الأحد، 15 أكتوبر 2023

حثالة المناضلين

 

مثلما توجد حثالة البروليتاريا وحثالة المثقفين توجد أيضا فئات نسميها حثالة المناضلين، تتمثل – حسب تصورنا- في الجماعات الآتية:

- الذين يناضلون ضد السلطة شكليًا فقط وفي حدود حماية النظام الذي تمثله من الثورات الجماهيرية، مثل ثورة الجياع على سبيل المثال، بتقديم بعض الخدمات للجماهير مثل جمع التبرعات ومساعدة الفقراء بالطعام والملابس. وهؤلاء يختلفون عن الثوريين الذين يساعدون الفقراء على إنشاء مؤسساتهم المستقلة مثل بنوك الفقراء والتعاونيات والنقابات المستقلة والجمعيات الأهلية والمشاريع في اقتصاد الظل وجمعيات العون المتبادل خارج إطار النظام الرسمي ومشاريع محو الأمية ونشر المعلومات مجانًا، وغيرها. فهذه المجموعات تساعد الطبقات الشعبية على الاستقلال عن الدولة والنظام وإقامة مجتمعٍ موازٍ ومستقلٍ.

- مناضلون يعملون على تجميل وجه النظام بالانخراط فيما يدعو إليه من حوارات ودية مع المعارضة أو الانتخابات الصورية المقرر تزويرها، بالإضافة إلى المشاركة في أحزابه الرسمية الصورية أو مشاركته في جبهة صورية من أحزاب كرتونية مع حزب النظام. وبعض المعارضين يؤيدون النظام الحاكم في مجمل سياساته وأحيانًا كلها بحجج مختلفة، فكيف يكونون معارضين!

- البعض من المعارضة يعمل على تجميل صورة الحاكم المستبد بينما يناضل ضد بعض أعضاء نظامه مثل وزير ما أو بعض الضباط أو الإعلاميين الرسميين، وهذه ظاهرة واسعة الانتشار في العالم العربي، من أمثلتها سياسة الحزب الشيوعي المصري تجاه النظام الناصري رغم وجود مئات من أعضائه في المعتقلات، ومواقف كثير من اليساريين من نظام العسكر الحالي منهم أفراد مستقلون بجانب حزب التجمع الوحدوي وربما غيره.

- المناضلون ضد الهجرة الشرعية وغير الشرعية وكثرة عدد الأجانب الذين يضغطون على سوق العمل أو سوق السلع والخدمات، والنازحين الأجانب عمومًا، لصالح الشعب زعمًا. من الأمثلة "كفاح" مثل هؤلاء في غرب أوربا ضد القادمين من شرق أوروبا أو العالم الثالث.

- من يناضلون من أجل السيطرة على مؤسسات مثل الأحزاب والنقابات وتبوء مناصب عليا فيها تجلب المزايا المادية أو المكانة الاجتماعية التي تستخدم كأساس لمساومة السلطة حول مكاسب خاصة أو لفت انتباه المانحين الأجانب وبالتالي جلب الدعم المادي.

- هناك مناضلون قد يضحون بأنفسهم سجنًا وتشريدًا في سبيل أهداف رجعية، منهم المناضلون ضد الحداثة والتقدم والحرية. ومن أمثلة هؤلاء الإسلاميون عمومًا والمتأثرون بأفكارهم قبل الحداثية. منهم أيضًا المناضلون ضد الفن وما ينعتونه بالعري والفجور، وضد الحرية الجنسية بحجة المحافظة على ثوابت الدين والمجتمع. يضاف الإرهابيون الذين يكتفون بأعمال العنف من تخريب للممتلكات وقتل الخصوم دون مشروع عملي لتغيير النظام، وضمن هؤلاء بعض الجماعات الأناركية في الغرب.

- من يناضلون من أجل المصلحة المباشرة، مثل العمال الذين يكافحون من أجل منح الأولوية لتعيين أبنائهم في نفس مجالات عملهم المجزية، وعندنا في مصر أمثلة من هؤلاء. يضاف نضال بعض المهنيين من أجل المحافظة على سلطات النقابة كطائفة حرفية ودار خدمات لأعضائها وزيادة ما تقدمه من خدمات مادية لهم دون العمل على تحويلها إلى نقابة حقيقية.

- هناك من يمارس النضال كمهنة، يمكن وضعهم تحت مقولة موظف مناضل، فيكون النضال صنعة أو حرفة يمارسها الشخص لصالحه المباشر. فبعضهم يناضل مقابل مكافآت من جهات ممولة لنشاط معين ويراعي حدود تلك الجهات، منهم بعض المناضلين الحقوقيين (لا نقول كلهم). وهذا ينطبق على المناضلين المحترفين أو الطليعة "الثورية"  في بعض الأحزاب والنقابات وغيرها الذين يحصلون على مداخيل مرتفعة ومجزية لقاء عملهم في هذه المنظمات. باختصار وظيفة مناضل في هذه الحالة تكون هي مصدر دخل الشخص. بل قد نرى هذا المناضل في بعض الحالات يغير ولاءه ومواقفه ويتلون حسب الطلب في خدمة أي طرف.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق