الاثنين، 29 سبتمبر 2014

جهاز الكفتة الجديد


عادل  العمري
29 سبتمبر 2014
الدولة العسكرية تصور للشعب أن مشروع قناة السويس هو مشروع  "قومي" عملاق سينقل مصر نقلة تاريخية وسيخلق مليون فرصة عمل...إلخ خصوصا أنه يتم تحت إشراف الهيئة الهندسية للجيش.
للأسف الشعب لم وغالبا لن يتعلم شيئا؛ فرغم أن قصة جهاز الكفتة لم يمر عليها وقت صدقت الجماهير ( وكثير من المثقفين و"المناضلين") حدوتة القناة الجديدة.
الحقيقة أن المشروع هو عبارة عن حفر 35 كيلومترا فقط كفرع لقناة السويس وتوسيع 37 كيلومترا أخري للسماح بمرور السفن في الاتجاهين، مما سيقلل من فترة انتظار السفن قبل العبور وسيكون جاذبا لمزيد من السفن للمرور من القناة.
ما لا يعرفه الكثيرون أن 8% فقط من التجارة العالمية تمر من قناة السويس ومهما زادت عوامل الجذب لن ترتفع هذه النسبة كثيرا لأن معظم التجارة العالمية لا يمكن أصلا أن تمر من القناة (التجارة بين أوربا وأمريكا وداخل النصف الغربي من الكرة الأرضية وفي شرقي آسيا..إلخ)، فلن ترتفع نسبة التجارة العالمية التي تمر من القناة إلا  - إذا ارتفعت أصلا – بنسبة صغيرة جدا. مع ذلك المشروع مفيد لكن ليس بالدرجة التي تصورها الحكومة. وطبعا التكلفة ستكون مرتفعة للغاية بسبب المياه الجوفية والاحتياج للحفر في الماء، والعائد قد لا يتناسب مع التكلفة فقد تكون النتيجة خسارة صافية. أما العمالة التي سيستخدمها المشروع فسوف تكون قليلة ومؤقتة وهي العمالة المستخدمة في عملية الحفر، أما القناة نفسها فقد تحتاج إلى بضع عشرات من المرشدين والمهندسين الجدد وقليل من الفنيين لأعمال الصيانة بعد ذلك. والمشروع لا علاقة له لا بإنشاء مدن جديدة ولا استثمارات لخدمة السفن. أما حكاية "المشروع القومي" فهي طبعا فكرة تناسب الأنظمة الشمولية المفلسة والشعوب العاجزة لأنها تلف الجماهير حول النظام لعدة سنوات حتى يبتكر ذلك النظام اختراعا آخر يلهي به الناس.
ومالم يعرفه الكثيرون أيضا ومنهم الجماهير المغيبة أن الدولة تستطيع إصدار أذون خزانة للبنوك بفائدة 12% (سعرها حاليا)، أي نفس الفائدة التي ستدفعها على شهادات قناة السويس لكن في الحالة الأولي تحصل من البنوك على 20% ضريبة من الفائدة، وبذلك خسرت الدولة أكثر من 2% سنويا من ال 61 مليار جنيه بإصدار هذه الشهادات ( بالطبع الأموال التي دفعت مقابل شهادات القناة مودعة أصلا في البنوك). ربما تحقق الدولة فائدة اقتصادية محدودة وقصيرة الأجل هي لجوء الناس إلى بيع بعض الدولارات لشراء الشهادات المذكورة بالجنيه المصري مما قد يخفض سعر الدولار في السوق الحرة لعدة أسابيع أو أشهر قليلة.

الحكاية كلها أن دولة العسكر تسعى لخلق شعبية، وهي لا تملك ما تقدمه للناس على الطريقة الناصرية فتقدم لهم أجهزة كفتة بإصدارات مختلفة وكلما انكشف جهاز ابتكرت الهيئة الهندسية جهازا آخر!! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق