هذه دعوة للعمل على مناهضة قوى الظلام

واستمرار ركب الحضارة الحديثة

This Is A Call To Work Against The Forces Of Darkness And For Promotion Of Modern Civilization


أرشيف المدونة الإلكترونية

السبت، 21 نوفمبر 2020

ثورة "الفؤوس" في عهد الخديو إسماعيل بصعيد مصر:

 


تسمى بهذا الاسم نظرًا لاستخدام المتمردين للفؤوس في مقاومة السلطات، وكذلك استخدمت قوات الحكومة الفؤوس بجانب المدافع والنيران. وقد وصفها الأجانب الأوربيون بالثورة الاشتراكية. وقد قامت في الصعيد عام 1864، واستمرت لمدة عام حيث تم إخمادها عام 1865. وقد بدأت الانتفاضة في قرية السلوى بحري بمركز إدفو بأسوان. وقد امتدت إلى 10 قرى بمحافظتي أسوان وقنا.

كان قائد الانتفاضة هو الشيخ الصوفي: الطيب أحمد عبيد ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻤﺮﻛﺰ ﺃﺭﻣﻨﺖ (ﺑﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﺍﻷﻗﺼﺮ ﺣﺎﻟﻴﺎ) الذي طالب ومعه المتمردون بـ:

- العدالة الاجتماعية ورفع الظلم عن المواطنين العرب الذي يمارسه الأتراك والأجانب الذين كانوا يسيطرون على الصعيد آنذاك.

- توزيع الأراضي علي أبناء قبائل العرب والفلاحين دون الإقطاعيين الأجانب في محافظتي قنا والأقصر.

وبسبب هذه المطالب وصف الرحالة الأجانب الشيخ الطيب بأنه اشتراكي وشيوعي. وقد أتاه الفلاحون من كل صوب وحدب في جنوب الصعيد وهم يحملون فؤوسهم متضامنين معه؛ فقراء المسيحيين جنبًا إلى جنب مع فقراء المسلمين.

وقد سبق لوالد الشيخ الطيب تزعم تمرد عام 1820 بمدينة قفط جنوب قنا، وقد انضم إليه وقتها ﻧﺤﻮ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ألفًا، منهم جنود وضباط من جيش محمد علي. ﻭقد أنشا حكومة مستقلة ﻭﺿﺮﺏ وصادر ممتلكات الدولة. وقد تم قمع التمرد بالمدافع، وفي النهاية هُزم الثوار وهرب قائدهم إلى العراق.

دوافع ثورة الفؤوس:

كان الأوربيون يسيطرون على ﺤﻴﺎﺯات ﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ﺷﺎﺳﻌﺔ، بجانب نفوذ إداري قوي. كما كانت البواخر الأوربية والسودانية تحمل وتفرغ بضائع على مدى الأسبوع لصالح أولئك التجار. وقد حوَّل التجار الأوروبيون قنا إلى سوق كبير للحبوب وبخاصة القمح، بجانب السلع التى حملتها القوافل السودانية إلى قنا. وانتشر فى مدن وقرى قنا القناصل التجاريون وموظفو الدول من أجل قضاء مصالحهم.

ﻭﻗﺒﻞ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﻌﺎﻣﻴﻦ ﺩﺧﻞ أحدهم مزادًا ﻟﺸﺮﺍﺀ ﻧﺤﻮ 3318 فدانًا ﻓﻰ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﻐﻨﺎﻫﺎ ﻓﻰ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻘﺼﺐ، اﺷﺘﺮاها بسعر ﺛﻼﺛﺔ ﻗﺮﻭﺵ ﻟﻜﻞ ﻓﺪﺍﻥ، ﻛﻤﺎ اﺷﺘﺮﻯ ﻓﻰ ﺻﻔﻘﺔ أخرى 11 ﻓﺪﺍﻧﺎ ﻣﻦ ﻓﻼﺣﻴﻦ ﻓﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ بسعر بخس. وأدى ذلك إلى استياء الفلاحين ولجوئهم ﺑﺎﻟﺸﻜﻮﻯ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ مدعين أنه قد ﺧﺪﻋﻬﻢ كي ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﺒﻴﻊ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﻢ، ﻟﻜﻦﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺭﻓﻀﺖ شكوى ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ، ﻭاﻋﺘﺒﺮﺕ الصفقة ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ، مما اثار غضبهم. وتمتع الأجانب بحماية الدولة لاستغلالهم البشع للفلاحين وضمان أعمالهم.

وكانت السخرة عمومًا تثير الفلاحين (على سبيل المثال أخذ من مديرية قنا وحدها 25 ألفًا ليشتغلوا ستين يومًا في السخرة، وفرض على كل رجل أن يحضر طعامه، ومن يريد أن يدفع بدلًا نقديًا لابنه طولب بدفع 1000 قرش، وهو مبلغ ضخم بأسعار ذلك الزمان، وخاصة بالنسبة للفلاحين الفقراء. كذلك ﺃﺛﺎﺭ الفلاحين العمل بالسخرة في منجمي ﻔﺤﻢ ﻭﻜﺒﺮﻳﺖ مؤجرين من قبل الحكومة للأجانب، مما دفعهم للهروب من العمل.

شرارة الانتفاضة ومقدماتها:

- في الشهور السابقة على الانتفاضة اعتاد المطاريد في جنوب الصعيد مهاجمة ﺍﻟﺒﻮﺍﺧﺮ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﺔ ﺍﻟﻨﻴﻠﻴﺔ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺷﺒﻪ ﻳﻮﻣﻴﺔ والاستيلاء على محتوياتها.

- وقد ﺃﻃﻠﻖ ﺍﻟﻔﻼﺣﻮﻥ ﻣﺎﺷﻴﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺑﻘﺎﺭ ﻭﺃﻏﻨﺎﻡ ﻓﻰ أراضي ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ المسيحيين ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻭﻧﻴﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﻓﻰ ﺷﻤﺎﻝ ﻗﻨﺎ، ﻣﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﻣﺤﺼﻮﻟﻪ.

- ﻗﺎﻣﺖ ﻗﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺮﺍﺷﺪﺓ ﻏﺮﺏ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻗﻨﺎ ﺑﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻋﻦ أراضي ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ.

أحداث التمرد:

-- بدأت الانتفاضة بإحراق مركب نيلي يتبع دولة بروسيا وإغراقه (ذكر البعض قصة غريبة عن خلاف بين شخص مسيحي ( تم قتله على يد الشيخ الطيب) وجارية مسلمة دون شرح كيف أدى هذا إلى تمرد شارك فيه المسيحيون! وربما كان هذا المسيحي متعاونًا مع التجار الأوربيين مما أثار الفلاحين).

- ﻫﺎﺟﻢ ﺍﻟﻤﺘﻤﺮﺩﻭﻥ قاربًا ﻳﻤﻠﻜﻪ ﺗﺠﺎﺭ ﻳﻮﻧﺎﻧﻴﻮﻥ وﺳﻠﺒﻮﺍ ﻣﺤﺘﻮﻳﺎته وقتلوا من كان عليه (حادث القتل مشكوك فيه).

- شارك مطاريد الجبل في الانتفاضة بجانب 10 قرى في جنوب الصعيد.

- تم تسيير تجريدة عسكرية من قبل الوالي للشيخ الطيب، فأمرالأخير أتباعه بالإمساك بالأحجار والفؤوس، وحين اقتربت المراكب المحملة بالجنود ألقى الفلاحون الأحجار عليها. كما قتل الثائرون 200 من جنودها وأغرقوهم فى نهر النيل، مما أجبرها على الانسحاب، فولت هاربة ورجعت إلى مديرية جرجا وتمركزت هناك.

وبعد انهزام التجريدة العسكرية الأولى أمام الثوار، قرر الخديو إرسال التجريدة الثانية. وقد استطاعت هذه أن تحاصر الثوار وتضطر قائدهم إلى الهروب للجبال حيث اختفى تمامًا. وقد قام جيش الخديو ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ بتعذيب الفلاحين بوحشية لدرجة ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﺨﺪﻳﻮ نفسه ﻳأمر ﺑﺈﻳﻘﺎفه. وقد انتهى الأمربمقتل 1400 -1600 ثائر، قتلوا بالمدافع والفئوس، بجانب تدمير ثلاث قرى وتشريد سكانها.

كما تم إعدام 45 ضابطًا من الجيش أمام الجنود لتمردهم وانضمامهم للفلاحين.