مقتطفات موجزة من
كتاب والتر لاكور: الشيوعية والقومية في الشرق الأوسط، الصادر عام 1957(من الطبعة
الإنجليزية)، وهي أطروحات جديرة بالمناقشة رغم مرور 60 عاما على طرحها:
(عن القومية):
-
بالرغم من استخدام التقنيات الغربية في
الشرق، فإن التحولات التي أنتجتها مثل النهضة والتنوير والبروتستانتية مفتقدة
تماما في تاريخ العالم الإسلامي.
-
في تلك البلدان يوجد تعليم محدود ويتسم
بالرجعية، والتحولات الاجتماعية مشلولة كما أن العلاقات الدولية لتلك البلدان
مقيدة بعوائق دينية وسياسية انتهت صلاحيتها منذ قرون عديدة.
-
كانت القومية في أوروبا حتى نهاية القرن الـ
19 ليبرالية وديموقراطية، ذات طابع ورسالة إنسانية. في المقابل استقبل الشرق الأوسط النزعة القومية بدون توجه
ليبرالي ولا ديموقراطي ولا نزعة إنسانية، وكان هذا هو السبب الرئيسي الذي جعل تلك
القومية تتخذ صورة شوفينية ومشاعر عدوانية وكارهة لكل ما هو أجنبي، على النقيض من
القومية الأصيلة.
-
قامت الدولة القومية في أوروبا وأمريكا
الشمالية كنتيجة لتطور تاريخي وكنتيجة لظروف وأفكار لم توجد في عالم الشرق.
-
ليست الأمم العربية أمما متماسكة، كما قال
البروفيسير "كون"، لأنها تفتقد الحراك الطبقي؛ فالبلد منقسم إلى أقلية
غنية وتزداد غنى وغالبية فقيرة وتزداد فقرا. كما يوجد شعور بعدم امتلاك جذر لوجود
الأمة ولغياب الاستعداد للقيام بعمل خلاق من أجل الصالح العام.
-
إن تلك القومية تتميز بالمبالغة في أفضلية
أمتها على
الأمم الأخرى، التي يتم التقليل من شأنها، وبغياب روح النقد الذاتي والمسؤولية،
وللتقييم الغامض لمصير الأمة، بناء على شعور بالدونية والميل بوجه عام إلى تعليل
كل ما يصيب الأمة من مصائب إلى أعمال الشر من جانب الآخرين.
-
بينما ظهرت الحداثة (الاعتقاد في الارتباط
بين قيم الإسلام والثقافة الغربية) في الأدب، لم يكن الأمر كذلك في الحياة
الاجتماعية والسياسية.
-
إنها؛ أي قوميات الشرق، أقرب إلى ما أسمته
حنا أرندت "قومية قبائلية لحركات جامعة".
-
قادة
الحركات القومية المذكورة هم من المثقفين وليسوا من أبناء الطبقة العليا الذين
يميلون في بلدان الشرق الأوسط أكثر مما في
أوربا إلى أن يكونوا عولميين cosmopolitans
-
إن
أولئك القادة سلطويون ومعادون للديموقراطية، وفي هذا الجانب يشبهون الشيوعيين،
الذين يعتقدون كذلك أن الشعوب غير قادرة على حكم أنفسها وأن نخبة صغيرة هي
المثقفين يجب أن تأخذ مقاليم الحكم.
-
حسب
البوفيسور هانز كون: "لا أمل لأمم الشرق الأوسط حتى يتعلم الناس أنه لكي تصنع
قومية حقيقية يجب عليك أن تخضع طموحاتك الخاصة، وتطلعاتك، ومصالحك الطبقية لما
أسميه العمل الخلاق من أجل الصالح العام. ولا يوجد سوى أمل ضئيل حتى يتعلمون أن
يجعلوا توجاتهم القومية معتدلة وأكثر قابلية لقبول حلول وسط والتأقلم مع الواقع،
وأن يوسعوا أفقهم لقبول التعاون الإقليمي مع أمم أخرى".
-
يعتقد
العرب أن كل ما جرى لهم من مصائب هو من فعل الإمبريالية والعدوان الصهيوني، وفي ظل
هذه الطريقة في التفكير يكون من النادر أن نجد تفكيرا واقعيا في العوامل السياسية
والاجتماعية المسؤولة.
-
من
الصعب أن نرد على الزعم القائل بمسؤولية الإمبريالية بالفعل عن كل أو بعض الشرور
التي يتكلمون عنها وبأي درجة كانت مسؤولة. إنها معضلة نظرية لأننا لا نعرف ماذا كانت ستكون حالة هذا البلد الآسيوي
أو ذاك إذا كان متمتعا بالاستقلال للمائة أو المائتي سنة السابقة.
-
يمكن
ببساطة تحميل لورد كرومر- الإمبريالي النموذجي – مسؤولية إعاقة تطور صناعة
المنتجات القطنية في مصر، ولكن هل كان المصريون قادرين على إقامة تلك الصناعة بأنفسهم،
وهل كانوا قادرين على التوسع في زراعة القطن بنفس الدرجة التي تمت تحت الحكم
البريطاني؟ هنا توجد علامة استفهام ضخمة.
-
إن
مصدر الشر هو الحقيقة التاريخية (التي لا يوجد من هو مسؤول عنها) أن آسيا كانت
تقبع خلف أوروربا بثلاثة أو أربعة قرون؛ الفترة التي تم خلالها ظهور عالم الحداثة.
(عن الشيوعية):
-
شكلت
الشيوعية في الشرق الأوسط ثورة الطبقة الوسطى ضد الإقطاعية. لكن لا يعني هذا أن
الإنتليجينسيا بعد تحررها السياسي ستتوقف عن أن تكون شيوعية. إنها تفتقد للتقاليد
الديموقراطية ولديها نزوع انتقامي، وتتسم بما يمكن تسميته "الديموقراطية
الشمولية". وهي ربما تؤمن بالطبيعة الخيرة للعمال والفلاحين، إلا أنها تؤمن
كذلك بعجزهم عن إدارة شؤونهم بأنفسهم وبالتالي يحتاجون إلى الطليعة المثقفة لسنوات
عديدة. في الوقت ذاته فالثورة ضرورية، ولم يجدوا لفكرة الثورة من أعلى سوى الشيوعية؛
فالشيوعية لديهم هي وسيلة لتحديث الشرق الأوسط.
-
كان مستوى المعيشة للعمال المصريين
من أقل المستويات في العالم. الحالة الصحية للسكان أسوأ من الصين والهند. 4% فقط
من المتقدمين للتجنيد بالجيش لا يحتاجون للعلاج الطبي.
خلال الثلاثين أو الأربعين سنة الأخيرة تدهور مستوى المعيشة في بلدان عديدة (منها
مصر).
-
إن طبقة عاملة أمية ومريضة وتعيش تحت
مستوى الكفاف لا تستطيع أن تشكل منظمات مناضلة ومسلحة بالوعي الطبقي.
-
لقد
كان نفس الكتاب والمتحدثين في مصر الذين يبالغون في امتداح عظمة شعوبهم هم أول من
يتجادل في المجالس الخاصة (بالمبالغة أيضا) بأن تلك الشعوب لا أمل فيها بسبب
انحطاطها إلى حد بعيد وافتقادها لأي قدرة على المبادرة.
-
النزعة
السلبية والقدرية، بالأخص في المناطق الريفية، كانت دوما مصدرا لاستثارة
الإنتليجينسيا.
-
لم
تنجح الشيوعية المصرية في الانتشار والتأثير في العشرينات لأسباب ضمنها عدم
اهتمامها بالقضية الوطنية، وحين أدركت هذا الخطأ توسعت في الأربعينات وحققت تأثيرا
أكبر.
-
إن
ضعف الشيوعية في مصر يتمثل في كون المنتمين الجدد مجرد رفقاء طريق وليسوا كوادر
حزبية.