هي رسائل لیدي دوف چوردون -
ترجمة:
إبراھیم عبد المجید
https://bostan-ekotob.com/bostan/20/708.pdf?fbclid=IwAR0STlch7JVwhhHayh_u3VqLzRLXulfkkW3_KDf7joZ3MEyaBTiGR4QJCgc
المقتطفات عما يخص ثورة الفؤوس في مصر عام 1864:
- منذ أسبوع سمعنا بأنه تمت مھاجمة باخرة بروسیة
وقتل كل من كانوا علیھا واحترقت الباخرة، وبأن عشر قُرى كانت في ثورة لا تنتھي وأن
أفندينا "نائب السلطان العثماني" بنفسه أتى ومَحَا القرى كلھا وأباد سكانھا،
الحقیقة ظھرت الآن وھي أن درويشًا مجنونًا أحدث فوضى وسأروي الحكاية كما سمعتُھا..
لقد فعل كما كان أبوه يحب أن يفعل منذ ثلاثین سنة.. جعل لنفسه اسمًا بترديدٍ واحدٍ
من أسماء لله الحسنى، مثل "يا لطیف"، ثلاثة آلاف مرة كل لیلة لثلاث
سنوات فجعله ذلك منیعًا محصنًا، ثم عقد صداقة مع الجن الذي علمه كثیرًا من الحیل
مما يفعله السحرة في بلادنا حین يفكون كل القیود التي قیدوا بھا، ثم خدع أھل
الصحراء بأن أعطى نفسه لقب "المھدي المنتظر" الذي سیأتي مع السید المسیح
ويذبح عدو المسیح في نھاية العالم، واستھدف ثورة ضد الأتراك، ثلاث قرى شمال قنا
ھي: جاو والريانیة والبیادية اشتركت في الفوضى وجاء فاضل باشا بالقوارب البخارية
فأحرق القرى وأطلق النار على نحو مائة من الرجال ودمر الحقول، في البداية سمعنا أن
ألفًا قُتلوا والآن مائة، النساء والأطفال توزعوا ھاربین على القرى الأخرى، قال
البعض إن الدرويش قُتل والبعض قال إنه ذھب إلى الصحراء مع شخص بدوي وقلیل من
الفلاحین من القرى الثلاث التي أبیدت.
قرية جاو كبیرة.. تقريبًا في حجم الأقصر، الدرويش
من أبناء السالمیة.. قرية قريبة من ھنا، وأمس تم نقل أخیه الرجل المھذب وحَمِيْ
أبیه الحاج سلطان العجوز مسجونَیْنِ إلى القاھرة أو قنا.. لا نعرف إلى أيھما. يبدو
أن القارب المسلوب ملكٌ لتجار يونانیین، لكن لا أحد أصیب فیما أعتقد، ولا قاربَ
أوروبی تم الاعتداء علیه.
- البارون كیفینبرينك كان ھنا أمس ومعه زوجته،
رَأَيَا كل النھب الذي جرى للقرى وقالا إنه لم تكن ھناك أي مقاومة من الأھالي الذين
أطلق علیھم الجنود الرصاص بینما يفرون، وكذلك شھد كیف يدفع الجنود الشیاه وغیرھا
إلى المراكب. أريدكِ أن تكوني غیر قلقة عليَّ، الدرويش ومن معه من الرجال لا
يستطیعون الھجوم علینا لأننا على بعد ثمانیة أمیال كبیرة من الصحراء، وھناك جبل
بیننا وبینھم ومن ثم لدينا الوقت لرؤيتھم، ولقد نظمنا
أنه في حالة ظھورھم قريبًا منا فعلى النساء
والأطفال في الأكواخ العارية أن يأتوا إلى منزلي المحصن كقلعة وكذلك أي مسافر على
البواخر، وجمعنا نحو سبعمائة رجل قادرين على المعارك شاملة منطقة الكرنك، علاوة
على أن فاضل باشا والجنود في قنا على بعد أربعین میلًا.
جاءت ثلاثة قوارب إنجلیزية الیوم من الجنوب
- خبرني بأن الدرويش أحمد الطیب لم يمت، وبأنه
يعتقد أنه متعصب مجنون وشیوعي، إنه يريد أن يقسم كل الممتلكات بالتساوي
ويقتل كل العلماء ويدمر كل التدريس الديني ويعظ بنوع من إعادة تفسیر القرآن من
تفكیره ھو! "يريد أن يكسر ساعتك الجمیلة".. قال يوسف "ويعطي كل رجل
قطعة مكسورة منھا، وھكذا في كل شيء".
- عرفنا أن الباشا بنفسه في جِرجَا ومعه قوارب
بخارية وجنود وإذا زاد الخوف البسیط فالسفن البخارية ستُرسَل لالتقاط كل
الأوروبیین. ما يحزنني ھم القرويون البؤساء الذين صودرت كل ممتلكاتھم، مذنبین
كانوا أم أبرياء، وكثیر منھم قتل بالرصاص وھو يھرب.
- يخبرني الحاج علي بشكل خاص بأنه يؤمن بأن الغضب
من الحكومة يزداد عمقًا وصار شاملًا وسوف يكون ھناك انفجار لكن لیس الآن. إن
محاولة الباشا تنظیم أسعار الطعام باللوائح والمراسیم كارثیة جدا ، وبالطبع أسعار
المجاعة الحالیة وُضِعت على مسؤولیته.. فإذا كان رجلًا قادرًا علیه تحمل التوابع
حین يفشل. لا أُوْمِنُ بانفجار ما؛ أعتقد أن الناس اعتادت -مع الأسف الشديد- المعاناة والطاعة إلى جانب أنه لیس
لديھم أي وسائل اتصال والمراكب البخارية للحكومة يمكن أن تجري شمالًا وجنوبًا وتستھدفھم.
إن الريف ممتد إلى ثمانمائة میل طولًا ومن واحد إلى ثمانیة أمیال عرضًا، والسكان
قلیلون. فقط ھي القاھرة يمكن أن تفعل أي شيء، وكل شيء يسرّ القاھريین يتم عمله على
نفقة الفلاحین.
- أتمنى ألَّا تتملككِ الخیالات بأني نُھبتُ أو
ذُبحتُ عن طريق ذلك الدرويش المجنون الذي تسبب في خراب قرية جاو وثلاث قرى ھنا
وأكثر من ذلك نظمنا الخطوات أخرى، أؤكد لك أننا بخیر جدا للدفاع عن أنفسنا إذا
شرفنا أحمد الطیب بالزيارة! الحرارة تستقر عند 89 درجة الیوم.. بالطبع أنا أفضل،
أزداد سِمنةً وأسعل أقل.
- تسلمتُ الآن خطابك المؤرخ في 3 مارس مع آخَرَ
من جانیت التي تتساءل كیف كانت لحظات قلیلة التي شغلتھا إبادة أربع قرى في البلاد،
لم يكن الأمر ذا بال عندھا وبدا أنھا لم تعرف عن الثورة ھنا ولم تسمع بھا.
- في خطابي الأخیر إلى أمي حدثتھا كیف أن درويشًا
مجنونًا اسمه أحمد الطیب أثار القلاقل في "جاو" شمال قنا، وكیف سرق
مركبًا وكیف نظرنا جمیعًا إلى "الرزية" وصممنا على قتال أحمد الطیب
وأنصاره، ثم سمیناھم "حرامیة" ومتعطشین للدم فانتظمنا لمواجھتھم لنحمي
أملاكنا، لكن نقول الآن "ناس مساكین".. ويھمس كل واحد إلى الآخر بأن لله
لن ينسى ما فعله الباشا. بالطبع لن نعرف الحقیقة، لكني أعرف أن أحد الباشوات قال
إنه شنق خمسمائة، وقال
آخر إنه أرسل ثلاثمائة إلى فازوجلو (مكان في السودان -عادل) وكلھم بسبب سرقة قارب
يوناني مات فیه فقط رجل واحد ھو قائد الدفة! لا أستطیع أن أقرر أن شیئًا حدث من المتمردين
بعد خروجھم إلى الصحراء للاستماع إلى كلام الدرويش الذي بلا معنى، ورؤية العصي
تھتز بالرياح. قیل لي إن الجماعة التي سرقت القارب كانوا قرابة أربعین رجلًا قويا.
لكن القصص الأكثر رعبًا جرت بین الناس عن الأعمال الوحشیة التي اقترفھا الجنود في
القرى البائسة، لیس من قُتلوا بالرصاص دون مقاومة فقط لكن قتل النساء والفتیات
الغاضبات وشنق الرجال وشحن المراكب عنوة بالمسروقات، الأسوأ أن كل واحد يعتقد
أن الأوروبیین ساعدوا وحرضوا والجمیع يعلن أن الأقباط تم تجنبھم لیشكروا الفرنجة،
أنا لا أخبرك بالحقائق.. فقط ما يقوله الناس لأريك مشاعرھم. واحد من أكثر الشباب
احترامًا جلس أمامي على الأرض وأخبرني بما سمع من ھؤلاء الذين جاؤوا عبر النھر..
- حكايات مرعبة عن تعفن الجثث التي تركت بلا دفن
بأوامر الباشا.. عن جثث نساء مفتوحة حاملةً أطفالًا.. إلخ. "ھل عرفتِ ھذا يا
سیدتنا؟ إننا شعب مسالم في ھذا المكان، ومنذ الآن إذا جاء مجنون وتبعه بعض الحمقى
إلى الصحراء سیرسل أفندينا جنوده لھدم المكان ويأخذ فتیاتنا البائسات الصغیرات
كغنیمة ويشنقنا.. ھل ھذا عدلٌ سیدتي؟"
- لقد رأى أحمد البربري الأوروبیین بقبعاتھم مع
أفندينا على المركب البخاري ومعھم الجنود. "في الحقیقة لا يوجد أكثر بؤسًا
منا نحن المصريین في كل العالم؛ الأتراك يضربوننا والأوروبیون يكرھوننا ويقولون
إننا نستحق ما يحدث، باسم لله.. الأحسن لنا أن نضع رؤوسنا في التراب ونموت ونترك
الأغراب يأخذون أرضنا ومحاصیل قطننا لھم، بالنسبة إليَّ فإني متعب من ھذه الحیاة
البائسة وأخاف على بناتي البائسات الصغیرات".
- وأعلم أن أولئك الرجال في الذين كانوا متوحشین
جدا ضد مثیري الشغب في البداية.. ھُم الآن في مزاج للثورة على الأتراك أنفسھم،
تمامًا كما لو كانوا بريطانیین مولودين أحرارًا، حتى إنه صار ھناك رجال من الطبقة
التي لديھا ما تخسره يُعبِّرون عن احتقارھم بحرية كبیرة.
- بشكل عام ھذه سنة بائسة في مصر؛ لم أسمع
الزغاريد مرة، كل واحد قلق ومحبط ويخشى الجوع، فالأرض عطشانة من انخفاض النیل،
والحرارة استقرت ستة أسابیع أقل من العادية، والحیوانات فزغة من الجوع، والآن ھذه
الحكايات المرعبة عن إسالة الدم والعنف والسرقة.. "لأن الباشا أخذ الأرض في
ھذه القرى لنفسه"، أرى الحزن في كل مكان أعتقد أن الحاجَّ علي كان محقا وسوف يكون ھناك مزيد من
الاضطرابات، إذا حدثت فستكون جرَّاءَ العنف والاضطھاد في "جاو" والقُرى
الثلاث المجاورة لھا. من السالمیة على بعد میلین جنوب الأقصر أُخِذ كل رجل وامرأة
وطفل -على أي صلة قرابة لأحمد الطیب- مقیدًا في السلاسل إلى قنا، ولا أحد ھنا
يتوقع أن يرى أحدًا منھم يعود حیا.. بعضھم رجالٌ خَیِّرُون معروفون كما عرفت،
وسمعت الرجال يقولون "إذا قُتِلَ الحاجُّ سلطان وعائلته فلن نقوم بعمل جید
مرة أخرى، لأننا نرى أنه لا فائدة منه".
- كان ھناك نِقَاش بین ثلاثة أو أربعة أوروبیین
ھنا عند بداية الإشاعات عن الثورة عن تنظیم دفاع عن المسیحیین فقط، تصور أي إثارة
سخیفة مجانیة للغضب! لم يكن
ھناك علاقة بالدين في العمل (تقصد التمرد -عادل) بالمرة وبالطبع كان الرجل
المناسب لتنظیم الدفاع ھو المعاون.. ھو ومصطفى وآخرون قاموا بالتخطیط واختاروا
بیتي كقلعة للدفاع إذا جاء مُثیرو الشغب، لیس لديَّ شك في أن السبب الحقیقي
للقلاقل كان الجوع وارتفاع سعر الطعام، كان مثل انتفاضنا أو شغبنا من أجل الخبز لا
أكثر وشیئًا ضعیفًا جدا أيضًا، إنه لمثیر وغريب أن ترى الوجوه الجمیلة للمسافرين
على الدھبیات كالعادة والأوروبیین بعیدًا عن أي اھتمام بمعرفة الخراب كما لو كانوا
في بیوتھم! حین أذھب وأجلس مع الإنجلیز أشعر غالبًا كأنھم أجانب بالنسبة إليَّ
أيضًا، ھل صرتُ الآن "بنت البلد" تمامًا ھنا؟
- انتھیت من كتابة خطاب إلى أَلِیك لأرسله
بالمركب البخاري الیوم.. سوف ترينه، ومن ثم سأدخل في الحديث عن قصص الشغب. حدث شيء
ھنا خلال عدة أسابیع وعبر ستین میلًا، والأحداث تلخص شخصیة أسطورية.. أحمد الطیب
لم يمت، وفي موضع إصابته بالرصاص تظھر علامات صغیرة خفیفة مثل آثار حروق. القصة
بدأت ھكذا: قبطي يمتلك جارية مسلمة تستطیع أن تقرأ القرآن وتخدمه، أراد أن يجعل
منھا "حريمه" فرفضت وذھبت إلى أحمد الطیب الذي أعطاھا مالًا تشتري به
نفسھا منه، لكنه رفض وأصرَّ على حقوقه المقررة وساندته الحكومة، وھكذا أعلن أحمد
الثورة ومعه الناس المتعَبون من الضرائب والاضطھاد.. وقالوا "سنذھب
معك"، ھذا ھو الملمح الوحید الديني المتصل بالعمل، أحمد الطیب ما يزال مقیمًا
في الجزيرة غیرَ مرئيٍّ للجنود الأتراك الذين ما يزالون ھناك.
- والآن.. في الحقیقة.. الرجل الذي أخبرني بأن
ألفًا وأربعمائةً تم اقتیادھم إلى السجن كان حسن شیخ العبابدة الذي ذھب إلى جاو
لإحضار المساجین. توقف المركب على بُعد میل جنوب الأقصر، ومحمد الخاص بي -وھو
الرجل الأكثر احترامًا وتھذيبًا ولیس مخترعًا للقصص- قد ذھب علیه إلى المطاعنة،
ركبت معه فوق حماري إلى الجزيرة وحین اقتربنا من المركب أسرعت مبتعدة عن الجزيرة
وعدت أنا بعد أن نظرتُ فقط إلیھا من الضفة وشممتُ رائحة سفینة عبید.. لم يحدث لي
ذلك من قبل، وعرفت فیما بعد أن "البیك" على سطح المركب قد ھرب من أمام
امرأة وحیدة فوق حمار. ھكذا حدث.. وكان قد أخبر شیخ العبابدة على ظھر السفینة بألَّا
يتحدث معي أو يسمح لي بالصعود إلى سطح المركب، وأن يطلب إلى القبطان أن يبتعد
میلًا أو میلین. كان محمد قد سمع كل ذلك، وجد على السطح مائة وثمانیة وتسعین
سجینًا بینھم مدير سوھاج التركي مقیدًا بالسلاسل وأقفال خشبیة في يديه مثل
الباقین. قدم محمد له بعض القھوة وكان متحضرًا معه، يقول إن المخلوقات المسكینة
تعامَلُ بسوء مرعب من قبل العبابدة والنوبیین "البرابرة" الذين
يحرسونھم.
- إنه مثیر أكثر مما تتصورين أن تسمعي حكايات
الناس كلھا، إنه بالضبط مثل العودة أربعة أو خمسة قرون إلى الخلف على الأقل لولا
وجود البواخر العصرية المختلفة والتلیجرافات الكھربائیة، وخوف ذلك البیك التركي من
قلم السیدة الإنجلیزية.
- الذي ساعد على القبض على الفقراء وأيضًا التركي
الشاب الذي وقف مستعدًا بینما فاضل
باشا يجعل الرجال ينامون على الأرض بالعشرات ويُقطَّعون بالفؤوس. صديقي
التركي -الشاب ذو الخلق الرائع - مندهش جدا من القضیة وعبَّر عن رغبته في أن يفعل شیئًا
حسنًا لكل الفلاحین في مصر. لقد رأيت بأم عیني قاربًا ثانیًا للمساجین، تمنیت من
لله أن يعرف الباشا السخط العمیق الذي سبَّبَهُ معاونوه. لا أحب قول كل ما أسمعه عن
العلماء، والقضاة، والمُفتِین.. إلخ، أعرف الكثیرين من المدن والقرى وكلھم يقولون "نحن
مسلمون لكن يجب أن نطلب إلى لله أن يرسل الأوروبیین لیحكمونا"، الشعور ضد
الحكومة والأتراك يرتفع ھنا..لیس ضد المسیحیین. صديق قبطي لي فقد كل عائلة عمه في
جاو..
- كلھم أطلقت علیھم النار مسلمین وأقباطًا.
بالنسبة إلى الحاج سلطان المقبوض علیه مكبلًا بالأغلال في قنا وصعدت عائلته إلى
إسنا.. فلم يكن ھناك أحسن منه ولا أكثر منه لیبرالیة مع المسیحیین، لقد قُبض علیه
ھناك لأنه حمو والد أحمد الطیب لكن السبب الحقیقي أنه غنيّ وبعض الأعداء يشتاقون
لثروته.
- اسألي مسیو مونییه عمَّا يعرف.. ربما أعرف أنا
أكثر من الشعور بأنني دائمًا متبناة من قبل أتباع أبو الحجاج، وأجلس كل مساء مع
بعض الجماعات أو غیرھا من الرجال المھذبین، أؤكد لكِ أنني في يأس بسبب كل ما أرى..
وما فعله الجنود أسوأ من وباء الحیوانات، ألیس القواسون قذرين بما يكفي؟ ألا
يشترون السلع في الأسواق بأسعار يحددونھا ھم ويضربون السقَّا للدفع من أجل قِرَب
الماء؟ من ينكر ھذا ھنا؟ القاھرة مثل باريس، كل شيء جمیل ھناك لكن ھنا...! بالطبع
يسمع أفندينا "النبوءات الماكرة" للطغاة الذين أرسلھم أعلى النیل، حین
كتبتُ من قبل لم أكن أعرف شیئًا مؤكدًا لكن الآن لدي شھادة شاھدي عیان، وأقول إن
الباشا يقوم بالخداع أو تم خداعه.. أتمنى الأخیرة. إن أمرًا منه يوقف ذبح النساء
والأطفال الذي على وشك أن يفعله فاضل باشا.
- ھل أخبرك بمصائر مئات المسجونین بعد اضطرابات
قرية جاو؟ بینما كانوا يعبرون الصحراء كان المملوك الیوناني ينظر في قائمته كل
صباح ويقول "حسني، أحمد، فلان.. أنتم أحرار، فكوا عنھم الأغلال"، ثم
يأتي بعض الأرناؤوط ويخفون الثلاثة أو الأربعة الذين فكوا عنھم الأغلال عن الحیاة،
ھذا ھو النفي إلى فازوجلو. ھل تذكر مذبحة سبتمبر في باريس والحديث عن حقوق المواطن
أثناء الثورة الفرنسیة.. مصادفة مدھشة.. ألیس كذلك؟ الكل ساخط، ھذا كلام الحريم
الخاص بالحكومة. السخط يملأ الھواء.
- لم أُمضِ أكثر من خمس دقائق في قِنا وعرفت كل
ذلك وأكثر منه، عن نھاية الحاج سلطان لن أتحدث حتى أمتلك الحقیقة مؤكدة، لكن أعتقد
أن ما مضى كان كما شرحتُه.. أُطلق سراحُهُ في الصحراء وقُتِلَ بالمصادفة! أريدك أن
تنشر ھذه الحقائق؛ إنھا لیست غائبة عن أي شخص لكنھا غائبة عن أولئك الأوروبیین الذين
تجعلھم الفوائد يغلقون أعینھم تمامًا عنھا، لكنھم قريبًا سیفتحونھا. إن الجشع
الأعمى للحاكم الحالي سوف يجعله يندھش من الإفرنج يومًا ما.. أعتقد ھذا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق