الاثنين، 26 أغسطس 2019

التهميش والبروليتاريا الجديدة


فصل من كتاب "الثورة المستمرة" – قيد الإعداد
ما هو التهميش؟:

ليس من السهل تحديد مفهوم "التهميش”، فهو يشمل فئات متعددة ومحاور كثيرة. كما أنه أنواع ودرجات متباينة، ويختلف معناه من بلد لآخر. فالأنجلوأمريكان عمومًا يركزون على الفقر كسبب للمعاناة المادية ومشاكل الأفراد، ويهتمون بتحديده بمستوى معين من الدخل. أما في أوروربا فهناك اهتمام بالفقر غير المالي، وبالإقصاء الاجتماعي[1]. وفي إثيوبيا يعتبرون الفقر مرادفًا للإقصاء الاجتماعي[2]، وبالفعل يؤدي الفقر الشديد في كل الحالات إلى درجة ما من الإقصاء؛ فالفقراء لا يمكنهم استهلاك سلع وخدمات معينة، ولا ارتياد أماكن مكلفة، وكلما ازداد الفقر كلما عجز المرء عن الاندماج في المجتمع. وعند الفقر المدقع يصبح الناس عاجزين عن التعامل مع التيار الرئيسي في المجتمع؛ الطبقات المتوسطة، ويتعرضون للحرمان من ضروريات الحياة.
فالمصطلح يشير إلى شيء شديد التعقيد وأحوال متداخلة. فليس الأمر واضحًا وضوح مفهوم مثل "الاغتراب"، أو العلاقة بين "نحن" و"الآخر"، ولا يصف مجموعة متجانسة من الناس مقابل مركز موحد ومتسلط ومحظوظ[3]. فالتهميش مصطلح يتجاوز الفقر، وقد يكون أحدهما سببًا للآخر، أو لا تكون هناك علاقة بينهما في بعض الحالات. وقد يشمل التهميش طبقات اجتماعية متناقضة؛ ففي اقتصاد الظل يكون كل من العامل وصاحل العمل ضمن المهمشين. وفي بعض الحالات يكون هناك ارتباط بين مهنة وجماعة إثنية بعينها، فيكون هناك تمييز ضدهما، كما الحال بالنسبة لليهود في شرق أوروبا في الماضي. وفي الحاضر توجد هذه الظاهرة في إثيوبيا بالنسبة لصناع الأواني[4]، كما يختص البنغاليون بأعمال النظافة في السعودية ودول الخليج، وهو أمر معروف. ويوجد تحديد آخر يضيف إلى مفهوم التهميش: 1 - فقد يكون الإقصاء ضد جماعات بعينها، مثل المعاقين، والمسنين، وذوي الميول الانتحارية، 2 - أو يكون الإقصاء من مجالات معينة، مثل السكن، العمل الدائم، التعليم، الائتمان..إلخ، 3- أو على أساس المشكلات المرتبطة بعملية الإقصاء، مثل البطالة وافتقاد المهارات والفقر وارتفاع معدل الجريمة وانحلال الأسر وسوء الحالة الصحية، أو 4-  العمليات التي تؤدي إلى التهميش، مثل العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، 5- الأدوات والعوامل التي تؤدي إلى الإقصاء، مثل سياسات الحكومة[5]. , Op.cit,وبيا يعتبرون الفقر مرادفًا للإقصاء الاجتماعي.
التهميش إذن هو مجرد موقع اجتماعي، وقد يكون الشخص نفسه مهمشًا في ناحية، مثل الحقوق الدينية، ومندمجًا من جانب آخر، مثل كونه رتبة في الجيش أو شديد الثراء. كما أنَّ هناك تهميش دائم وتهميش مؤقت[6]، حيث يتم إدماج أو اندماج البعض وتهميش آخرين طول الوقت. وقد يتم تهميش جماعة من الناس في بلد ما بينما لا تكون كذلك في بلد آخر (مثال وضع الفلطسنيين في إسرائيل والضفة الغربية مقابل وضعهم في أمريكا اللاتينية). كما يختلف نوع ودرجة التهميش لنفس الفئة من بلد لآخر؛ فتهميش النساء –مثلًا -  في بلد يختلف عنه في بلد آخر.
وينطوي التهميش أو الإقصاء الاجتماعي على الحرمان من حقوق أو فرص أو موارد يتمتع بها أفراد الجماعة وتكون ضرورية للتماسك الاجتماعي. لذلك يعتبر الفرد المهمش شبه مواطن، نصف أو ربع مواطن، أو شخص ناقص المواطنة عمومًا؛ Denizen.  هذا اللفظ يعني بالضبط "مقيم" وكان يستعمل في روما القديمة وصفًا للأجانب المقيمين في الدولة الرومانية[7].
والتعريف المبكر للإقصاء الاجتماعي أو للتهميش هو كسر الرابطة الاجتماعية، ثم تطور إلى تعريف أعرض، هو حرمان أفراد أو جماعات من المشاركة في المجتمع الذي يعيشون فيه، أو حرمان البعض على أساس انتمائهم الإثني، العرقي، الديني..إلخ[8]. ويمكن أنْ نقول ببساطة إنَّ المهمشين هم من ليسوا مندمجين بالتيار الرئيسي للمجتمع، القسم "المعترف به"، الخاضع للنظام، في هذا المجال أو ذاك. وضمن ذلك عمليات التهميش المتعمدة، بالتمييز ضد فئات معينة من المجتمع. والأمر الشائع أنَّ المهمشين هم من يتم الزج بهم إلى موقع غير مهم أو ضعيف؛ لكن هذا مفهوم لا يتفق مع واقع أنَّ المهمشين يساهمون بنسب عالية من الناتج القومى لبلدان عديدة، كما أنَّ بعض فئاتهم قد أصبحت قنبلة موقوته قادرة على تفجير الثورات. وبشكل مطلق ينطوي التهميش على عدم المساواة بين الناس، بل يخلق تراتبية اجتماعية على أسس متباينة.
ويشمل التهميش مجالًا بعينه أو أكثر، وعلى ذلك فهناك درجات وأشكال من التهميش، وبالتالي هناك عناصر مهمشة بدرجات متباينة وبأشكال مختلفة. فهناك بالطبع مهمشون بشكل كامل، مثل معظم أطفال الشوارع، بلا أيِّ هوية رسمية، لكن غالبية المهمشين هم في الواقع أشباه مهمشين، خارجين عن التيار الرئيسي بدرجة أو أخرى، وفي مجال أو آخر. فهناك تهميش اقتصادي، واجتماعي، وسياسي، وثقافي..
وليس هناك ارتباط مطلق بين التهميش والفقر؛ فقليل من المهمشين ليسوا فقراء، فالبعض يتكسب جيدًا من "عمله" سواء المسموح به قانونًا أو المجرًّم، وكثير من المهمشين متعلم ويستخدم الانترنت ولا ينتظم في عمل محدد أو منتظم أو مسجل رسميًّا. هناك أيضًا مثقفون - بالمعنى الضيق للكلمة – يقفون خارج أيِّ مؤسسات ثقافية رسمية أو غير رسمية وينتجون بشكل عشوائي وبلا مقابل: تهميش ثقافي. كما أنَّ التمييز العنصري، أو ضد مرضى ومشوهين..إلخ لا يفرق بين فقير وغني.
وضمن قطاعات المهمشين وأشباه المهمشين القطاعات التالية: مهاجرون غير شرعيين - أطفال الشوارع – النساء - العاطلون – العاملون في اقتصاد الظل – شعوب بأكملها (العالم الرابع) – كبار السن - الأقليات العرقية والثقافية مثل السود في بعض البلاد - أصحاب الذكاء تحت المتوسط – المعاقون - المصابون بالأمراض العقلية - المعاقون ذهنيا – المدمنون - المصابون بالتوحد – بعض أصحاب المواهب والعباقرة – المشوهون – المعدمون – الذين لا مأوى لهم - عائلات المسجونين أو الخارجين من السجن – حاملو أفكار سياسية مخالفة للسائد، مثل إقصاء الليبراليين أو الشيوعيين أو جماعات الإسلام السياسي.
وأكبر فئات المهمشين بدرجة من الدرجات تشمل:
* النساء: يتم التمييز ضد النساء في معظم دول العالم، خاصة فيما يتعلق بالعمل وشروط الزواج، بخلاف التحرش الذي يجبرهن على التقوقع والانعزال إلى حد أو آخر. وتتلقى النساء أجورًا أقل من الرجال في معظم البلدان، حتى في اليابان التي تعد من أكثر دول العالم في فرق الأجور بين الرجال والنساء (في 2010 كانت 44% من النساء يحصلن على أجر يقل عن الحد الأدنى للأجور[9]). ومع انتشار الصناعة في العالم الثالث صارت النساء أكثر جاذبية لهذه الصناعة بفضل إمكانية قبولهن لأجور أقل وعمل غير دائم[10].
* أطفال الشوارع: خصوصًا في البلدان الفقيرة، وكثير منهم لقطاء أو فقدوا عائلاتهم أو دفعهم فقر العائلة المدقع أو تفككها إلى اللجوء للشارع. ومنهم من يمارس العمل، سواء في مصانع أو محلات، أو يمارسون أعمالًا خدمية متعددة، بالإضافة إلى الانخراط في عالم الجريمة.
* جماعات بلا مأوى: وهذه جماعات ضخمة للغاية ومنتشرة في طول الأرض وعرضها، بما فيها أغنى بلدان العالم.
 * العاملين في اقتصاد الظل: أو الاقتصاد المستتر، أو الأسود؛ الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها أفراد أو مؤسسات، ولكنها خارج سيطرة الدولة، فلا تخضع للإحصاء والمراقبة بشكل رسمي، ولا تعرف الحكومات قيمتها الفعلية ولا تدخل في حسابات الناتج القومي ولا تدفع ضرائب ولا رسوم، ولا يخضع العاملون بها لنظام الأجور القانوني، أو نظم التأمين المختلفة. وتوجد به كافة أشكال العلاقات الاقتصادية من بيع وشراءائتمان  -تعاملات نقدية ومقايضة - بيع بالآجل وفوري، وتوجد فيه كل أنواع الفساد والجريمة، ويتضمن أكثر أشكال التبادل قدمًا (المقايضة) وأكثرها حداثة (تجارة إلكترونية)، ومن أبسط السلع (قوة العمل) إلى أكثرها تعقيدًا (مخدرات[11]، وأسلحة بقيمة غير معروفة)، من ذلك: الخدمة المنزلية - الورش والمصانع غير المرخصة - التجارة الجائلة وتجارة الأرصفة المتنقلة، العمالة الموسمية. وغالبية هذه الكتل عمالة منتجة للسلع والخدمات المعتادة، لكنها ليست مندمجة في المجتمع الرسمي، ومنهم من هم من أبناء المجتمع، أو مهاجرون أو لاجئون.
* الأقليات العرقية والدينية: مثل الغجر في مختلف البلدان، وخاصة في أوروبا، والـ بدون، في الكويت، والـ منبوذون في الهند، والمسيحيون في مصر، والملحدون في البلدان الإسلامية بالذات، واليهود من أصل إثيوبي والفلسطينيون في إسرائيل، والشيعة في السعودية والسنة في إيران..إلخ.أصحاب المواهب والعباقرة
طة المعدمون
* اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين: وهم فئة ضخمة ومنتشرة في أرجاء الأرض. منهم لاجئو الحروب، والمتعرضون للاضطهاد السياسي، والفارون من الفقر والبطالة..
* السكان الأصليين: في أمريكا واستراليا خاصة.
الخلاصة أنَّ الصورة النمطية للمهمشين، كأشخاص يرتدون ملابس بالية ويسكنون الشوارع ولا يجدوا قوت يومهم، وتستخدمهم السلطة ضد الثورات، لم تعد صالحة. بل يشكل المهمشون الآن قطاعات كثيرة ومتنوعة، وكثير منها فعال في المجتمع المعاصر.
معدل التهميش في العالم المعاصر:
* بلغ عدد سكان مدن الصفيح في 2006-2007 مليار نسمة، وسيبلغ 1.4 مليار نسمة في 2020، حسب الأمم المتحدة[12].
* قدر عدد المتشردين حول العالم بحوالي 100 مليون نسمة في عام 2005. يشكل الذكور نسبة 75 - 80% من المشردين في العالم الغربي.[13]
* شمل الفقر المدقع 35% من سكان العالم عام 1990، وقد انخفض إلى 10.7 % عام 2013[14].
* وفقًا للأمم المتحدة يعيش ثلث سكان العالم في مستوى منخفض للتنمية البشرية[15].
* حسب منظمة العمل الدولية: بلغ معدل البطالة في العالم في 2018  5 %، لكن هناك 61% من العمالة (2 مليار) في عمل غير رسمي[16].
* وجد 821 مليون شخص يعانون من الجوع وأكثر من 150 مليون طفل يعانون من التقزم بإحصائيات عام 2017[17].
* أظهرت نتائج المسح الإحصائي الذي أجراه صندوق النقد الدولي خلال الفترة من 1988 وحتى 2000 أنَّ الاقتصاد الخفي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط كان في الدول النامية يتراوح ما بين 35 إلى 44 %، وفي الدول الشرقية يتراوح ما بين 21 إلى 30 %، وفي دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يتراوح ما بين 14 إلى 16 %[18]. أما في الصين فقدر حديثًا حجم القطاع غير المهيكل لقطاع الظل المصرفي بـ 30% و 80% من الناتج المحلي الإجمالي[19].
* قدر عدد المهمشين في مصر في 2011 بـ 32 مليون شخص[20]. كما بلغ عدد أفراد طوائف المنبوذين - حسب ويكيبيديا - في الهند بـ 83.4 مليونًا، وهم يصنفون في عداد المهمشين، و91.9% من العمال الهنود غير رسميين[21]. بخلاف اللاجئين من سوريا والعراق وغيرهما. ناهيك عن تهميش معظم سكان اليمن بسبب الحرب والفقر..
* في 2008 قدرت نسبة النساء العاملات في عمل مؤقت في اليابان بـ 50%، والرجال بـأقل من 20%، وفي كوريا الجنوبية 57% من النساء و 35% من الرجال، وفي بريطانيا بلغت نسبة النساء في عمل جزئي الوقت 40% والذي يكون فيه أجر الساعة أقل من ساعة العمل بدوام كامل، بينما ترفع الحكومة شعار "قرن في بيوتكن"، أما في فرنسا وألمانيا فتقوم النساء بـ 80% من الوظائف ذات العمل جزئي الوقت[22].
* بلغ عدد الغجر في أوروبا فقط 12-15 مليونًا، يجدون صعوبة في الخروج من هويتهم وصعوبة أخرى في الاندماج بالتيار العام. وهم في العموم يعانون من الفقر والبطالة وسوء التغذية، وانخفاض متوسط أعمارهم، ونقص الخدمات العامة من مياه وكهرباء..إلخ. وهم يخضعون لمؤسسات خاصة مستقلة عن المؤسسات الرسمية[23]، ويتعرضون لأشكال من التمييز العنصري، رغم محاولات الحكومات للتقليل منها[24]. ففي دراسة عام 2011 وجد أنَّ نسبة البطالة بينهم في عموم أوروبا بلغت 74%[25]. وفي دراسة صربية (نشرت في 2007) وجد أنه من بين القادرين على العمل هناك 3% فقط من الرجال يعملون، و 1.5% فقط من النساء[26]، كما صرح رئيس تشيكوسلوفاكيا أنَّ نسبة البطالة بين الغجر في بلاده 90%  ورفض التراجع عن ذلك[27].
حسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في 21 مارس 2017: من بين الأكثر تعرضًا للعزل الممنهج، ليس فقط الاقتصادي، بل الاجتماعي والثقافي أيضًا: المرأة، سكان الريف، السكان الأصليون (5% من سكان العالم و15% من فقرائه)، الأقليات الإثنية، المعاقون، المهاجرون، اللاجئون، أصحاب الميول الجنسية الخاصة LGBT community في كل بلاد العالم تقريبا. والأكبر حجمًا هم فئة النساء (الزواج بالإكراه – الختان – الاستبعاد من أعمال معينة – ضرورة موافقة الزوج قبل الالتحاق بالعمل في 18 دولة، وفي 100 دولة يستبعدن من العمل بسبب جنسهنcit. التمييز بين النساء في معظم دول العالم؛ ففي 100 دولة يستبعدن من العمل بسبب جنسهن فئات معينة من الأغنياء أو الجهات السيادية"[28] - وهناك 250 مليون فرد يتعرضون للتمييز على أساس عرقي[29].
من المهم جدًّا أنْ نعرف أنَّ عشرات الملايين من عمال الصناعة في الصين وبقية دول العالم الثالث الجاذبة للاستثمارات الأجنبية يعملون بدون أيِّ غطاء تأميني أو أيِّ حماية قانونية. كما تصل ساعات عمل إلى 14 ساعة يوميًّا، بدون إجازات، وأحيانًا ينامون في المصانع، ولا تتمتع النساء بإجازات وضع، وأحيانا بالحق في الحمل والإنجاب أصلًا. والأجور ضئيلة للغاية. وهناك الكثير من حالات الانتحار المسجلة في تلك المناطق[30].
 عوامل ظاهرة التهميش بوجه عام:
الظاهرة قديمة قدم النوع البشري: الطرد أو الفرار من القبيلة – في العصر الحديث: الطرد أو الانسحاب من نشاط اجتماعي معين أو من عدد من الأنشطة والمجالات الاجتماعية. وهذا قد يتم بشكل ممنهج أو نتيجة لآليات عمل النظام الاجتماعي نفسه. وضمن الآليات العوز الشديد، الذي يدفع الناس إلى العجز عن المشاركة في استخدام إمكانيات المجتمع.
وقد كان معدل هدم المجتمع القديم (قبل الرأسمالي) أعلى من معدل بناء المجتمع الجديد. في أوروبا تم حل هذه المشكلة عن طريق الهجرة إلى الأمريكتين واستراليا ومناطق أخرى. أما في البلدان التي استعمرت وسارت في طريق نمو التخلف، فقد استفحلت المشكلة وما زالت. كما لعب النمو المركب دورًا ليس قليلًا: انخفاض معدل وفيات الأطفال دون استيعاب الثقافة الحديثة العقلانية، مما أدى إلى "الانفجار السكاني". كذلك أدى تقدم قوى الإنتاج إلى خلق فائض سكاني يتضخم على مستوى العالم، يتم التغلب عليه في الغرب بانخفاض معدل المواليد، وبالتالي يحدث توازن إلى حد ما. إلا أنَّ تقدم قوى الإنتاج قد أدى لانخفاض نسبة عمال الصناعة، لصالح عمالة الخدمات، التي تكون في جزء منها خدمات عابرة، وحتى طفيلية، وهذا مما يفاقم من ظاهرة التهميش. أما في العالم المتخلف فمازال معدل المواليد غير متوازن مع معدل خلق فرص عمل. وهذا ضمن أهم عوامل الهجرة غير الشرعية وما يترتب عليها من ظاهرة المهمشين في الغرب. يضاف نمط التنمية في العالم الثالث، أو ما يسمى بالنمو الرديء، يفاقم من سوء توزيع الثروة لصالح القلة، مما يزيد من حدة الفقر واتساع مداه.
هناك أيضًا فساد الحكومات وتخلف الرأسمالية المحلية في بلدان العالم الثالث، وقد فاقم من التهميش اتباع سياسة النيوليبرالية، التي أخرجت قطاعات واسعة من السكان من العمل ومن مظلة الضمانات الاجتماعية. إذ انتهى عصر السياسات الدولتية في العالم الثالث، العصر الذهبي للفقراء.
وفي الغرب فشل النظام في استيعاب الأجيال الجديدة من المهاجرين القدامى، لأسباب ثقافية بشكل أساسي، مما خلق جيوبًا ومناطق مهمشة تتسع مع الوقت.
في معظم الحالات يكون التهميش إجباريًّا ومصحوبًا بشكل أو آخر من أشكال التمييز، والقهر. لكن أحيانًا ما يكون اختياريًّا؛ فهناك من يختار بنفسه التهميش إزاء ما هو مفروض عليه من الخارج، في إطار رفض السياق المجتمعي[31]، ولدوافع متعددة، منها الرغبة في مجرد تحقيق زيادة في الدخل الأصلي، أو لاكتساب خبرة معينة، أو للتعويض عن الفشل..[32].  وهناك اختيار بعض المستثمرين العمل في اقتصاد الظل لتعظيم أرباحهم، ومثل تهميش بعض النساء لأنفسهن في بعض البلاد وبعض الأوساط بحجج دينية أو غيرها، وهناك من يختارون حياة البدو الرحل فينتقلون من بلد لآخر، وبالطبع عالم الجريمة المنظمة عمومًا.
لدينا مثال مصر كنموذج لعملية تهميش ممنهجة واسعة النطاق، حيث يجري بناء مصر جديدة منفصلة عن بقية البلاد: عاصمة جديدة، مصيف ومشتى مرتبطان بها بطرق سريعة، تتمتع بخدمات متطورة، أسعارها بالغة الارتفاع بحيث تجذب فقط الطبقات الثرية، وفي مصر القديمة يتم إنشاء مشاريع تخدم الأغنياء مع طحن الفقراء والطبقة الوسطى. منح مستمرة للجيش ورجال الأعمال مع ترك بقية البلد في حالة من الخراب. كما يتم حرمان قطاعات واسعة من الشعب من التمتع بشواطئ النهر والبحار، مع قصر استخدامها على فئات معينة من الأغنياء أو الجهات "السيادية". كما يتم حرمان فئات وشرائح اجتماعية وطبقات بأكملها من وظائف معينة، مثل وظائف القاضي والضابط والدبلوماسي.  
عوامل انتشار اقتصاد الظل:
في البلدان المتخلفة:
 * عدم عدالة وشفافية النظام الضريبي.
 * فساد الحكومات.
* تكاليف التراخيص وتعقد إجراءاتها وما يصاحبها من فرض إتاوات.
* ارتفاع نسبة مساهمة الأفراد في الضمان والتأمينات الاجتماعية ومعاشات التقاعد.
* انخفاض الأجور في القطاع الرسمي.
 * البطالة الواسعة.
 * البطالة المقنعة، خاصة في الاقتصاديات الدولتية.
 * وضمن عوامل انتشار اقتصاد الظل إنتاجية العامل في الاقتصاد الخفي قد تكون أعلى منها في الاقتصاد الظاهر أحيانًا، وذلك نظرًا لارتفاع حوافز العمل الخفي وتأقلم العامل مع ظروف العمل وارتياحه لها[33].
 * هناك مستثمرون يعملون بشكل غير رسمي ويحققون أرباحًا هائلة بدون تأسيس شركات ولا دفع رسوم ولا ضرائب، على رأسهم مستثمرون في القطاع العقاري.
بالتأكيد هناك جانب مظلم لظاهرة اقتصاد الظل؛ فبخلاف استغلال العمال، وحرمانهم من التأمين والعمل النقابي، هناك ظاهرة الغش التجاري، مثلما نراها في صناعات "تحت السلم"، وهذا نشاط لا يخضع للمواصفات وشروط الإنتاج والتخزين السليمة. وهو يقدم سلعًا قصيرة العمر، وبالتالي تكون مكلفة -عمليا – وقد تشكل خطرًا على الصحة والبيئة. تضاف ظاهرة الإعلان المنفلت غير القانوني، مثل إعلانات الأدوية والوصفات الطبية والسحرية. ومن نافلة القول أنَّ اقتصاد المخدرات والاتجار في البشر وبقية الأنشطة الطفيلية تساهم في تدمير صحة الناس، وتحويل جزء مهم من الثروة الاجتماعية إلى المسيطرين على هذه الأنشطة، وتوجيه جزء من الجهد البشري بعيدًا عن الأنشطة المنتجة والمفيدة لعموم الناس. كذلك يجعل اقتصاد الظل حصر الناتج القومي مستحيلًا، ويجعل دراسات الجدوى للمشاريع الرأسمالية صعبة، كما يحرم خزينة الدولة من حصيلة من الضرائب والرسوم.
في البلدان المتقدمة:
 بخلاف عوامل وجود النشاط الإجرامي، فضمن أهم عوامل انتشار اقتصاد الظل وجود مهاجرين غير شرعيين، وجماعات مهمشة أخرى من نفس البلد، وانخفاض أجور المهمشين الذي يشجع أصحاب الأعمال على توظيفهم. كما ساهمت العولمة الرأسمالية في تحقيق سيولة في سوق العمل في الغرب، مما أدى لنمو ظاهرة العمل في الظل.

مضاعفات التهميش:
* الجماعات المهمشة تمامًا، مثل معظم أطفال الشوارع تتعرض للانتهاك خارج القانون.
* الفقر أحد نواتج التهميش بالنسبة للغالبية العظمى من المهمشين، ومعه الجريمة بأنواعها، وطبعا المشاكل الأسرية.
* تتعرض بعض الأقليات الدينية إلى حرمانها من إقامة أماكن العبادة أو من طقوس العبادة نفسها، مثلما الحال في السعودية، ومصر إلى حد ما. كما يتعرض اللادينيون في بعض البلدان إلى الاضطهاد سواء من المجتمع أو الدولة، وأحيانا يدخلون السجن أو يتم إعدامهم بتهم مثل الكفر أو ازدراء الأديان.
* عمال الظل لا يتمتعون بغطاء تأميني.
* تعاني النساء في كثير من البلدان من صعوبة الحصول على عمل، ومن قوانين تمييزية بخصوص الزواج والطلاق، بل ومن العنف الأسري، والتحرش الجنسي بكل أشكاله.
* يتعرض اللاجئون والمهاجرون غير الشرعيين وحتى الشرعيون للتمييز في كثير من بلاد العالم. سواء من قبل الحكومات أو المجتمع المدني. وأحيانًا إلى العنف بما فيه القتل. من أمثلة ذلك ما تقوم به الجماعات النازية في ألمانيا، والتصرفات العنصرية في مصر ضد الأفريقيين والسوريين، رغم تمتعهم بوضع قانوني، وفي الولايات المتحدة.
*  يتعرض الباعة الجائلون والموسميون لاضطهاد الشرطة، وما حادث بوعزيزي في تونس (أحرق نفسه احتجاجًا على اضطهاد الشرطة)، ومحسن فكري (قامت الشرطة بفرمه داخل عربة للقمامة) في المغرب إلا مثالين.
* ذوو الميول الجنسية الخاصة يعانون من التمييز والاعتداءات، وحتى السجن، في عدد من البلدان.
* لا يساهم اقتصاد الظل في حصيلة الضرائب والرسوم والتأمين على العمال، فيحرم المجتمع من أموال طائلة.
* كثيرًا ما ينتج اقتصاد الظل منتجات رديئة وضارة بالصحة أو السلامة.
* غياب السكن الملائم، ومصادر المياه والصرف الصحي والكهرباء يؤدي إلى ضعف أداء مئات الملايين من الناس في أنحاء العالم، المترتب على ضعف حصيلة كثير منهم من العلم والمهارة وضعف مستواهم الصحي.
* أضرار تجارة المخدرات.
* كما توجد مضاعفات نفسية خطيرة نتيجة للتهميش من كل الأنواع، ضمنها انتشار الشخصيات السيكوباتية، والعدوانية، والاكتئاب.

تراجع دور الطبقة العاملة:
حققت الطبقة العاملة في أوروبا صعودًا كبيرًا لكل من نضالها الاقتصادي والسياسي في الفترة التالية لكومونة باريس في 1871 حتى الحرب العالمية الأولى، وقد شهدت تلك الفترة نموًّا واضحًا للحركة الاشتراكية بمختلف توجهاتها، كما شهدت تكون الأممية الثانية[34].
لكن منذ تلك الحرب، ومع اتجاه أحزاب الأممية الثانية للإصلاحية، بدأ تراجع الحركة العمالية. ولم يقو وعيها كطبقة، بل تراجع بشكل فادح بعمق، حتى في نظر منظرين ماركسيين[35]. وقد تبلور هذا في وقوف الأحزاب العمالية في أوروبا مع دخول الحرب العالمية الأولى، بدعوى "الدفاع عن الوطن"، دون اعتراض ملموس من جماهير العمال أنفسهم. ويرى نفس الباحث أنه منذ سنوات 1920 وبعد موقف الاشتراكية الديمقراطية وظهور الستالينية، فإن الأمور قد انعكست، فلا توجد اليوم أحزاب سياسية تمثل مصالح الطبقة العاملة، بل ويمكن القول بأن الطبقة العاملة ومنذ عقود لم تظهر كحزب أو طبقة على الساحة السياسية وليس لها تأثير على الاحداث[36]. ومن المعروف أنَّ الطبقة العاملة الأوروبية لم تقف ضد الفاشية.
والملاحظ بوضوح أنَّ الطبقة العاملة غابت سياسيًّا عن الربيع العربي. صحيح أنه حدثت مشاركة من قبل عمال كأفراد في الاحتجاجات، لكن لم يقدم العمال جهدًا سياسيًّا في صورة عمل منظم أو جماعي. كما أنها شبه غائبة سياسيًّا في أنحاء العالم في الوقت الحالي.
ويمكن أنْ نحدد أهم عوامل ارتخاء الحركة العمالية في الغرب وفي العالم عمومًا:
* حققت الطبقة العاملة نجاحات كبيرة فيما يتعلق بشروط العمل، في الفترة من 1871 (وخاصة من 1880) وحتى قبل الحرب العالمية الأولى، مما دفعها لنبذ فكرة الثورة والاتجاه للعمل الإصلاحي، بل والتحالف مع الرأسمالية. فالإصلاحية قد حققت مكاسب على الأرض، أما العمل الثوري فباء بالفشل. وقد ساهمت حركة الاستعمار في ارتفاع معدل أرباح الرأسمالية، فصارت أقدر على رفع أجور العمال ومنحهم بعض المزايا. أما بعد الحرب العالمية الثانية فظهرت دولة الرفاه، تحت ضغط اتساع نطاق الأنظمة الاشتراكية.. كل هذا دفع الطبقة العاملة ليس إلى الخمود فحسب، بل حتى إلى الاندماج في النظام، حتى في عموم العالم الثالث. وقد تحدث كثير من زعماء الاشتراكية عن هذه الظاهرة، التي أصابت الكثيرين بالإحباط (مثل مفكري مدرسة فرانكفورت).
* بعد صعود الستالينية بكل بشاعاتها أصيب بالإحباط ليس فقط العمال، بل وكثير من المثقفين الماركسيين؛ فإذا كان هذا هو مصير ثورة العمال وذاك هو نتاج العمل الإصلاحي فمن يكسب؟!
* تراجع عدد عمال الصناعة لصالح عمال الخدمات في كل البلدان تقريبًا. وهناك الكثير من هؤلاء الأخيرين يقدمون خدمات عابرة، بالساعة أو باليوم. أي أنهم عمال مؤقتون؛ أشباه بروليتاريا. كما استغنت الصناعة الثقيلة عن العمالة اليدوية في البلدان المتقدمة، كما أصبحت هذه الصناعة أكثر أهمية في الاقتصاد ككل، مما قلص من التجمعات العمالية الضخمة التي كانت توجد في المصانع القديمة. كما انتشرت الأعمال الخدمية الطفيلية نتيجة لاتساع البطالة الناجمة عن الأتمتة.
* الخوف من التحول من عمال إلى مهمشين، بعد ظهور منافسين من المهاجرين واللاجئين في الغرب، واتساع ظاهرة التهميش في العالم الثالث. لقد أصبح العامل الرسمي (غير المهمش) يملك ما يفقده، من وظيفة وتأمينات وإعانة بطالة في بلدان كثيرة. وحتى مع تراجع الرفاه في عصر النيوليبرالية مازال هناك فرق كبير في الدخل والمزايا بين العامل والمهمش.
* ضعفت الحركة العمالية في كل بلدان الغرب بعد فشل الثورات الاشتراكية بعيد نهاية الحرب العالمية الأولى، وسقطت قيادات العمال في أيدي عناصر انتهازية ومتحالفة مع أصحاب الأعمال.. باختصار تبرقرطت الحركة العمالية.
مكونات المهمشين:
حثالة البروليتاريا أو البروليتاريا الرثة:
وهو مصطلح سكه ماركس، ووصف به كتلة من البشر مختلفة تمامًا عن البروليتاريا الصناعية، تعيش على هامش المجتمع وتمارس مهنًا طفيلية، تتميز بالإجرام وبدورها ضد الحركات الثورية. وهو لم يضم العمال المطرودين والذين أصيبوا بعاهات تمنعهم من العمل، أو كبار السن المقعدين، إلى هذه الفئة، بل قصر مصطلحه على: المتسكعين، الجنود المسرحين، الهاربين من السجون، النشالين، المحتالين، والمشعوذين، القوادين وأصحاب المواخير، مدمني القمار، والمتسولين، والحمالين، وضاربي الأرغن، وجماعي الأسمال، وسناني السكاكين، ولحامي المعادن[37]. ولا ندري لماذا اعتبر الحمالين وسناني السكاكين ولحامي المعادن ضمن حثالة البروليتاريا، إلا بمواقفهم المعادية للثورات في عصره.
يمكن أنْ نصنف حثالة البروليتاريا بأنها فئات يغلب عليها طابع طفيلي أو إجرامي أو كلاهما، مثل اللصوص والنصابين وتجار المخدرات والجنود المرتزقة، ومحترفي التسول، والقوادين، والمقامرين، أما ملاك اقتصاد الجريمة (غسيل الأموال)، والذي يمارس نشاطًا اقتصاديًّا شكليًّا ولو بالخسارة للتغطية على مصادر أموال غير مقننة، ومن يعملون في التجارة في السلع المسروقة أو المهربة من الجمارك والرسوم والاتجار بالبشر والتهريب والكسب غير المشروع.. فهؤلاء يمكن اعتبارهم من حثالة البورجوازية.
وهذه الفئة قابلة للاستخدام بواسطة السلطة لقمع الثورات: الشبيحة في سوريا والبلطجية في مصر، والبلاطجة في اليمن، والرباطة في السودان..
البروليتاريا الجديدة:
لكن المهمشون يضمون فئات مختلفة بالإضافة إلى حثالة البروليتاريا. فهم يشملون نسبة ملموسة من العمال، مثل عمال اليومية وعمال الظل والعمال الموسميين. كما يوجد ملايين من المتعلمين المهمشين اقتصاديًّا وسياسيًّا، ومثلهم من العمال المهمشين نقابيًّا، والعمال المؤقتون في القطاع الخاص وقطاع الدولة. كما يوجد مثقفون مهمشون وغير معترف بهم من قبل مؤسسات الدولة والمجتمع "الرسمية". ومثلما يوجد إعلام رسمي يوجد إعلام غير رسمي، على صفحات الإنترنت أساسًا، وكما توجد أحزاب ومنظمات، توجد تجمعات عشوائية من الشباب المسيس وغير المسيس، بل قد نجد علماء وباحثين معزولين عن مجتمع البحث العلمي، أو عاطلين متعلمين تعليمًا عاليًا، سمَّتهم أم الزين بنشيخة "قوة العمل المعرفي"[38]، وهؤلاء موجودون بأعداد ضخمة في العالم الثالث. بالإضافة إلى فئات أخرى كما سنرى.
لا يمكن جمع كل المهمشين وأشباه المهمشين في سلة واحدة، خصوصًا أنَّ بعضهم مهمش برغبته كما أشرنا. لكن يمكن تحديد قطاع معين منهم نسميه البروليتاريا الجديدة. وهم من يعملون عمالًا أو يعملون لدى أنفسهم في اقتصاد الظل: في الصناعات المختلفة، والعمالة الموسمية، تجار الأرصفة، الخدمات العابرة، والعمالة المؤقتة سواء في المشاريع الرأسمالية أو الحكومية، مثل مطاعم الوجبات السريعة وسلاسل المقاهي ومراكز خدمة العملاء ومهمات توصيل الطلبات، والعمل بالدوام الجزئي، وهو المنتشر للغاية بالنسبة للنساء. هذا القطاع من الناس يعاني معظمه من الفقر وغياب أيِّ نوع من التأمين، وكثيرًا من اضطهاد الدولة. وتتضمن البروليتاريا الجديدة قسمًا كبيرًا يسمى البريكاريا: وهي كلمة أدخلت إلى اللغة الإنجليزيّة عام 2004، وهيَ تمزج بين كلمة البروليتاريا proletariat  وكلمة البريكاريوس   precarious التي تعني المتزعزع أوالمؤقت. وهي تشير إلى فئات من العمال تلتحق بعمل مؤقت أو جزئي الوقت، وتفتقد للدخل الكافي للحياة، ولاستقرار الوظيفة، وللترقي في العمل، وللأمن والسلامة أثناء العمل (أعمال خطرة أو لمدد طويلة أو العمل الليلي للنساء، وبدون تعويض عن إصابة العمل)، وبدون فرصة لاكتساب مزيد من المهارة، ولا تتمتع بحقوق العمل الجماعي مثل حق الإضراب. وتضم هذه الفئة مئات الملايين من العمال في مختلف البلدان، خاصة في العالم الثالث. ويضيف الألمان للتعريف السابق، العاطلين تماما[39]. وقد انتشرت ظاهرة البريكاريا بعد بدء العولمة، بسبب انتشار التصنيع في العالم الثالث وبالتالي انتقال الملايين من الريف إلى المدن بسرعة، وانتقال العمال من بلد لبلد في الغرب، مما خلق سيولة شديدة في سوق العمل.
ولا نعتقد أنَّ البريكاريا هي جزء من الطبقة العاملة[40]، بل جزء من البروليتاريا الجديدة؛ فإذا كان العمال بوجه عام يتعرضون للبطالة والاضطرار لقبول عمل مؤقت في فترات معينة، فنحن نتكلم عن حالة تهميش مزمنة وليست عارضة، هيَ ما تخص البريكاريا. فهذه تعيش حالة عدم أمان دائم أو طويل المدى، خاصة أنَّ كثيرًا من أفرادها يختار هذا النوع من العمل برغبته ولا يود تغييره. وهم في هذا يتشابهون مع بقية البروليتاريا الجديدة، مثل الباعة الجائلين والعمال الذين يعملون لدى الزبائن بالقطعة أو باليومية أو بالمقاولة.
تشكل البروليتاريا الجديدة طبقة بمعنى غير ماركسي؛ فالبعض من أفرادها عمال، والبعض يعد صاحب عمل خاص، والبعض يعمل من المنزل مثل بعض مبرمجي الكمبيوتر وتجار الإنترنت، وغيرهم الكثير[41]. لكن على أساس وضعها غير المستقر، وعلاقتها الضعيفة بالمجتمع الرسمي، وطاقتها الثورية.  فهيَ تضم – بالإضافة إلى عمال مأجورين – عشرات الملايين من باعة الأرصفة ومن أصحاب الورش الصغيرة، ومن الفنيين الذين يعملون بالقطعة لدى زبائن، مثل عمال الصيانة من مختلف التخصصات. كما تضم خدم المنازل وحراس المباني وأطفال الشوارع وملايين بدون مأوى.. وكل هذه القطاعات لا يمكن اعتبارها من البروليتاريا؛ فما هو فائض القيمة الذي يدفعه الباعة الجائلون مثلًا؟ وكيف تستغل الرأسمالية أطفال وسكان الشوارع المتعيشين على أيِّ عمل يأتي بالصدفة؟
هذه "الطبقة" تنمو بسرعة، وعلى حساب عمال الصناعة بالذات، وتشكل تهديدًا للنظم القائمة. وتتسم بـ:
* اتساع الأفق، حيث إنها شديدة الديناميكية من الناحية الاقتصادية – الاجتماعية.
* الاستعداد للتحرر من ثوابت المجتمع، فهيَ أصلًا متحررة من القانون والعرف بدرجات.
* الميل إلى التحرر من الأيديولوجيا لصالح اليوتوبيا.
* كراهية الدولة.
* الميل إلى العنف، فغالبية أفرادها لا يملكون ما يفقدونه سوى معاناتهم.
* بها نسبة مؤثرة من المتعلمين والمثقفين الذين يجيدون استخدام الكمبيوتر والإنترنت.
*  الميل إلى الفكر اللاسلطوي، الميل إلى التعددية والقيادة المؤقتة، وديموقراطية التفويض. هذا بفضل تعدد الأنشطة ومجالات العمل ومستوياته. وقد شاهدنا ذلك في حركات الأناركيين المعتمجة على هذه الطبقة، وفي انتفاضات البروليتاريا الجديدة في أنحاء العالم.
الطاقة الثورية للبروليتاريا الجديدة:
البروليتاريا التي وصفها ماركس وإنجلز كانت في حال قريب من البروليتاريا الجديدة: فقر شديد – بلا أيِّ تأمين – بلا علاج – ساعات عمل طويلة جدًّا – كثير منهم يتعرضون لإصابات العمل دون تعويض – أجورالنساء أقل بكثير – عمالة الأطفال – مساكن غير آدمية..إلخ. وفي بدايات تكونها، درجت على تحطيم الآلات وتدمير المصانع، لكن استطاعت الرأسمالية استيعاب تلك البروليتاريا وتدجينها. إلا أنَّ الرأسمالية المعاصرة قد أعادت إنتاج بروليتاريا جديدة أكثر قوة وميلًا إلى الثورة وتحمل نزعة تدميرية عالية. وبعد تدجين البروليتاريا وظهور البروليتاريا الجديدة أصبحنا أمام واقع جديد. فالبروليتاريا الجديدة قد أثبتت أنها التحدي الأول والأقوى للنظام في كافة البلدان. فالقوى الاجتماعية الأساسية للثورة هيَ القوى التي تحمل ميولًا قوية للتغيير. فنزعتها التدميرية لا تعني مجرد الميل للتخريب، بل الميل لقلب النظام وتدمير أيِّ قالب. وبقدر ما تشكل تلك القوى جماعات ضغط وتحقق قدرًا من الهيمنة على المجتمع المدني، تنضم قوى أخرى للثورة، مثل العمال والطلاب وعناصر من الطبقة الوسطى والفلاحين الفقراء.
تعاني هذه الطبقة من الشعور البالغ بالإحباط والاغتراب، إذ أنَّ حياتها اليومية هيَ مجرد معاناة، حياة "غير معاشة" بتعبير إريك فروم. هذا الكابوس يولد عندها نزعة تدميرية هائلة، فأبناؤها ينتابهم الشعور بغياب أيِّ نوع من الأمان، فقد تركوا لمصيرهم دون سند، العدو وراؤهم وأمامهم: الفقر والمرض وقمع الدولة واستغلال المجتمع الرسمي. فهي طبقة تنزف طول الوقت ولا تجد طريقة لوقف هذا النزف. هذه الطاقة التدميرية الكبيرة جعلتهم مصدرًا لرعب المجتمع الرسمي بكل طبقاته، مثلما جعلتهم سلاحًا للردع في أيدي بعض الحكومات ضد الغرب، بالتهديد بفتح باب الهجرة غير الشرعية.
إلا أنهم من جانب آخر لديهم طاقة ثورية كبيرة، فهم قادرون على إشعال الثورات، وعلى مواجهة الدولة وتحريك العمال وبقية الجماهير، حسب الظرف. فقد شاركوا في الثورة الصينية، وفي ثورة الجزائر. ولدينا مثال علي لابوانت، أمي، عامل يدوي، مزارع يدوي، ملاكم؛ سجن في الإصلاحية بتهمة التخريب المتعمد، سجن سنتان في الإصلاحية بسبب السرقة، وثمانية أشهر بسبب ممارسة الدعارة ومقاومة القبض عليه، كان يسيء للآخرين بشكل دائم ويعشق المال (ربما كان شخصية سيكوباتية).. لكنه صار مناضلًا بطلًا وضمن قادة الثورة. ولا يمكن تغافل دورهم في ثورات الربيع العربي، ابتداء من انتفاضات الشباب المتعلم البريكاري في تونس ومصر وفي الجزائر في الوقت الراهن، وحتى عنف الجياع، من ذلك انتفاضة الغضب في مصر في 28 يناير 2011، التي دمرت جهاز الأمن. وحديثًا كانوا الجسد الرئيسي لانتفاضة السترات الصفراء في فرنسا، واعتصام وول ستريت في سبتمبر 2001، المتبوعة بمظاهرات في أكثر من 1500 مدينة في العالم، منها 100 في الولايات المتحدة. ولا ننسى هنا انتفاضات فئات مهمشة  في إشعال وقيادة وتشكيل الجسم الرئيسي في انتفاضات سابقة؛ في الولايات المتحدة في أبريل 1968، حين انتفض السود احتجاجًا على اغتيال مارتن لوثر كينج، الذي كان من أنصار العصيان المدني، كانت الانتفاضة عنيفة وشملت أكثر من 200 مدينة أمريكية. وكذلك في مصر؛ يناير 1977، انتفاضة جنود الأمن المركزي عام 1986، انتفاضة المحلة في أبريل 2008. انتفاضة المهمشين في لندن في أغسطس 2011. وانتفاضة المهمشين في فرنسا أكتوبر 2005، التي اتسمت بالعنف، وكانت مقتصرة على بعض الضواحي التي تسكنها جماعات متعددة الأصول والثقافات. والقسم الأكبر من هذه الفئات ينحدر من أصول عربية وأفريقية ومعهم أبناء جنسيات عديدة أخرى، وفيها فرنسيون كثيرون أيضا. فهي تشكل ظاهرة اجتماعية حقيقية، هي ظاهرة المحرومين الذين تركهم قطار التقدم الاقتصادي والاجتماعي[42].
وقد جرت البروليتاريا الجديدة في أحداث 2011 وما بعدها طبقات أخرى وراءها، مثل عمال الصناعة والفلاحين. ولقد كان إحراق بوعزيزي نفسه (مهمش) الشرارة التي أشعلت الربيع العربي، وكان قتل بائع السمك المتجول محسن فكري في المغرب شرارة أشعلت انتفاضة واسعة عام 2017. والحدثان يقدمان رمزًا لدور البروليتاريا الجديدة في تحريك بقية القوى المضطهدة (مع ملاحظة أنَّ كليهما كان متعلمًا؛ المرحلة الثانوية للأول، ودبلوم البحار للثاني).
وقد أديرت ثورات الربيع العربي بالإنترنت، أعلى تكنولوجيا حتى الآن، مما يدل على قدرة البروليتاريا الجديدة على تعاطي واستخدام التكنولوجيا الحديثة. فليس كل المهمشين ضعفاء ولا فقراء ولا كلهم قليلو الحيلة ولا مستضعفين. بل إنَّ بعض الفئات المهمشة قوية اقتصاديًّا بل وتنافس بقوة المجتمع الرسمي.
ومع كل طاقتها الثورية تحتاج البروليتاريا الجديدة إلى جر بقية الجماعات المهمشة وشبه المهمشة: الأقليات الدينية والنساء..إلخ. بجانب البروليتاريا والتكنوقراط (البروليتاريا المثقفة) وراءها؛ فالأخيرة تستطيع ممارسة ضغوط قاسية على النظام بحكم سيطرتها حتى الآن على العمود الفقري للاقتصاد، رغم الانتشار المستمر للبريكاريا في مختلف فروع الاقتصاد.
بحكم تكوينها الموزايكي وتباين أعمالها ومستوياتها لا تحمل البروليتاريا الجديدة  نظامًا محددًا، بل تميل موضوعيًّا إلى تحقيق ما يعتبره أبناؤها حقهم في الحرية والرفاهية؛ استرتيجيات الثورة المستمرة. وقد ظهر هذا واضحًا في انتفاضات الربيع العربي، حيث لم تطرح فكرة الاستيلاء على الدولة، بل طرحت وبإلحاح فكرة تفكيك الدولة الأمنية وإعادة توزيع الثروة وإلغاء الفساد. كانت شعارات الثورة المصرية هي: عيش - حرية – عدالة اجتماعية – كرامة إنسانية، وكان اختيار يوم عيد الشرطة لبدء التحرك أمرًا له مغزاه: ضد الجهاز الأمني.
كل القوى الاجتماعية الرسمية من بورجوازية وعمال وفلاحين وبيروقراطية وغيرها لها سقف وحدود؛ تريد نظامًا في نهاية الأمر، ولم نر البروليتاريا تطمح – عمليًّا - في أكثر من اشتراكية الدولة ثم الاشتراكية الديموقراطية بعد ذلك في الغرب. لكن المهمشون هم أصلًا خارج النظام فلا سقف لهم، واتساع التهميش على مستوى العالم، والذي يشمل متعلمين وعلماء وباحثين وأميين ومعدمين.. إلخ هو الأساس المادي للثورة المستمرة. لذلك تعتبر "طبقة" البروليتاريا الجديدة هيَ الطبقة الأكثر ثورية وهذا ما يشهده العالم بالفعل وسنرى ذلك في المستقبل.
ليست هذه أول مرة يطرح فيها الدور الثوري للبروليتاريا الجديدة. فقد ذكر فيتلنج أنَّ أضمن العناصر القادرة على الإطاحة بالمجتمع الرأسمالي وأكثرها ثورية هيَ البروليتاريا المتشردة، بل بروليتاريا اللصوص وقطاع الطرق[43]. كما أشار هربرت ماركيوز إلى الطاقة الثورية للأقليات المضطهدة والطلاب كتهديد للنظام، لكنه لم ينف ما أسماه بالدور التاريخي للبروليتاري.
من الممكن لتلك "الطبقة" إما أنْ تحاول وتناضل من أجل الاندماج في المجتمع الرسمي؛ مثلًا بتقنين أنشطتها والحصول على اعتراف رسمي، وهذا أمر يزداد صعوبة بفضل عجز الرأسمالية عن استيعاب البروليتاريا الجديدة، أو بالاستمرار في تقوية نفسها ومحاصرة المجتمع الرسمي ودفعه إلى التفكك، وبالتالي زيادة المنضمين إليها.
نعتقد أنَّ الطريق الثاني هو الطريق الثوري حقا؛ فمن الممكن للجماعات المهمشة إقامة مؤسساتها الخاصة (وهذا يحدث بالفعل)، بما فيها لجان دفاع شعبية وقضاء عرفي وجمعيات تعاونية اقتصادية واجتماعية، ولجان إغاثة، وصناديق مساعدة اجتماعية، وبنوك للفقراء، ومشاريع لا تهدف للربح وجمعيات خيرية، ومؤسسات للتأمين الصحي.. أيْ في النهاية تستطيع تنظيم نفسها في مجتمع موازٍ متخلص من تلك القوة الطفيلية والبشعة المسماة بالدولة. بل ومن الممكن خلق صلات عالمية بين جماعات المهمشين المنظمة، وحتى تكوين جماعات تدعو للسلام والتآخي بين الشعوب ونبذ الحرب والعنف. وفي الواقع كل هذا يحدث بالفعل على نطاق ضيق، لكن إذا اتسع نطاق التعاون والتنظيم والإدارة الذاتية بين السكان من هذا النوع يمكن جدًّا خلق أساس متين لتجاوز النظم السلطوية القائمة وتكوين مجتمع يقوم على الإدارة الذاتية بدون أدوات قمع سلطوية.
تنظيم البروليتاريا الجديدة:

هناك فكرة شائعة تقول بأن المهمشين هي عناصر تفتقر للتنظيم بل والقدرة على التنظيم، وبالتالي يتسم نشاطهم بالعشوائية وانعدام الرؤيا. وهذا الكلام بعيد عن الصحة. فالجماعات المختلفة من هذه الفئات تتصل ببعضها بوسائل غير رسمية وغير تقليدية، مثل بعض أعضاء ألتراس النوادي الرياضية المهمشين سياسيًّا وثقافيًّا، وجماعات عمال التراحيل في مختلف المناطق، ومثقفي الإنترنت. ولكن لأن المهمشين لا يشكلون طبقة متبلورة اجتماعيًّا ولا يقفون على مسافة واحدة من النظام (مهمشون بدرجات) ولأنهم ينتمون إلى فئات متعددة، فلا يمكن أنْ يتكتلوا في إطار منظمة محددة الملامح. ولكن يمكن بالطبع أنْ تضمهم جبهة مفتوحة للجماعات المختلفة. ومن الطبيعي أنْ تقود هذه الجبهة جماعات أكثر قدرة على التنظيم أو أكثر تماهيًا؛ منظمة سياسية تضم مهمشين مثقفين وعمالًا قادرين على الاتصال بمختلف الشرائح الاجتماعية ومختلف المناطق العشوائية والعمل في هذه المناطق بأشكال قادرة على تجميع السكان حول أهداف عملية ومحددة. ومن الطبيعي أنْ يكون التنظيم على أسس مختلفة؛ جهوي؛ في الأحياء والمراكز والمناطق العشوائية عمومًا، ومهني أو فئوي بالنسبة لأصحاب المهن الثابتة، مثل نقابات حراس المنشآت والباعة الجائلين والعاطلين والشغالين في المنازل..إلخ. وأيضًا على أساس موقع العمل في حالة وجود مكان عمل دائم، مثل مصانع الظل. ويناسب هذه الطبقة وسائل الاتصال الإلكترونية أكثر من أيِّ وسية أخرى، وقد ثبتت فاعلية هذه الطريقة في تنظيم الاحتجاجات الكبرى في مختلف مناطق العالم.


  * ملحوظة: تفاصيل المراجع في نهاية الكتاب




Silver H, Miller SM (2003). A Social Exclusion: The European Approach[1]
to Social Disadvantage
[2]  Tamiru Berafe, Assessing the causes and effects of social exclusion: The case of ‘pot makers’ in Yem  Special Woreda in Sothern Nation, Nationalities and Peoples Regional State in Ethiopia
Richie Howitt, Marginalisation in Theory and Practice[3]
[4]  Tamiru Berafe, Op.cit,
[5]    Jelena Helemäe, Notion of Social Exclusion and its ts application to studies of Youth
[6]  Tamiru Berafe, Op.cit,
[7]  Guy Standing, The pericariat, p. 14
[8]  Richie Howitt, Op. cit.
[9]  Guy Standing, Op.cit., p. 61
[10]  Ibid., p. 60
[11]  قدر البنك الدولي حجم تجارة المخدرات بـ 2-5% من الناتج العالمي، وقد ساعد في انتشار هذه الأعمال وجود المصارف  المتخصصة أو مراكز (الأوفشور) أي الجنات الضريبية، حيث يوجد في العالم أكثر من  1500 مصرف متخصص بذلك. حيان سلمان، اقتصاد الظل أو الاقتصاد الخفي.
[12]  شبكة النبأ المعلوماتية، عدد سكان مدن الصفيح في العالم سيبلغ 1,4 مليار نسمة في 2020.
[13] ويكيبيديا، تحت عنوان: تشرد.
[14]  The World Bank, End poverty in all its forms everywhere
[15]  United Nations Development Programme, World’s most marginalized still left behind by global development priorities: UNDP report
Mar 21, 2017
Lisa Schlein, Global Unemployment Has Reached Lowest Level in a Decade [16]
[17]  منظمة الصحة العالمية، عدد الجياع في العالم يواصل الارتفاع، تقرير جديد للأمم المتحدة.
[18] ماجدة تامر، اقتصاد الظل ظاهرة من ظواهرالتخلف في البلدان النامية.
[19] التيار الماركسي الأممي، منظورات عالمية: 2018 عام الأزمة الرأسمالية.
[20] نبيل القط، القيادي في الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي.
[21]  A.   Srija & Shrinivas V. Shirke, An Analysis of the Informal Labor, p. 41
[22]  Guy Standing, Op. cit., p. 61-62
[23] Pavel Ciaian and other, Causes of Social Marginalization: The Role of Social Mobility Barriers for Roma, pp. 1-2
[24] Ibid., pp. 15-21
[25]  Roma survey – Data in focus - Poverty and employment: the situation of Roma in 11 EU Member States, p.23
[26]  Cedomir Sagric, and others, Social Marginalization And Health
[27]  صحيفة المدائن الإلكترونية، 8 اكتوبر 2018.
[28]  United Nations Development Program, Mars 21, 2017,
[29] Ibid.
[30] البروليتاريا العالمية الطبقة الوحيدة القادرة على إنهاء الرأسمالية والاستغلال.
[31] سيف الدين علي، الشباب المهمشين.
[32]  Guy Standing, The pericariat, p. 59
[33] ماجدة تامر، المرجع السابق.
William A. Pelz, A People's History of Modern Europe, pp. 83-102[34]
[35] البروليتاريا العالمية الطبقة الوحيدة القادرة على إنهاء الرأسمالية والاستغلال! - نص مفصل – 2011، INTERNATIONALIST COMMUNIST UNION
[36] نفسه.
[37]  Ruy Braga, On Standing’s A Precariat Charter: Confronting the Precaritisation of Labour in Brazil and Portugal
[38] قراءات فلسفية في الثورة التونسية.
[39]   Guy Standing, Defining the precariat
[40]  Ibid.
   40 Best International Work from Home Jobs (Work from Anywhere in the[41] World Online)
[42] برهان غليون، ثورة المهمشين.
[43] ريازانوف، محاضرات في تاريخ الماركسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق