الأحد، 15 نوفمبر 2015

عن السيسي في ذكرى وفاة هيجل

عادل العمري


تحل اليوم ذكرى وفاة فيلسوف ألمانيا العظيم. ولسبب ما أتذكره دائما.
اليوم تذكرت عبارته الشهيرة: "المعقول حقيقي والحقيقي معقول" What is rational is real
And what is real is rational
والتي ذكرها في تمهيده لكتاب: أصول فلسفة الحق:
والتي أساء فهمها كثير من اليساريين متهمين الرجل بتبرير الواقع وبالرجعية..إلخ.
المفهوم لمن يعرف هيجل أن وظيفة الفلسفة هي معرفة حقيقة أو علة الوجود وليس تحديد كيف يجب أن يكون. والمعقول هو الفكر المحض؛ المفاهيم التى لها مبرر عقلي وتكون بالتالي حقيقية لأن الفلسفة عند هيجل تبحث عن حقيقة العالم أو علته العقلية. فمقولات مثل الوجود والماهية والفكرة..هي مقولات عقلية يمكن استنباطها من بعضها البعض وهي مستقلة عن الأشياء الجزئية؛ العالم يمكن أن يوجد بدون الكرسي أو أسامة أو العمارة الفلانية لكن لا يمكن إلا أن توجد مقولات مثل الوجود والعدم والصيرورة. لذلك فالمقولات المجردة السابقة ضرورية عقليا، فهي إذن حقيقية أما الأشياء الجزئية فعارضة ووجودها غير ضروري للعالم عقليا (فكرة تشبه الجوهري والعرضي عند فلاسفة مسلمين).
أما عن السيسي فقد انتبهت وأنا أقرأ مقالات لبعض المطبلين أنهم يعتبرونه ضروريا بمعنى يقترب من المعنى الفلسفي لكلمة ضروري؛ فهو لديهم يكاد يكون مفهوما مجردا جاء من خارج الزمان والمكان لا يعتمد في وجوده على غيره مثل بقية البشر، بل هو الأصل وهو الحقيقي والمعقول. هذا عن الشخص أما عما ارتكبه من أعمال أضرت البلاد والعباد فهي تشبه الأشياء الجزئية عند هيجل؛ فهي عوراض لا قيمة لها في التحليل السياسي ووجودها غير حقيقي، بل قد تكون تمت بضغط النظام القديم أو الدولة العميقة أو أن الزعيم لديه حكمة ما لا نعرفها ستتضح فيما بعد. بل بلغ بأحد المطبلين (صديق سابق للأسف) أن اعتبره هو الذي منح الشرعية للدولة، أيْ أنه يمثل أصل الشرعية التي استمدها من التفويض رغم أن هذا الأخير كان لمحاربة الإرهاب لا للحكم، وهو وآخرون اعتبروه يمثل وحده النظام الجديد الذي يتشكل ضد النظام القديم الشرير الذي بالطبع يُعتبر وجوده عرضيا أيضا وسيزول حتما مقابل الوجود الحقيقي للسيسي، زعما.
إذن يكون السيسي هو المعقول والحقيقي وكل ما عداه عرضي وزائف وغير حقيقي.
هكذا تم تحويل شخص جزئي عارض بالطبيعة ومعبرا عن قوة اجتماعية هي الجيش إلى مفهوم مجرد وكلي مستقل عن الوقائع المحيطة ويتحرك بقوته الذاتية محققا غاية تحديث مصر كقدر مقرر سلفا كأنها حتمية.

أعلم أن ربط الموضوعين غريب لكنه طرأ على ذهني في هذا اليوم الذي توفى فيه واحد من أعظم الفلاسفة لا أعرف لماذا!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق