - were obliged to rob and exploit others as a historical role doomed to them!
 - While Marx described the capitalist state in his era as a parasitic body in society that impedes its free development, when the talked about the state of the proletariat, we found his words reversed.. Now the state becomes “the proletariat organized as the ruling class,” without mentioning to the parasitic body or to the impedance of the free societal development; now it became a progressive power. Actually we do not find what to add to Bakunin’s criticism of Marx in this issue: Every state power, every government, by its very nature places itself outside and over the people and inevitably subordinates them to an organization and to aims which are foreign to and opposed to the real needs and aspirations of the people.”([2])
 - The Communist Manifesto in 1848 stipulated: “The proletariat will use its political supremacy to wrest, by degree, all capital from the bourgeoisie, to centralize all instruments of production in the hands of the state, i.e., of the proletariat organized as the ruling class; and to increase the total productive forces as rapidly as possible .” However, it did not specify the form of this state; the bourgeoisie was also - at the time of the issuance of the Manifesto - “organized as the ruling class” in a sense, and its state was a repressive bureaucratic-military machine.
 - In his Critique of the Gotha Program, Marx wrote: “Freedom consists in converting the state from an organ superimposed upon society into one completely subordinate to it.” This is indeed the form of the modern bourgeois state that appears to serve citizens! But is there any possibility that the military machine could actually be subject to society? This is just a bluff.
 - But after the experience of the Paris Commune that actually destroyed the state apparatus, Marx and Engels' stance changed temporarily; both of them praised the commune that superseded the state apparatus, claiming that the Commune had established the dictatorship of the proletariat: “Well and good, gentlemen, do you want to know what this dictatorship looks like? Look at the Paris Commune. That was the Dictatorship of the Proletariat.” ([3])  It follows that Marx and Engels mentioned in the introduction to Manifesto of The Communist Party in the 1872 German edition that the Manifesto program hasin some details been antiquated,” adding a sentence from “The Civil War in France”: “One thing especially was proved by the Commune, viz., that "the working class cannot simply lay hold of ready-made state machinery, and wield it for its own purposes.”
This sentence can be understood in more than one sense: either the necessity of destroying the state apparatus only, or its substitution by a different one. Importantly, this text was not added to the body of the Manifesto, although it was reprinted repeatedly later. We also wondered; if Marx and Engels had already decided to accept the anarchist plan; that is, what the Commune had done, so why is it not said so explicitly: the immediate abolition of the state? They had to add that the commune proved that the abolition of the state apparatus - which had already done - was the experience gained from the commune, but they did not.
 After that, we find a retreat from the moment of endorsement of the commune:
 “Between capitalist and communist society there lies the period of the revolutionary transformation of the one into the other. Corresponding to this is also a political transition period in which the state can be nothing but the revolutionary dictatorship of the proletariat.” ([4]) Once again, the word “state” is used in the manner of 1848.
 Moreover, Engels said in 1875: “Now, since the state is merely a transitional institution of which use is made in the struggle, in the revolution, to keep down one's enemies by force, it is utter nonsense to speak of a free people's state; so long as the proletariat still makes use of the state, it makes use of it, not for the purpose of freedom, but of keeping down its enemies and, as soon as there can be any question of freedom, the state as such ceases to exist. We would therefore suggest that Gemeinwesen ["commonalty"] be universally substituted for state; it is a good old German word that can very well do service for the French "Commune.”([5])
 Then he promises us: ”Marx's anti-Proudhon piece and after it the Communist Manifesto declare outright that, with the introduction of the socialist order of society, the state will dissolve of itself and disappear”([6]) - our emphasis. The same was repeated elsewhere. ([7])
 Then in 1891 Engels said in his introduction to “The Civil War  ...” in 1891:
 “The state.. and at best an evil inherited by the proletariat after its victorious struggle for class supremacy, whose worst sides the proletariat, just like the Commune, cannot avoid having to lop off at the earliest possible moment, until such time as a new generation, reared in new and free social conditions, will be able to throw the entire lumber of the state on the scrap “(our emphasis).
 This is a clear regression to 1848.
 As for the explanation that Lenin invoked from Engels' book “Anti-Dühring” it is: “The proletariat seizes political power and turns the means of production in the first instance into state property. But, in doing this, it abolishes itself as proletariat, abolishes all class distinctions and class antagonisms, and abolishes also the state as state. “([8]) Then he (Engels then Lenin) mentioned that that state will be on the way to vanish.
 Here Lenin quoted from Engels: “the proletariat thereby abolishes the state as state.” It is merely empty nonsense and deceit (unintended?). He also wanted to just change the name of the state as Engels has done. If he intended to abolish the state, he would have said so explicitly, but he differentiated his view clearly from the anarchist plan: “revolution alone can abolish the bourgeois state. The state in general, i.e., the most complete democracy, can only wither away ,” “according to Marx that state withers away — as distinct from the anarchist doctrine of the abolition of the state.”([9])
 The “promise” of the automatic state vanishing needs a lot of naivety to believe it. Can a tool of oppression and a bureaucracy automatically liquidate itself?
 The founders of Marxism presented one prerequisite for vanishing of the state: the disappearance of classes that ends the necessity of the state. This is an overly simple perception, as if history did not witness states that were the dominant class itself, such as the eastern countries, like Egypt. Besides, the Marxists did not imagine that the state apparatus which they called workers’ state could become the ruling class, as it actually happened. So why does it dissolve itself, when and how?
 Moreover, when the state discovers that it became “unnecessary,” will it dissolve itself with satisfaction and contentment?! First: Was the state ever necessary? Is it not just an apparatus of repression in the Marxist view? Is repression a necessity? Second: If the state can become aware that it is no longer necessary, does not it know that it is also unnecessary now, so, is it going to dissolve itself? Third: Do things work in the human life with this logic? Don’t robbers, the parasitic capitalists and those alike know they are too unnecessary? So why not relieve the world of their faces and exploitation?
 - The founders of Marxism emphasizes that a transitional stage between capitalism and communism is a necessity, where the social production is distributed to each according to his work, not according to his needs, and the most important is the role of a state apparatus to complete this stage. Then Lenin added -what means- that this stage is in fact the end of history: “it has never entered the head of any socialist to promise that the higher phase of the development of communism will arrive; as for the greatest socialists' forecast that it will arrive, it presupposes not the present ordinary run of people, who, like the seminary students in Pomyalovsky's stories, are capable of damaging the stocks of public wealth "just for fun,” and of demanding the impossible.”([10]) Does this mean other than the eternity of the aforementioned transitional period; the stage of state socialism? Moreover, t;thertan e and revolution, ttthe fierce battles between Marxists and anarchists, concerning the state cannot be ignored, as anarchists have always gone to the necessity of abolishing the state with e few exceptions, who have not however accepted that the state has any necessity or role in building socialism.([11]), while Marxists continued to dwell on the subject, claiming wisdom.
 - Later on, the Marxist intellectuals did not give up their fascination with the terrifying state apparatus. For example, shortly before the outbreak of the First World War, Marxist parties in Europe supported their states by approving the war credits under the slogan: Defense of Homeland. Lenin's intense anger and the declaration of his war against those parties were not because he wanted to dissolve the state apparatus, but because the war hindered the revolution of the proletariat, the project of Marxism in establishing state socialism. In order to achieve this project, Lenin and his party fought bloody battles after October Revolution, against the left Marxist opposition, trade unions, anarchist groups, that included mass murder, artillery shelling, arrests and extrajudicial physical liquidation, for everyone who dared and demanded that the role of the Marxist state should be restrained.
 That state initially resembled the repressive medieval states. Consequently, most of the Marxist left opposition advocated slogans and ideas that included transforming that state into a modern, “democratic” one with delicate hands but never advocated its abolition. Rather, they continued to proclaim that it is a socialist state. However, the leftist opposition contended that it is as capitalist state, calling for a more flexible state like those of Western Europe, with maintaining its control over the economy and the central market. Indeed, some modernization of the “socialist” state took place gradually.
 We still find the Marxist left standing in the camp of advocating the state, and worried about it in various countries. In the West, that left is clinging with the welfare state that has declined since the end of the Cold War, with which he allied before, calling for its continuation and the restoration of the social roles that it abandoned. In the Middle East, the majority of the Marxist left allied allied with the authoritarian states against the attempts of imperialism to dismantle the totalitarian regimes that it had established before, while calling for some democracy. In addition, we still find the Marxists markedly anxious about “terrorism” and the possible revolutions of the hungry, for fear of something they call “the fall of the state,” considering this a precursor to massive and destructive chaos. The nationalist trend of many Marxists is added; manifested in slogans such as: the homeland army - defending the country - protecting the state. Rather than the struggle against “terrorism” and the states of the middle east, among others (almost always pro-imperialist), most Marxists line up with it, under slogans such as “Axis of Resistance” or “The Steadfastness and Confrontation”..
 - For a long time, a certain concept of socialism has been established in the Marxists mind; that is: socialism = nationalization (or confiscation) + central planning before anything else; ([12]) state's total control of the civil society. Marx and Engels clearly said: “The Communists can summarize their theory with one single phrase: the abolition of private property.”([13]) Thereafter the Communist Manifesto went on to promise with: the conversion of the function of the state into a more superintendence of production This, of course, equals the state's control of social capital, which Engels explained in a booklet entitled: The Principles of Communism, which was a draft of the Communist Manifesto. This clearly indicates the interests of the state bureaucracy. However, with the fall of the totalitarian systems in the Soviet Union and eastern Europe, some groups added proposals such as: public control - participatory democracy - deliberative democracy.. etc up to nationalization and planning, of course without any mentioning to the need to dismantle the state. Therefore, what they are looking to is a “democratic” state with delicate hands; this is the practical meaning of public control.
- At the end, we summarize the issue as follows: the conception of a state socialist system which includes nationalization, planning and a central market = a system governed by the state, whether is it authoritarian or with delicate hands. Nevertheless, pretending that that what is meant is a workers' state, is just hypocrisy and deception. Actually, there is no such thing called workers' state. The state is an apparatus specialized in repression and management. Would all workers be free to play this role?! The most straightforward - if desired - is to say: Abolition of the state apparatus entirely for an alternative in the form of direct democracy, government of popular councils without a standing army, professional police, judiciary, or bureaucracy. Claiming that this is difficult to achieve, cannot justify welcoming that demon called the state, unless the devil is the real goal, at least in the unconscious. Here we remember that the slogan “All power to the soviets” (or councils) was used by the Bolsheviks before their victory and they did not consider its implementation an impossibility at that time, then they confiscated the soviets themselves in the context of building their state after they used it as a Trojan horse to seize power.
 This is what we meant by "Marxism is the philosophy of the state.” As Marxism objectively expresses the interests of the bureaucracy of the modern state, which has abandoned the authoritarian nature of the brutal feudal system and has become more dependent on soft power and hidden control... This is what we deduce from such words as: “worst sides ..to lop off " and “the state as such ceases to exist .”.. “substitute the word commune with the word state."
 Of course, it is not necessary for the state to make its philosophy, as is the case of all other social powers. The bourgeoisie - for example - did not philosophize by itself, even though it was aware of its interests.
                                   ************************
 Second: We find the roots of what we mentioned in the theories of Marxist of the party, with the exception of the views of small groups such as that of Rosa Luxemburg, Gramsci, and other minorities:
 * The Communist Party for the Marxist currents in general is distinguished from the working class as the bearer of the revolutionary theory; the political consciousness of the proletariat; as the Communists “have over the great mass of the proletariat the advantage of clearly understanding the lines of march, the conditions, and the ultimate general results of the proletarian movement .” ([14]) The founders of this idea are Marx and Engels. However, we find later mentions of Marx countering those words: “the function of a party was to lead and serve the proletariat in its battles and not to ‘set up any sectarian principles of their own by which to shape and mould the proletarian movement,” “the emancipation of the working class must be conquered by the workers themselves,” “Trade unions are the schools of socialism. It is in trade unions that workers educate themselves and become socialists because under their very eyes and every day the struggle with capital is taking place.” “The political movement of the working class has as its ultimate object, of course, the conquest of political power for this class, and this naturally requires a previous organization of the working class developed up to a certain point and arising from its economic struggles.”([15]) This is what Engels later criticized (1890): "Marx and I are partly to blame for the fact that the younger people sometimes lay more stress on the economic side than is due to it. We had to emphasize the main principle vis-à-vis our adversaries, who denied it, and we had not always the time, the place, or the opportunity to give their due to the other elements involved in the interaction." ([16]) However, all of this is nonsense. It is not enough to call things by false names in order to change them. The idea of ​​a party composed of intellectuals representing the workers is the point; it is the embryo of a system in which the state dominates. This was mentioned by Bakunin decades before the emergence of the Soviet Union (1873): "Let us ask, if the proletariat is to be the ruling class, over whom it to rule is? In short, there will remain another proletariat which will be subdued to this new rule, to this new state.” ([17]) This argument reminds us of the slave revolts in the past, that when had been ended by establishing new states, slave leaders became rulers who also oppressed a class of slaves.
Lenin discarded the idea of ​​the broad party in favor of the idea of ​​a party based on cadres of revolutionary professionals. His rationale is summarized in the following: Because revolutionary theory can only be assimilated by highly cultural persons, the party relies mainly on these persons. In addition, because the workers social circumstances do not allow them to acquire Marxist theory, the party relies on intellectuals of bourgeois origin, plus a workers' vanguard, which is more capable to assimilate scientific socialism than the rest of the workers. Thus, we become in front of a conscious class and a party; the vanguard of this class, leading the workers and bringing consciousness to them, and at the same time learns from their spontaneity and initiatives;([18]) This spontaneity that Lenin described as “consciousness in an embryonic form.” Since there is a well-recognized hypothesis in the Leninist theory; that the masses are able to develop only trade union consciousness, not political consciousness, unlike the educated and “conscious” leaders. Therefore, the mass spontaneity - despite its importance - needs the guidance of the intellectual leaders. Therefore, the political class-consciousness of the workers can be provided from without, i.e. from outside the economic struggle; from outside the periphery of relations between workers and employees; from outside the working class, especially by the bourgeois intellectuals. This is a life sentence for the masses that they are always less conscious than the party members and less able to understand (they do not comprehend dialectics and historical materialism as Ernest Mandel said!). Something similar to Gustave Le Bon’s condescending view of the masses (his book: Discourse on Voluntary Servitude). So now, Marx's principle, “the emancipation of the working class must be conquered by the workers themselves,” has turned into its opposite. The most important role now belongs to the bourgeois intellectuals who are having a revolutionary theory. Thus, the division between manual work and mental work, and the maintenance of hierarchy within the revolutionary camp (class and party) are performed. Now the determination of the interests and fate of the working class also became the task of intellectuals. Finally thought became independent of reality and not the product of it, and the party became “representative” of the class regardless of what it wants; it has the task of penetrating into its ranks, convincing it with its ideas, and charting its way. The party is now having the proletarian political consciousness, especially its hard core, and one becomes more revolutionary and socialist as they approach that core. Consequently, the number of Marxist organizations claiming to represent workers multiplied; no matter how small in size, and regardless of their ability and political effect, because all has – from the point of view of each - the “correct” theory that should be brought to the proletariat from without. One egregious example of what we say is that the Fourth Trotskyist International was formed from a very little number of small, meager organizations that are weakly related to workers, although they are supposed to represent the world’s working class.([19])
 Lenin changed his stance about spontaneity after the revolution of 1905 in Russia: “There is not the slightest doubt that the revolution will teach social-democratism to the masses of the workers in Russia,” ([20]) but nothing was accordingly changed in the hierarchical nature of his party.
-              Marxism, in its various "versions,” theorized the special role of intellectuals in expressing the proletariat: for instance, the Trotskyist Ernest Mandel wrote: The category of the revolutionary party stems from the fact that Marxian socialism is a science which, in the final analysis, can be completely assimilated only in an individual and not in a collective manner. Marxism constitutes the culmination (and in part also the dissolution) of at least three classical social sciences: classical German philosophy, classical political economy, and classical French political science (French socialism and historiography). Its assimilation presupposes at least an understanding of the materialist dialectic, historical materialism, Marxian economic theory and the critical history of modern revolutions and of the modern labor movement.” ([21])
 It was never a coincidence that Marxism attracted ambitious middle-class intellectuals, who always aspired to achieve an important status. It was not surprising that most members of the Russian Workers' Party were intellectuals until 1905. However, Lenin and the violent revolution broke out at that time, could - after marked resistance of the party leaders- admit the workers into the party organizations.  Moreover, the majority of the leaders of Marxist parties in Europe were always from the middle class and the majority of members of Marxist organizations (and not only leaders) in the East as a whole were middle-class intellectuals. In addition, Marxist parties were formed in countries almost without workers. If we believe that those parties had bore the philosophy of the proletariat; then whom they exactly represented politically in a country with no workers? The world proletariat?! Is it possible to imagine that a local party in a city or a country represents the world proletariat politically?!
 -The ultimate goal of the revolutionary Marxist parties (excluding the reformists) is to seize the state and establish a dictatorship of the proletariat (or “its” party - allegedly - no difference). Those parties had imagined that once this goal is achieved all human problems would be ended. In order to achieve that goal, anything could be sacrificed except the party, the bearer of torch of truth. From a practical point of view, the ultimate goal is to establish a statist system, thus realizing bureaucratic interests in the first place. Whatever the state apparatus be destroyed, it would be rebuilt again to accommodate Marxist elites and be more modernized.
 In all cases, when Marxist parties seized power, they established an authoritarian state ruled by a group of tyrannies, the vast majority of them were thieves. We did not find, at the moment of truth, the middle-class intellectuals, those bearers of dialectics (!) sacrificing their power and interests for the eyes of the proletariat. Even, the former state bureaucracy benefited from the socialist revolutions; many of its members joined the new bureaucracy in various countries, and became Marxists! We have an example of the Tsar's men and officers, whose majority escaped at the beginning of the Russian revolution, but later on, when they became certain of the victory of the workers and soldiers uprising, tens of thousands of them joined the winning horse, then the Red Army, and some of them later became part of the ruling bureaucracy.
 - Certainly, it is possible for intellectuals of any class to create a philosophy of the proletariat or other classes, as there is some distance between thought and the reality it expresses. But in the realm of politics and practice, no one can act on behalf of a class or monopolize its class-consciousness. However, the socialist anarchist intellectuals were more consistent: they presented theories that actually reflected only the interests of workers and the poor in general, but they, or most of them, at the same time, have presented a truly public political project, which only paves the way for a system of autonomy for the public, regardless of the possibility of its success or realism.
 Marxism exploited workers, peasants, and social conflict in general to extend the hegemony of the bureaucracy and rejuvenate it. It is the philosophy of the modern state, and a political party of middle-class sectors that are looking for rulership.
                                     ******************
 Third: Marxism had already become the official philosophy of the state in various socialist countries ruled by a Communist Party. Its notion had finally been “realized” - if we borrow Hegel's language. It had become the official ideology that is taught in schools, its bearers occupied the highest positions of the state, and the party that was bearing the theory was the core of the state and its privileged elite. This obvious fact found its roots in the theory of Marxism about the state; its historical role and its emergence for pure economic factors. Plus the role of the party; as the bearer of the consciousness of the proletariat; which transforms it from a class “in itself” to a class “for itself.” Finally in the project of building socialism by a state, called Dictatorship of the Proletariat, with discarding communism and the contentment with the socialist stage, where the state dominates and the distribution of production is according to work, as Lenin contended.
                               ***************************
 Fourthly: it would be expected that capitalism and its state, and even somewhat- petty-bourgeoisie, would resist the socialist movement. But with the changes the world witnessed, among which was the transformation of the modern state into an octopus with private interests apart from that of capitalism, and even became the vanguard of the existing social systems, that state has had a drive for expanding its economic influence and increasing its privileges. So the security services no longer arrest anyone who calls to nationalizing the private sector or abolishing market freedom. There became also many supporters of the Keynesian theory; a modified version of socialism, and the welfare state in Europe nationalized many private enterprises. Likewise, the official hostility towards Marxism has diminished; even the German state recently celebrated the memory of Marx with official European participation and a lot of people became tolerate the phrase: Marx was right.([22]) It became clear after the implementation of socialism, that it had consolidated the state power after its reconstruction, and there was no reason for its rejection by the bourgeois state.
 It can be added with confidence that the Marxist movements and parties, beside the alike, in terms of Keynesian perspectives and others, may become a strategic reserve for the existing systems, especially with the anticipated expansion of the state after the end of Coronavirus pandemic; the state may become an alternative to capitalism or present itself as such.
 In conclusion, the philosophy of the professional party and the “socialist” state is necessarily the philosophy of the state.
 Bakunin considered the bureaucracy a social class, ([23]) rather it was better - in our opinion - to say: a stratum. We add that this stratum had the interest to embrace Marxism from the beginning, which clearly advocated the nationalization of private property for the benefit of the state, but that it bore the bourgeois ideologies.
                                   ********************
 What is to be done?
 If you, hey militant, really want to liberate the workers or the people, then call for the dissolution of this infernal machine called the state, offering libertarian alternatives, including the popular councils and direct democracy, without professional suppression tools. You also have to call the masses themselves to make their own revolution and establish the system that suits them, without the state. It is possible to form a popular government, but there can be no such thing as a popular state, so what drives armed violence apparatus - even if its members are originally from workers - to work for the sake of society as a whole? Really, the monopoly of power by any group immediately leads to its excellence and monopoly of privileges.




([1]) The Materialist Conception of History, part 3, section 2, chapter 2,
Franz Oppenheimer also presented a large study that could undermine the conception of Engels,
The State- ITS History AND DEVELOPMENT VIEWED SOCIOLOGICALLY.
([2])Critique of the Marxist Theory of the State,
([3]) Introduction to "The Civil War in France," 1891 edition.
([4]) Critique of the Gotha Program.
([5]) Engels to August Bebel, In Zwickau, 18 -28 March,1875
([6]) Ibid.
([7])“The state was the official representative of society as a whole; the gathering of it together into a visible embodiment. But it was this only in so far as it was the state of that class which itself represented, for the time being, society as a whole: in ancient times, the state of slave-owning citizens; in the Middle Ages, the feudal lords; in our own time, the bourgeoisie. When at last it becomes the real representative of the whole of society, it renders itself unnecessary,” Anti -Dühring, Part III: Socialism, Theoretical.
“State interference in social relations becomes, in one domain after another, superfluous, and then dies out of itself; the government of persons is replaced by the administration of things, and by the conduct of processes of production. The state is not "abolished.” It dies out,” Ibid.
([8]) Ibid.
([9]) All the quotes of Lenin are from his book: The state and revolution.
([10]) The State and Revolution, 4. The Higher Phase of Communist Society.
([11])Some anarchists (including William Godwin) argued that the widespread use of reason by the masses would ultimately cause the state (he called it: government) to dissolve as an unnecessary force. He was against using revolutionary methods to abolish the state apparatus. Instead, he called for a process of gradual peaceful development, so that it could disappear on its own. He also viewed that the minimal State could be accepted as a necessary evil at present, which would become increasingly irrelevant and crippled, through a gradual spread of knowledge among the citizens.
An Enquiry Concerning Political Justice,
([12]) The writer (and other) has presented this issue in an article titled: Beyond the Soviet bureaucracy,
([13]) Manifesto of the Communist Party, Proletarians and Communists
 [14])Ibid.
([15]) John Molyneux, Marxism and the Party,
([16]) Engels to Bloch, 21–22 September 1890, from John Molyneux
. Op. cit.
([17]) Statism and Anarchy,
 ([18])What is to be done? PDF file, p. 18 -20
([19]) The situation was described by Ernest Mandel, quoting from Trotsky himself: “His followers were few, and the organizations they hardly established severely lacked material means, and were shattered by the divisions and cleavages that were due to their own weakness and isolation from the working class public.”
Trotsky: a study in the dynamic of his thought (Arabic translation).
([20])John Molyneux, Op. cit., quoted from: Lenin, Two Tactics of Social-Democracy in the Democratic Revolution.
([21]) Ernest Mandel, the Leninist Theory of Organization, II. Bourgeois ideology and proletarian class consciousness,
 ([23])Felipe Corrêa, “Social Classes and Bureaucracy in Bakunin,”