عادل العمري
10 ديسمبر 2002
من الواضح
للعيان أن مصر في أزمة مستمرة منذ محمد علي.. أزمة مزمنة. وليست الأزمة هي أزمة
نمو، بل ناجمة عن تعثر مشاريع التحديث المتتالية.
وليس الاستعمار
هوالمسئول الأوحد عن هذه الأزمة، رغم حدوث صدامات عديدة مع الغرب واحتلال مصر 70
سنة. إذ لم يسر حاكم واحد في طريق التحديث حتى النهاية وكانت الطبقة المسيطرة
دائمًا محافظة ولم يشجع الغرب الرسمي حتمًا عملية تحديث جذرية ليس في حاجة اليها،
بل وقد تعرقل بعض مصالحه مؤقتًا.
لم تكن أبدًا
الطبقة المسيطرة في مصر راديكالية في قراراتها خوفًا من ثورة الطبقات الأدنى من
جهة وبسبب ضيق أفق مصالحها من جهة أخرى. وتطلب الأمر دائمًا تدخل الدولة القوى "لضبط" التحول الاجتماعي بإسراعه أو إبطائه؛ حسب
الظروف الاجتماعية والسياسية.
واليوم تسير
العولمة بسرعة ويتحول العالم كليًّا إلى قرية واحدة.. وقد بات الانفتاح على العالم
اقتصاديًّا وثقافيًّا أمرًا لا مفر منه، وبالتالي أصبح كل من التحديث والتهميش
وجهان لعملة واحدة على الصعيد العالمي.. فمن لا يسير في ركاب التحديث يعرض
للتهميش، وبالتالي تشكل الفترة القادمة منعطفًا حاسمًا في مستقبل المجتمعات
المتأخرة، ومنها مصر التي على وشك أن تواجه مصيرها لفترة طويلة قادمة.
أصبح تحديث مصر
ضرورة ملحة لأن البديل هو تهميش الغالبية العظمى من السكان، خصوصًا مع تطبيق
اتفاقيات الشراكة والجات وغيرها. سوف تنمو فقط البلدان القوية وينزاح الضعفاء وسينمو
حجم ما يسمى الآن بـ "العالم الرابع"؛ أيْ الدول المهمشة. لا يوجد أبدًا أيُّ سبيل
لتجاوز الأزمة المزمنة الا بالتحديث الشامل والجذري، وفي أفضل الحالات - إذا
استمرت السياسة الحالية ستظل مصر تترنح وتعاني الفقر والتأخر بينما يجري الحفاظ
عليها من الانـهيار التام بالمعونات الأجنبية المشروطة.
*****************
مظاهر الأزمة الاجتماعية – الاقتصادية في مصر
:
مقدمة عامة :
من نافلة القول
أن حرمان عالمة ذرة من السفر لحضور مؤتمر علمي بالخارج بسبب رفض زوجها لهو مأساة؛
أما اهتمام "علماء" مصر بالحصول على العلاوات الدورية والترقيات
أو عقود عمل بالخليج فهو مهزلة. وإن استمرار قضية واحدة بالمحاكم أكثر من عشرين
سنة وتحويل مسار العدالة بالكامل نتيجة تلاعب موظف صغير (كاتب المحكمة) والحكم
بالحبس 8 سنوات (أيْ 6 في الحقيقة) على وزير سابق ارتكب عددًا من الجرائم الكبرى،
وإصدار أحد القضاة حكمًا بتطليق زوجة بسبب علاقة زوجها باحدى الجنيات، وهو حكم
مخالف للقانون (!).. ليدل ليس على ضعف بل تحلل جهاز العدالة، الذي يؤدي – ضمن
أسباب أخرى – إلى "بلطجة" واسعة الانتشار.
وفي مواجهة عجز
الصادرات قامت الدولة بمحاولات سياسية عديدة لاقناع دول أجنبية باستيراد
السلع المصرية وكأنها دول اشتراكية أو محسنة. ونتذكر أن الأسواق الأوربية قد رفضت
في يوم مًا استيراد البطاطس المصرية بسبب إصابتها بفيروس "العفن البني" فما كان من الحكومة الا أنها حاولت اقناع تلك
الأسواق بأن العفن البني غير ضار بالصحة! شيء يشبه ما يحدث آلاف المرات يوميًّا في
مصر حين يحاول التاجر أو الصانع اقناع الزبون بأن سلعته الرديئة والمرتفعة الثمن
أفضل من السلع الأجود والأرخص.
ان السائح الذي
يدخل مصر بسيارته لكي يعبر إلى دولة أخرى يرافقه جندي ليضمن خروجه من الجانب الآخر
من الحدود (حتى لا يبيع السيارة داخل البلاد!) بل وعليه أن يدفع 150 جنيها مقابل
هذه "الخدمة"! وكل من يركب التاكسي لا يعرف كم يجب عليه أن
يدفع للسائق بالضبط؛ أما الذهاب إلى أو من المطار بالتاكسي فأمر يتطلب "مقاولة" خاصة!
يزداد المجتمع
المصري تدينًا باستمرار ويحرص الناس أكثر فأكثر على أداء الطقوس الدينية ولكن
سلوكهم يزداد تحللًا؛ فقيم مثل الأمانة وإتقان العمل واحترام الوقت واحترام حقوق
الآخرين ومصالحهم تضعف باستمرار، أيْ أن التشدد الديني شكلي ولا يعبر عن نمو
الشعور بـ "التقوى" و "الصلاح".
الشارع المصري
مزدحم جدًّا و مليئ بالضوضاء والناس لا تقود السيارات وفقًا لقواعد المرور،
والتلوث على مستوى مرتفع للغاية كما تنتشر القمامة في أماكن كثيرة وبكميات وفيرة
غالبًا، وأحيانًا يغرق طفل في بالوعة مفتوحة أو يعقره كلب ضال دون أ ن يعاقب أحد..
وهكذا دون مجيب.
والناس في مصر يخالفون
القانون ملايين المرات يوميًّا : قواعد المرور – الإزعاج – التسول – السباب -
إشغال الطريق..إلخ دون تدخل من جهاز الأمن.
أما الواسطة والرشوة - التي تسمى "إكرامية" الآن - فصارتا شيئًا
طبيعيًّا في أجهزة الحكومة بل وتم تقنين الواسطة في بعض المجالات.
ومازال معدل نمو السكان مرتفعًا للغاية (2%
سنويًّا) دون جدوى تذكر من جهود الدولة، والفقراء هم الذين ينجبون أكثر فيزداد
باستمرار عدد أطفال الشوارع والمهمشين.
***********************************
1 - تأخر
قوى الانتاج : سواء على مستوى العمالة المتأخرة للغاية أو الآت والمعدات. ان
العامل المصري لم يعد قادرًا على منافسة العمالة الأجنبية في الخارج. وهناك الكثير
من المؤسسات تعاني من تأخر الآلات والمعدات وهذا أحد أهم عوامل ارتفاع تكلفة
ورداءة السلع المصرية وانخفاض الانتاجية.علاوة على ذلك فوسائل النقل والتخزين رديئة
ومرتفعة التكلفة.
وما تزال الكثير من الخدمات متأخرة؛ كالبنوك
والطرق البرية.
ان الاعتماد على
استيراد سلع مثل فوانيس رمضان وسجاجيد الصلاة وطعام أسماك الزينة، ليعني عجزًا
بالغًا للصناعة المحلية (التي بالطبع لم تتفرغ لإ نتـاج الأقمار الصناعية أو معدات
الاتصال!).
2 - الأزمة
المالية : الدولة والقطاع الخاص يتحصلان على معونات خارجية كبيرة، وما تزال الديون
الخارجية تزداد، ولم ينقذ الموقف مؤقتًا الا مشاركة الدولة في حرب الخليج الثانية
فحصلت على اعفاءات من الديون بلغت أكثر من 20 مليار دولار. وما زالت هناك صعوبات
كبيرة في تحصيل الضرائب واسترداد القروض البنكية.
3 -
التأخر الاداري : في مصر يوجد عدة ملايين من موظفي المكاتب يعمل الواحد منهم أقل
من نصف ساعة يوميًّا، والاجراءات الادارية ما زالت طويلة ومعقدة وغير منطقية ولا
ضرورية ومعرقلة لمصالح الناس وبالتالي مكلفة. لم يعمم بعد الكمبيوتر ومازالت وسائل
الاتصال بين المصالح الحكومية بدائية، والكثير من الاجراءات غير ضرورية أصلًا
واللوائح تتميز بالغباء وعدم احترام المنطق العادي. كل هذا يعرقل
الاستثمارات والاستخدام الأمثل للثروة الاجتماعية المادية والبشرية ويضع أعباء
مادية ونفسية على عاتق المواطن.
4 - الطاقات
العاطلة : سواء في المعدات أو في البشر؛ فصناعة السيارات مثلًا تعمل بأقل من نصف
طاقتها، والبطالة الحقيقية تزيد على 15 مليون مواطن. كل هذا يؤدي إلى ارتفاع
التكلفة وضيق السوق والفقر والتوترات الاجتماعية. وضمن مضاعفات البطالة هجرة
الملايين ومنهم عشرات الألوف من العلماء والتكنوقراطيين النابهين. كما يهاجر رأس
المال إلى الخارج بكميات لا بأس بها رغم حاجة السوق المحلي بسبب ضيق السوق وفساد
التشريعات والإدارة الحكومية.
5 - الفساد :
تمتد هذه الظاهرة إلى كل الطبقات والفئات الاجتماعية بدرجات متعددة وتعكس ضعفًا
شديدًا لجهاز العدالة وأجهزة الأمن وضيق السوق وهيمنة جهاز الدولة على مجمل
الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية – رغم النمو الكبير للقطاع الخاص -
وانخفاض الأجور وتعقد الاجراءات الرسمية.
6 - تدهور ثقافي : رغم ضخامة جهاز الاعلام
انهارت صناعة السينما المصرية ولم تعد اللهجة المصرية هيَ المحبوبة في العالم
العربي بسبب تدهورها وسوقيتها. ورغم وجود عشرات القنوات التلفزيونية؛ فهيَ لا تقدم ما يبحث عنه الناس في قنوات
أجنبية (بل لا تستطيع أن تنافس قناة الجزيرة وحدها!).
هذا بخلاف
انتشار الفن الرديء وتدهور سوق الكتاب. وتتسم الثقافة المصرية اليوم بعدم التسامح
مع الرأي الآخر وعقيدة الآخرين (بل وأحيانًا وجودهم!) فالتكفير يسير على قدم
وساق من جانب كل التيارات، والدعوة إلى قطع رقاب المخالفين في العقيدة أو الرأي
قائمة، وادعاء الوصاية على فكر الناس والأخلاق "الحميدة" والقيم مستمر.
ويعتقد معظم المصريين أنهم أفضل البشر وأنهم شعب
"أصيل" لديه قيم "فاضلة" وأن "معدنهم" فريد من نوعه. ويظن الكثيرون أن التقدم المادي
يوجد في الغرب بينما الروحانيات توجد في الشرق وكأن الغرب هو الغارق في الفساد
بينما ينعم الشرق بالحياة الفاضلة!
أن الفرد هنا
ليس ديموقراطيًّا لا مع الآخر ولا حتى مع نفسه؛ فهو يخاف من التفكير بحرية (حتى لا
يكفر!) ولا يميل إلى نقد نفسه..
وتنتشر قيم غير منتجة مثل "الفهلوة"؛ أيْ ادعاء العلم.
ما تزال أغلبية
النساء تخجل من أنوثتها وأغلب الرجال يحتقرون المرأة ويزداد هذا الميل حاليًّا.
يضاف إلى ذلك
انتشار عادات وتقاليد ضارة اجتماعيًّا واقتصاديًّا منها تقاليد الزواج المكلف
للغاية وختان البنات وتعاطي المخدرات.
إن الثقافة
المصرية لا تلائم على الإطلاق عملية التحديث وهيَ –في مجملها - ثقافة عنصرية ولا
ديموقراطية، بل شمولية –إن صح التعبير - لا تحترم الآخر، وهيَ ثقافة استهلاكية
معادية للإبداع والعمل عالي الجودة، وهيَ أيضًا تمجد ادعاء العلم (الفهلوة) لا
العلم نفسه، وتفضل التواكل والبحث عن الحظ بدلًا من التخطيط والحسابات العقلية
وتحترم الماضي أكثر من الحاضر والميت أكثر من الحيّ، وأخيرًا يسودها الاعتقاد في
الخرافات، بل وحبها.
ورغم كراهية
الدولة؛ تتبوأ الأخيرة موقع المثل الأعلى للفرد المصري، وهيَ – رغم الكره – تعتبر
بالنسبة له الأب والأم؛ المسئول والراعي.
ومع كل مظاهر
التأخر هذه يؤمن أغلب المصريين أنهم أكثر شعوب العالم تحضرًا، مستندين إلى ماضي
الأجداد وحده، وتنفخ وسائل الإعلام الحكومية والخاصة ودعاة المحافظة على الهوية في
هذه الأفكار. وعادة ما ُيفاجأ المواطن المصري بتفوق شعوب أخرى يعتبرها غير متحضرة
على أبناء بلده (المتحضرة جدًّا!) في مجالات عديدة : الصناعة – الطب – الفن -
الرياضة (وحتى النظافة) بل لقد أصبحت اللهجة اللبنانية أكثر شعبية في العالم العربي
من اللهجة المصرية التي أصبحت سوقية.
من الأفيد أن
ندرك حقيقة الوضع وهيَ أننا لم نعد من الأمم الأكثر تحضرًا، بل العكس، وكون
التاريخ القديم قد شهد على حضارة الأجداد لا يعني تبُوء الأحفاد نفس المكانة.
من الأفيد لنا
أن نكتسب قيمًا وتقاليد مفيدة للمشاركة في إنتاج الحضارة الحديثة والتمتع بها
بدلًا من التمسك بتقاليد عتيقة غير ضرورية الآن وحتى ضارة اجتماعيًّا وصحيًّا.
7 - نظام التعليم : وهو نظام فاشل
تمامًا في حفز الإبداع وتأهيل العمالة للقيام بأعمال فنية بالمستوى الذي تتطلبه
الصناعة والخدمات الحديثة. فكل الخطط والمشاريع في هذا المجال تفشل في إحداث أيِّ
تقدم. وما زال التعليم المصري تلقيني تمامًا، ولا تحاول الدولة قط الاستفادة من
نظم الدول المتطورة. وتنتهيَ أيُّ محاولة "للتطوير" بإضافة مزيد من الأعباء على الطلاب وأولياء الأمور
وتعقيد العملية التعليمية. كما أن التعليم النظري واسع الانتشار، وتوجد الكثير من
الشهادات تراعي فقط مستقبل الطالب كبيروقراطي في المستقبل.
ان نظم التعليم المتطورة موجودة ومعروفة
جيدًا ولا يوجد أيُّ سر في ذلك ولكن العقليات السائدة هنا لا ترى ولا تسمع. ولا
تنتهيَ تجربة مؤلمة لأولياء الأمور حتى تبدأ محاولة جديدة (مثل تخفيض سن القبول
بالمدارس ثم رفعه من جديد!).
وما تزال الجامعات المصرية عبارة عن كتاتيب
ضخمة تكتفي بمنح شهادات تعطي الخريج بعض الوجاهة الاجتماعية ولم تعد تتمتع بأي
احترام في الخارج. بل إن بعض الشهادات العليا (الدكتوراه) لا تمنح على أساس الكفاءة بل على أساس قرار القسم
المسؤل بالكلية ويفضل دائمًا أبناء وأقارب الأساتذة وهيَ تعد مجرد بوابة للترقية
والحصول على وظيفة أكبر. لذلك أصبح معظم اساتذة الجامعات المصرية مجرد مدرسين
يعطون الدروس الخصوصية ويستخدمون مناصبهم أو "رتبهم" للحصول على وضع أفضل في السوق.. إنهم حتى لا يجيدون
التحدث باللغة العالمية : الإنجليزية.
8 - جهاز
العدالة : يمكنك أن تقوم بتمزيق شخص ما إربًا حتى الموت ثم تحاكم ويصدر ضدك حكمًا
بالسجن لمدة عام باعتبار أن هذه جريمة ضرب أفضى إلى موت. وإذا شرعت في اغتصاب فتاة قد
يكون الحكم الحبس لمدة سنة مع وقف التنفيذ. كما يمكنك التحايل على أحد التجار أو إحدى
الشركات وشراء سلع بالأجل ولاتدفع شيئًا؛ دون عقاب (هذه الأمثلة حدثت فعلًا).
ليست المشكلة في
جهاز القضاء فقط، بل تشمل أيضًا السلطة التنفيذية والقوانين نفسها – المليئة
بالثغرات و"الرحيمة" جدًّا! – بالاضافة إلى إجراءات التقاضي. ولا
شك أن جهاز القضاء صغير الحجم جدًّا بالنسبة لعدد القضايا، كما أن مرتب القاضي
متواضع.
في البلدان
المتطورة لا يستطيع المرء أن يعيش بدون حسابه في البنك وتستطيع السلطة التنفيذية
تحصيل التزاماته بسهولة بفضل نظام الدفع المٌتبع؛ أيْ كون كل المعاملات المالية
تتم عن طريق البنك ولا يوجد سبيل آخر. أما التهرب من الضرائب – فصعب للغاية، ليس
بفضل ضمائر العملاء، بل بفضل نظام محاسبي صارم ودور البنك في حياة الناس، يضاف إلى
ذلك أن أحكام التهرب الضريبي مانعة.
تغض الدولة
لدينا الطرف عن ملايين المخالفات القانونية في كل المجالات. وإذا تم ضبط وإحضار
أحد تطول فترة التقاضي ويستخدم المحامي ثغرات القانون – التي تبدو متعمدة – وعدم
إحكام الاجراءات. وحتى بعد صدور الحكم (الرحيم جدًّا في الغالب) يمكن الحصول على
الافراج بعد فترة "لحسن السير والسلوك" أو لأسباب صحية. والمتضرر يحصل غالبًا على
تعويض رمزي، بل ولا يستطيع غالبًا تنفيذ الحكم! ومن الصعب تمامًا أن يحكم القاضي
ضد مؤسسة حكومية لصالح فرد ضعيف.
لا يوجد في مصر
جهاز فعال لمراجعة أحكام القضاء بالكامل، ولا يعاقب بالتالي القاضي المخطئ عقابًا
حقيقيًّا.
كل هذا يؤدي إلى
فقدان الثقة في جهاز العدالة ولا يشجع المواطن على المطالبة بحقوقه بالطرق
القانونية أوالإبلاغ عن المخالفات، بل ويشجع على ازدراء القانون.
9 - البلطجة:
ونعني بذلك الخروج العلني على القانون. وهيَ ظاهرة
واسعة الانتشار في مصر. وأكبر بلطجي هو الدولة نفسها، التي لا تطبق لا الدستور ولا
القوانين في كثير من الأحيان ولا تنفذ آلا ف من أحكام القضاء وتفرض الإتاوات على
الناس بحجج غير قانونية وتبتز المواطنين تحت عناوين شتى، مثل ما يسمى بـ "تصريح العمل" و"معونة الشتاء" وبالتقدير العشوائي للضرائب (وهو أمر لا يتسق مع نظام السوق). وتتغاضى
السلطات عن الملايين من مخالفات القانون سنويًّا، وبما أن الدولة هيَ المثل الأعلى
للمواطن المصري حتى الآن، يقلد الملايين سلوكها.
لقد أصبحت البلطجة جزءا من نسيج الثقافة
العامة (وهذه رسالة للمتحمسين للثقافة القومية!)، فصار تحدي القانون ضربًا من
الشجاعة؛ الزائفة طبعًا؛ حيث لا يوجد رد فعل مناسب لذلك.
إن الفساد الإداري الهائل وترهل
البيروقراطية والتعقيدات الإدارية وتراخي أجهزة الأمن وازدراء الأجهزة لحقوق
المواطن، كلها عوامل تساعد على انتشار البلطجة؛ المبررة تمامًا من وجهة نظر رجل
الشارع العادي.
10 - الفقر
والتمايز الاجتماعي : الفروق الطبقية في مصر هائلة وينجم عن ذلك استهلاك أسطوري في
جانب بينما يلهث الملايين للوصول إلى حد الكفاف. وبسبب هذا يعتبر السوق المصري
صغيرًا بحسب قوته الشرائية، مما يعرقل عملية التنمية. ناهيك عن مضاعفات الفقر
العديدة : توترات اجتماعية – سلوكيات عدوانية – تمزق أُسري – تسرب من التعليم –
سوء الأحوال الصحية – تهميش قطاعات متزايدة من السكان بكل مشاكله.
والوصول إلى حد
الكفاف لا يتم في أغلب الحالات من خلال العمل المعتاد؛ بل يجري التقاط لقمة العيش
بوسائل غير متصورة في أيِّ مجتمع متحضر، وصلت إلى التجارة في المرض (توجد فئة من
الناس وظيفتهم : مريــض) و"التبرع" بالدم، والقيام بأعمال وسيطة طفيلية تمامًا
تشبه التسول : مثل الإشارة للتاكسي أو تخليص الأوراق في المصالح الحكومية، والتسول
بأشكال عديدة، والبلطجة (مثل فرض إتاوة على صاحب كل سيارة تقف أمام الرصيف!) وبيع
الصحف بسعر أعلى من سعر الغلاف!
ويؤدي الاستهلاك
الترفي البالغ للطبقة المسيطرة بالغة الثراء إلى انتشار النزعة الاستهلاكية وسط كل
الطبقات وهذا من أهم عوامل تدني معدل الادخار والاستثمار.
كما أن تحقيق
الثراء بوسائل غير مفهومة أو معلومة يؤدي إلى انتشار نزعة طفيلية عامة؛ فكل فرد
يريد أن يفعل الشييء نفسه.
11 - تدهور
الخدمات الطبية: تطور الطب الوقائي في مصر كثيرًا. الا أن الطب العلاجي هو قطاع
عشوائي إلى حد كبير. فالخدمة تقدم بواسطة: وزارة الصحة – المؤسسة العلاجية -
التأمين الصحي – هيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية – المستشفيات العسكرية (تخدم
المدنيين أيضًا) – القطاع الخاص – القطاع الخيري.
ويعمل معظم
الأطباء والممرضين والفنيين في أكثر من قطاع في نفس الوقت، ويلهث أغلبهم (وهم شديدو
الفقر عكس ما يتصور الناس) للحصول على حد الكفاف ولا وقت لديهم بالتالي لزيادة
معارفهم أو بتقديم خدمة طبية جيدة.
ووزارة الصحة تصرف حتى الآن أدوية لا يجوز
استخدامها منذ وقت طويل في العلاج.
والصيدليات تبيع الأدوية كأي سلعة؛ بلا ضابط، بل
يمارس معظم الصيادلة الطب فيشخص بالنظر ويعالج، بل ويبتكر بعضهم في مجال الطب
(يبيعون مثلًا ما أسموه بـ مجموعة الإنفلونزا)!.
أما إدارة تلك القطاعات الطبية فنقدها يتطلب
مجلدات.
أما
المريض فهو بلا ثمن تقريبًا؛ فالأخطاء المهنية تمر مرور الكرام وتنتهيَ الشكاوى في
الغالب نهاية سعيدة للطقم الطبي أو بعقاب رمزي أو بتعويض تافه. وهذه المسألة هيَ كعب
أخيلس في النظام الطبي كله ويضمن إصلاحها قدرًا كبيرًا من الضبط والربط.
*************************
لقد فشلت
الدولة فشلًا ذريعًا في تحويل مصر إلى دولة متقدمة، بل إن تدهورًا حضاريًّا
قد حدث خلال العقود الأخيرة أهم معالمه انتشار التحدي العلني للقانون على نطاق
واسع. وكان نمو قطاع الدولة الاقتصادي سببًا مباشرًا للنمو غير المسبوق للفساد.
وقد تكونت بعد انقلاب 1952 نخبة حاكمة من العسكريين ورجال الإدارة، ارتبط كثير من
أفرادها بالقطاع الخاص تدريجيًّاوانفرد هؤلاء بالسلطة في 1971 وهم الذين يشكلون
الآن أوليجاركية. ولا تسمح هذه الأوليجاركية بتطبيق نظام الاقتصاد الحر عكس ما تدعي ولا تعمل بالتالي
على تحقيق الشفافية وما زالت تقر مبدأ (أهل الثقة قبل أهل الخبرة) رغم إعلانها عكس
ذلك وترفع شعارات مثل : الحفاظ على القيم الأصيلة، والحفاظ على مكاسب العمال
والفلاحين لتدعيم سيطرتها. ورغم ادعائها بتبني اقتصاد السوق تصر على دستور يتبنى
في إحدى مواده النظام الاشتراكي! كما أنها تصادر المجتمع المدني لحساب الدولة.
وقد فشلت النخبة
الحاكمة طوال العقود السابقة في اتخاذ أيِّ إجراء جذري في أيِّ اتجاه، حتى لقد
فشلت في تنفيذ أيِّ برنامج للتخلص من القمامة!
لا يتمتع رجال
الأعمال حتى الآن بحرية العمل ولا بتكافؤ الفرص، وما تزال علاقة رجل الأعمال
بالدولة ضرورية للحصول على فرص الاستثمار الجيدة. ومن جهة أخرى لا يتمتع العمال
والأجراء عمومًا بضمانات حقيقية ضد الفصل (أيْ إعانة البطالة التي لا تزيد حاليًّا
عن ستة أسابيع ولا يعرف الا القليلون بوجود هذا الحق في القانون) ولا بحق الإضراب
(تضمن قانون العمل الجديد هذا الحق بشروط تعسفية)، والنقابات تابعة فعليًّا
للدولة.
ومن الواضح
وفقًا لمعطيات الواقع المصري الحالي أن الخروج من الأزمة العامة والمزمنة يتطلب
نظامًا سياسيًّا أكفأ وقوانين وإدارة أقدر على تجاوز المظاهر سابقة الذكر للأزمة،
بالإضافة إلى ثقافة أكثر عقلانية وانفتاحًا على الثقافات الأخرى وقدرًا كبيرًا من
حرية الفرد.
لقد أدت سياسات "أهل الثقة" وتسكين الصراع الطبقي وتهميش المجتمع المدني
وقمع المثقفين إلى عواقب وخيمة، بل ان البلاد صارت مهددة بالخراب الاقتصادي، ولولا
السياسة الخارجية الموالية للولايات المتحدة تمامًا لدمر الاقتصاد المصري منذ
سنوات طويلة لأنه - كاقتصاد – بالغ الهشاشة.
ومن الواضح أن
السياسات البيروقراطية المسماة بالاشتراكية لم تعد صالحة لتحقيق أيِّ تقدم بعد أن
أثبتت التجارب التاريخية ذلك , وخصوصًا مع مجيئ العولمة، التي لا مفر منها الآن
للتعامل مع العالم الخارجي.
وفقًا لقواعد
السوق الدولي: البقاء للأقوى والأصلح. أيْ أن إطلاق حرية الفرد ورأس المال
وقوى المجتمع المدني وإزالة كل أشكال التمييز بين البشر على أساس غير الكفاءة أصبح
ضروريًّا لاانطلاق عملية التطور بأسرع ما يمكن. وهذا يعني ضرورة اللبرلة الكاملة؛
إطلاق المنافسة الحرة وتحقيق الشفافية وإزالة كل العقبات الأيديولوجية
والبيرقراطية. ومن الأفضل أن تقوم الدولة الآن بحماية مثل هذه اللبرلة، وبدلًا من
القيام بدور صاحب الدار عليها أن تقوم بتشجيع التطور من خلال تقديم الحوافز
المادية أفضل من الوعظ. وبدلًا من ممارسة القهر والتعنت وإصدار الكثير من قرارات
المنع، من الأفضل للتقدم الاجتماعي والتكنولوجي أن يكون الفرد حرًّا وأن يتحمل في
نفس الوقت مسئولية هذه الحرية. فلينجب كما يشاء وليستثمر وليستهلك ما يريد ولكن على
نفقته الخاصة؛ فكثرة الممنوعات وتضخيـم أجهزة الرقابة لم يمنعا الخروج على
النظام والقانون كما أنه ليس من الممكن تركيب ضمير لكل مواطن، ولا يمكن بالدعاية
وحدها إقناع الناس. فالآلية الفعالة فعلًا لحفز الناس على التصرف بطريقة ما هيَ
خلق علاقة مصلحة وثيقة بينهم وبين هذا النوع من السلوك أو ذاك. من حق كل انسان أن
يخطئ ولكن عليه أن يدفع ثمنًا حقيقيًّا دون إهانة أو إذلال ومن الأفضل أن يتم دفعه
إلى سلوك مفيد اجتماعيًّا من خلال الحوافز والقوانين الرادعة للمخالفات في نفس
الوقت مع وضع نظام محكم للضبط والربط على الصعيد الاجتماعي بدلًا من فرض مئات
الممنوعات وتضخيم أجهزة الأمن والرقابة. وبدلًا من إهانة المواطنين وتعذ يبهم يجب
أن يعاملون بكل احترام على أن يعاقب المخالفين للقانون عقابًا رادعًا.
من أجل تحقيق
تحديث جذري من الضروري إزالة كل ما يمكن من التوترات الاجتماعية وبالتالي إطلاق
الحريات العامة على كل الأصعدة، لضمان إنطلاق طاقة الأفراد ونمو المجتمع المدني.
كما أن الحريات الشخصية ضرورية للغايةٌ لإزالة التوترات الشخصية كذلك، وهو شرط
ضروري لزيادة فعالية الفرد.
القوى القادرة
على التغيير:
القوة
الاجتماعية الوحيدة المستفيدة تمامًا من التأخر الحالي هيَ النخبة الحاكمة نفسها
من بيروقراطيين ورجال أعمال مرتبطين بهم والمنغمسون في فساد بشع، بالإضافة إلى
أيديولوجيِ النظام.
كل الطبقات
الأخرى لها مصلحة ما في تغيير اجتماعي كبير. ولكن ليست كلها قادرة أو راغبة في
العمل وليس كل الأفراد يعتقدون أن التحديث هو الطريق الأمثل لسعادتهم. أما فكرة "المصالح الموضوعية"، وفكرة "عدم وعي الجماهير بمصالحها" فهيَ ضمن الأفكار الشمولية وهيَ ادعاء باحتكار
الحقيقة وتمثيل الآخرين الذين لا يرغبون في ذلك.
إذن يلائم مشروع
التحديث المطروح هنا من يرغب في تحقيقه. ويمكن فقط تحديد القوى التي يمكن
أن تعمل من أجله على سبيل التوقع.
توجد في مصر
جماعات من المثقفين الذين يريدون الحياة في مجتمع يستطيع استيعاب نشاطهم العلمي أو
الثقافي ويرحبون حتى بالهجرة إلى البلدان الغربية المتطورة لهذا السبب. كما يوجد
آلاف من رجال الأعمال الذين يعانون من فساد وتأخر النظام بل ويتهددهم السجن بسبب
عجزهم عن ممارسة نشاطهم الاقتصادي في ظل النظام الحالي. والكثير من الفقراء يعانون
ويتمنون نظامًا أحدث.
مع ذلك تظل
الفئة الوحيدة الفاعلة سياسيًّا هيَ الانتلجينسيا، والتي يتعاطف جزء منها
فقط مع أفكار التحديث. وهذه هيَ الفئة المؤهلة لهذا السبب للنضال الديموقراطي أكثر
من غيرها.
من الممكن
بالتأكيد أن ينضم لهؤلاء الكثير من الفئات المذكورة، ومن الممكن بسهولة أن يقتنع
ملايين المصريين بفوائد التحديث ويناضلون من أجله.
برنامج عام :
إزاحة
النخبة الحاكمة ومحاسبة أفرادها على ما اقترفوه من مخالفات وجرائم في حق الشعب.
النظام السياسي
& الحريات العامة :
1 - نظام جمهوري حقيقي يتم فيه
انتخاب الرئيس.
2 - دستور ديموقراطي يعتمد الليبرالية السياسية والاقتصادية والفصل بين
السلطات.
3 - إلغاء قانون الطوارئ وكافة القوانين المقيدة للحريات السياسية.
4 - حرية التعبير شاملة التظاهر السلمي والاجتماع، بدون إذن من أجهزة الدولة.
5 - حق الإضراب لجميع المواطنين في حدود قانون العمل الدولي.
6 - التجنيد الإجباري يكون في القوات المسلحة فقط وليس في جهاز الشرطة.
7 - حق إصدار الصحف لكل الأفراد والمؤسسات.
8 - إلغاء نسبة ال 50 % للعمال والفلاحين.
تحرير المجتمع
المدني من سطوة الدولة وضمان حقوق الأفراد :
1 - إلغاء عدد من الوزارات غير الضرورية مثل : الإعلام والثقافة..
2 - حرية تشكيل الأحزاب السياسية (غير المسلحة بالطبع) بلا أيِّ شروط أو قيود،
3 - رفع أيِّ سلطة قانونية أو فعلية للدولة على النقابات واتحادات الطلاب.
4 - إلغاء كل القوانين واللوائح والقرارات التي تعيق الحريات الشخصية بما لا
يتناقض مع حقوق الآخرين.
5 - الحرية الكاملة للجمعيات الأهلية واستقلالها عن الدولة ماليًّا وإداريًّا
بالكامل.
6 - إلغاء الرقابة على المصنفات الفنية ووسائل الإعلام.
7 - اعتبار العقاب الجماعي جريمة لا تسقط بالتقادم وفرض عقوبات رادعة على من
يمارسها من المسئولين بالدولة.
8 - زيادة كبيرة في التعويضات المادية مقابل الأضرار التي تنجم عن
الاعتداءات المقصودة وغير المقصودة سواء من جانب الدولة أو الأفراد بما يلائم
مستوى الأسعار وفي حدود الأضرار الناجمة عنها.
9 - إلغاء عقوبة الإعدام واستبدالها بالسجن مدى الحياة.
10 - فرض عقوبات قاسية في جرائم المخدرات (شاملة التعاطي).
11 - فرض عقوبات مانعة في جرائم الأموال العامة والمحسوبية والرشوة واستغلال
النفوذ بدون استثناء الوزراء وأعضاء البرلمان.
11 - تغليظ
العقوبات ضد مختلف الجرائم خصوصًا تلك التي تهدد الأمن العام، بما فيها جرائم الشرطة،
شاملة تعذيب وإهانة المواطنين أو القبض عليهم تعسفيًّا.
12 - تطبيق
عقوبة الحبس الطويل ضد محترفي التسول المباشر وغير المباشر.
13 - الحبس مدى
الحياة لمحترفي الإجرام وهم من يتم تصنيفهم حاليًّا "مسجلين خطر".
14 - اعتبار
تلويث البيئة وإثارة الضوضاء وإشغال الطريق جرائم تستحق العقاب.
التحرير
الاقتصادي:
تحرير الاقتصاد
من هيمنة الدولة وإطلاق قوى السوق هو الضمان الموضوعي الرئيسي لإطلاق عملية
التنمية وزيادة الإنتاجية وتحجيم الفساد. فالكعكة الحكومية الكبيرة للغاية هيَ
العامل الرئيسي وراء استشراء الفساد. كما أن انعدام الشفافية يعيق بشدة من عمليات
الاستثمار. كذلك تشكل خسائر
قطاع الدولة وكثرة ديونه
عبئا كبيرًا على الميزانية. ويعد إطلاق قوى السوق حافزًا قويًّا لتطوير القطاع
الخاص لنفسه؛ فالبقاء للأصلح، وبالتالي ستستمر فقط المشاريع المتطورة والمدارة
جيدًا و القادرة بالتالي على المنافسة. وبالمثل يؤدي فتح باب الاستيراد للسلع ورأس
المال والعمالة – في حدود معينة – إلى دفع عناصر الإنتاج المحلية إلى تطوير نفسها.
1 - خصخصة كل المؤسسات الاقتصادية (بما فيها المؤسسات الخدمية) والإعلامية
والثقافية (بما فيها المتاحف والمنتجعات السياحية) بالبيع أو إسناد الإدارة (حسب
طبيعة المؤسسة) للقطاع الخاص سواء المحلي أم الأجنبي، بما في ذلك قناة السويس
والسد العالي والمؤسسات الخدمية الأخرى كالمياه والكهرباء..إلخ.
2 - الغاء الدعم نهائيًّا على كافة السلع والخدمات.
3 - عدم التمييز في الأسعار بين المصري والأجنبي وتجريم ذلك.
4 - إلغاء كل معوقات الاستثمار من قوانين ولوائح عقيمة وغير ضرورية فعليًّا.
5 - جعل منطق فرض الضرائب الجمركية هو حماية الصناعة المحلية – في إطار
الاتفاقيات الدولية - وعدم اعتبارها مصدرًا لدخل الدولة وتعديلها على هذا الأساس
6 - إلغاء الكادر الحكومي للأجور والمرتبات.
7 - تحدد الأجور بالاتفاق بين الإدارات والنقابات سواء في القطاع الخاص أو
الدولة.
8 - رفع النسبة القصوى المسموح بها من العمالة الأجنبية في مختلف المشروعات
إلى 30 %، تزيد في حالة عدم توافر الخبرات المطلوبة محليًّا.
9 - يحق لكل مواطن أو أجنبي الشراء بالعملة المحلية وجعل التسديد بالعملات
الأجنبية اختياريًّا.
10 - حق المدير في فصل العاملين بدون إبداء الأسباب (في حالة وجود أسباب ومشاكل
شخصية من المنطقي أن تختص جهة أخرى بالفصل فيها وهيَ المحاكم).
11 - إلغاء التزام الدولة بتعيين الخريجين شاملًا ما يسمى بـ "التكليف" المطبق على بعض الفئات.
12 - إلغاء الحد الأدنى لرأس المال المستثمر.
13 - قانون لمنع الاحتكار.
العلمنة الكاملة :
رفع يد
الدولة عن الدين وتحرير الأفراد دينيًّا بالتالي هو أمر ضروري لوقف استغلال الدين
في السياسة لتحقيق مصالح خاصة باسم الإرادة الإلهية، والتخلص من ظاهرة ادعاء البعض
باحتكار الحقيقة وتفسيراتها كذلك وامتلاك حق تكفير الناس أو منحهم صك الإيمان
مقابل أجور ودخول خيالية من جيب دافعي الضرائب الفقراء في أغلبهم. كذلك يعد هذا
ضروريًّا لرفع القيود على الإبداع الأدبي والفني والعلمي لكي يصبح المجتمع – من
خلال السوق المفتوحة – هو الحكم الحقيقي على أنشطة الأفراد. وهذا أمر ضروري لدفع
عملية الإبداع وإطلاق المنافسة.
1 - الغاء التلقين الديني في المدارس والجامعات وجعل الدين مادة للدراسة بغرض
معرفة ما تقوله مختلف الأديان.
2 - رفع يد الدولة عن الأزهر وإعادته إلى سابق عهده كمدرسة دينية مع تحريره من
هيمنة الدولة ماليًّا وإداريًّا وفكريًّا.
3 - تحويل المدارس الدينية إلى مدارس عادية
4 - تحويل جامعة الأزهر إلى جامعة عادية.
5 - الغاء بند الدين من كافة الأوراق الرسمية.
6 - تحرير المساجد من هيمنة الدولة اداريًّا وماليًّا بجعلها تابعة للأزهر
المستقل أو لأصحابها مع إلغاء كافة الامتيازات المالية لمن يبنون مساجد على نفقتهم
الخاصة
7 - الغاء كل أشكال التمييز الديني، مثل الخط الهمايوني، ومنح حق الدراسة في
أيِّ مؤسسة لجميع المواطنين بغض النظر عن دينهم.
8 - حرية الاعتقاد بشكل مطلق، شاملة حق أيِّ مواطن في تغيير عقيدته بحرية
وبدون اجراءات رسمية؛ بدون أيِّ مساءلة.
9 - الغاء أيِّ سلطة للكنيسة في مجال الحقوق مثل الأحوال الشخصية
10 - وقف أيِّ شكل للدعم الحكومي للمؤسسات الدينية : الإمداد بالأرض والمال
والمياه والكهرباء. بل على هذه المؤسسات أن تتحمل تكاليفها بالاعتماد على التبرعات
الشعبية أو أيِّ مصادر غير ميزانية الدولة.
11 - إلغاء الرقابة الدينية على القوانين أو الأعمال الأدبية والفنية وأيِّ
نشاطٍ آخر.
12 - الغاء أيِّ سلطة ولو شكلية لدار الإفتاء مع تحريرها ماليًّا وإداريًّا من
هيمنة الدولة وتحرير حق الإفتاء نفسه من احتكار فئة معينة.
13 - جعل الزواج مدنيًّا، بمعنى أن يتم في الشهر العقاري أو مؤسسة مدنية مختصة
لكل المواطنين بغض النظر عن دينهم.
14 - الغاء المرجعية الدينية للقوانين والدستور وجعل الصالح العام هو مصدر
التشريع، والذي من المفترض أن يدافع عنه البرلمان. وتعد هذه النقطة الأكثر حساسية
للكثيرين ولكنها في الواقع تحقق قدرًا أكبر من العدالة والشفافية؛ فالادعاء بتمثيل
الدين أو الأيديولوجيا عمومًا عادة ما يخفي مصالح خاصة؛ أما الإعلان عن هذه
المصالح مباشرة فيزيل اللبس والغشاوات ويمنح كل الفئات الفرصة لطرح وجهة نظرها
مباشرة بغير تعمية أو ادعاء الكلام باسم الدين. وهو ما يقود في النهاية إلى تجاوز
المناقشات العقيمة حول النص وتفسير النص.
وهذه النقطة
تتضمن إلغاء ما يسمى بـ "الدين الرسمي للدولة" وعدم قبول أن تتبنى الدولة لأيديولوجية
رسمية، وقصر هذا الحق للأفراد ومؤسسات المجتمع المدني.
المساواة بين الرجل والمرأة :
ما تزال المرأة
المصرية تعتمد على الرجل ماديًّا وسياسيًّا وغير ذلك. ويؤدي التمييز القائم إلى
قهر نصف السكان وإلى إهدار كفاءات مفيدة للمجتمع والإضرار بملايين الأطفال. ولا
يوجد أيُّ مبرر لاضطهاد المرأة سوى ضيق أفق بعض المؤسسات المحافظة المتعيشة على
إثارة النعرات الظلامية.
1 - منح الجنسية لأبناء المصريات المتزوجات من أجانب.
2 - حق المرأة في التقدم لأي وظيفة (بما فيها وظيفة القاضي) وتجريم أيِّ تمييز
في هذا المجال.
3 - معاقبة – بقسوة - كل من يمارس أو يسهل إجراء ختان الإناث مع منحهن الحق في
التعويض السخيُّ واعتبار ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم.
4 - إلغاء بنود القوانين التي تميز بين الرجل والمرأة (مثال ذلك ما يعطي للرجل
حق قتل المرأة في ظروف معينة!).
5 - حق المرأة المطلق في الطلاق أسوة بالرجل، وتطبيق ذلك على كل المواطنين بغض
النظر عن الدين.
6 - يتم الطلاق أمام القاضي مع تسوية كل ما يتعلق به وما يترتب عليه في نفس
الوقت ودفعة واحدة.
7 - تجريم مبدأ تعدد الزوجات مع فرض عقاب مناسب.
8 - حرية السفر للمرأة أسوة بالرجل.
9 - إقرار حق الأجنبي المتزوج من مصرية في الحصول على الجنسية المصرية بشروط
مناسبة وبدون تعسف أو تشدد.
10 - حق الإجهاض بلا قيد.
إصلاح الإدارة
الحكومية :
1 - التخلص من العمالة الزائدة بالكامل
في جهاز الدولة مع منحها إعانة بطالة.
2 - تعميم استخدام الكمبيوتر في الإدارة الحكومية وخلق شبكة موحدة لكل
الإدارات والتخلص من النظم العتيقة في التدوين والأرشفة.
3 - ربط الإدارات الحكومية بشبكة الإنترنت لتسهيل معاملات المواطنين.
4 - إعادة بناء جهاز الضرائب وإلغاء التقدير العشوائي.
5 - تنقية اللوائح من الشروط والإجراءات غير الضرورية والمتعسفة مع إلزام كل
المؤسسات الحكومية بإلإعلان عن الإجراءات المطلوبة من المواطنين في شتى المجالات
في مطبوعات خاصة وإعلانها على شبكة الانترنت (هذا مطبق جزئيًّا وفي بعض المؤسسات
فقط وكإعلانات حائط).
6 - إلزام الجهاز الجكومي بدفع تعويضات كبيرة لما يسببه للمواطنين من تعطيل
مصالح أو خسائر وسن قانون بذلك.
تطوير التعليم
والبحث العلمي :
1 - الاستعانة
بخبراء في التعليم من البلدان المتقدمة في هذا المجال لوضع الخطط والإشراف على تنفيذها.
2 - تغيير طريقة التقييم (الامتحان) وتطبيق النظم
الأمريكية في هذا المجال.
3 - إلغاء الكتب المقررة والمذكرات في الجامعات.
4 - ربط الجامعات المصرية بجامعات أجنبية متقدمة
وذات سمعة عالمية، بحيث يتم معادلة الشهادات المصرية بشهادات تلك الجامعات
وبالتالي إعادة تقييم نظم الدراسة وتقييم أساتذة الجامعة وفقًا لمعاييرها وتحت
إشرافها.
5 - لا يجوز السماح لأساتذة الجامعة بالعمل في أيِّ
نشاط خاص، وبالتالي التفرغ التام لعملهم في الجامعة.
6 - جعل العمل بالتدريس بالجامعة أكثر ديناميكية؛
بالسماح – وفقًا للوائح جديدة - بالتحاق أفراد من خارج الجامعة للعمل بها استنادًا
إلى الكفاءة دون اشتراط المرور بكل الدرجات الجامعية.
7 - استقلال الجامعات عن الدولة
وتحويلها إلى مؤسسات مستقلة ماليًّا وإداريًّا تعتمد ماليًّا على التبرعات وتسويق
نشاطها في مجال البحث العلمي بالإضافة إلى المصروفات الدراسية مع تمليكها للعاملين
بها ملكية تعاونية كحق انتفاع.
8 - إلغاء كافة القيود على
البحث العلمي سواء دينية أو سياسية أو أيديولوجية.
9 - حوافز لمؤسسات البحث العلمي
الخاصة والتابعة للجامعات وتقديم دعم مالي حكومي كنسبة محددة من ميزانية الدولة.
10 - التعليم إلزامي حتى نهاية
المرحلة الثانوية ويتم مساءلة وعقاب وليِّ الأمر المقصر في تعليم أبنائه بالحبس.
وتلتزم الدولة بتقديم هذه الخدمة (وخدمة محو الأمية) برسوم محدودة، مع تشجيع نشوء
ونمو قطاع تعاوني في مجال التعليم، أيْ أن تنشأ مدارس كملكية تعاونية للعاملين
بها، معتمدة ماليًّا على الرسوم المحدودة والتبرعات والدعم الحكومي غير الملزم.
تطوير
الخدمة الطبية :
1 - دمج القطاع العلاجي لوزارة
الصحة والمؤسسة العلاجية والهيئة التعليمية في التأمين الصحي.
2 - لكل مواطن حق في الاشتراك
في التأمين الصحي سواء كان يعمل بالحكومة أو القطاع الخاص أو لا يعمل.
3 - يحدد مبلغ مناسب للاشتراك
في التأمين الصحي وليس مبلغًا رمزيًّا كما هو حادث الآن لمعظم المشتركين بحيث يصبح
التأمين الصحي مستقلًا ماليًّا عن الدولة.
4 - حظر الجمع بين وظيفتين
(واعتبار العيادة الخاصة وظيفة) للأطباء.
5 - تصرف الأدوية بالوصفة
الطبية فقط.
6 - تغلق الصيدليات التي تبيع
أيَّ سلع غير الأدوية.
7 - يعاد النظر في برامج إعداد
الأطباء المقيمين والأخصائيين بشكل جذري واتباع النظم المطبقة في الدول المتقدمة
خصوصًا الولايات المتحدة.
8 - إغلاق معاهد التمريض وإعداد
الممرضين في كلية التمريض وتطبيق نفس الفكرة على الفنيين.
9 - تحقيق قدر من الاستقلال
الإداري للمستشفيات (نظام التسيير الذاتي).
10 - ثورة إدارية في القطاع الصحي
كله بحيث تصبح الكلمة العليا للأطباء وبقية الأطقم الفنية.
11 - تغليظ العقوبات مقابل أخطاء
المهنة وزيادة مبالغ التعويض إلى عشرات ومئات الألوف وجعل البديل هو السجن،
بالإضافة إلى سحب ترخيص مزاولة المهنة. وهذا كفيل بضبط مهنة القطاع الصحي كله :
فسيزداد الحرص على تطبيق القواعد العلمية في العلاج، وستتحمل الإدارات المسئولية
وستغلق المستشفيات غير المطابقة للمواصفات أبوابها مع أول قضية وستتوقف الدولة عن
إهمال الصحة العامة إلخ.. ويشبه دور هذه المسألة في قضية الصحة دور تغيير نظام
الامتحانات في إصلاح التعليم.
12 - فرض غرامات كبيرة وإغلاق
المؤسسات الطبية غير المرخصة أو غير المطابقة للمواصفات مع وضع مواصفات مقبولة
عالميًّا.
13 - فرض ضرائب عالية على صناعة
وبيع الخمور والسجائر تخصص لقطاع التأمين الصحي.
14 - فرض عقوبات وغرامات كبيرة
على كل من يلوث البيئة سواء من الأفراد أو المؤسسات.
تطوير
جهازالعدالة وآليات تحقيقها:
هذا
هو الأساس الفعلي لضمان نجاح مجمل الإصلاحات المذكورة. فيجب أن يضمن المواطن حصوله
على حقوقه ويتمتع بالحماية ويدفع ثمن حريته دون أن يقف على بابه شرطي. لذا فمن
الضروري أن يصبح جهاز العدالة كبير وسريع ومستقل فعليًّا ولديه القدرة على التنفيذ
السريع للأحكام، وأن تكون أحكامه نفسها قانونية.
1 - إلغاء كافة المحاكم
الاستثنائية وقصر المحاكم العسكرية على محاكمة العسكريين
2 - زيادة كبيرة في عدد القضاة
ووكلاء النيابة.
3 - وضع نظم أكثر فعالية لتفادي
التلاعب في القضايا تشمل عقوبات قاسية لأي مخالفة مع حق المتضرر في التعويض من قبل
جهازالقضاء نفسه.
4 - جعل مرتبات المستشارين غير
محدودة.
5 - تضاف إلى سلطات المحكمة
متابعة تنفيذ الأحكام ومساءلة جهاز التنفيذ جنائيًّا في حالة التقصير.
6 - فرض آليات محكمة لضمان
تسديد الالتزامات المالية والتعويضات من خلال ربط كل مواطن بالبنك وفرض عقوبة
الحبس في حالة عدم إمكانية التسديد في جميع
الحالات
7 - يحق لكل مواطن مقاضاة
والحصول على التعويض المناسب من الجهات الحكومية التي تتراخى في ضبط أيِّ مخالفات
تضر بأحد أو عدد من المواطنين، مثل التصرفات التي تلوث البيئة بشكل ملحوظ ومخالفات
المباني والمنشئات..إلخ.
8 - تشكيل جهاز كبير لمراجعة
الأحكام القضائية ومحاسبة القضاة المخطئين وتصحيح الأحكام خلال مدة محدودة.
9 - منح الجهاز المركزي
للمحاسبات سلطة الضبط القضائي على القطاع الخاص ومؤسسات الدولة وسلطة متابعة
الثروات الفردية بشكل مستمر للتأكد من شرعية مصادرها.
تطوير العلاقات
الاجتماعية :
من الأمور
الضرورية لدفع عجلة التنمية وقف النمو السكاني وتخفيض ازدحام المدن والتغلب على
تلوث البيئة وحماية الناس من محترفي الإجرام ومنهم المسجلين خطر وتخفيض معدل الفقر
وتقليص ظاهرة التسول ومكافحة المخدرات فعليًّا.
1 - على كل والدين دفع رسوم سنوية مقابل إنجاب الأطفال ابتداء من الطفل الثاني،
بقدر مناسب لتغطية ما يكلفه للدولة.
2 - وقف كافة أعمال البناء والترميم في المدن القديمة.
3 - تقديم الأرض مجانًا في المدن الجديدة للمواطنين سواء لإقامة المشروعات أو
السكن، كحق انتفاع.
4 - يمنح ترخيص مزاولة مهنة فقط لمن أنهوا مرحلة التعليم الإلزامي على الأقل
وفي مجال التخصص في كل المجالات؛ بما فيها
الأعمال الحرفية وقيادة السيارات والتجارة والعمل في مجال السياحة والخدمات
المختلفة بحيث يصبح سوق العمل مفتوحًا فقط للعناصر المؤهلة وبالتالي القادرة على
تقديم الخدمة بأفضل الأشكال والقادرة على إدارة أعمالها. وهذا يعادل بالضبط وضع
مواصفات للسلع (وهو أمر مطبق فعلًا).
5 - دفع إعانة بطالة للعاطل المسجل تعادل الحد الأدنى لتخصصه كما هو ساري في
سوق العمل ويمول الصندوق بنسبة تقتطع من المرتبات ويتولى الأمر جهاز التأمينات
الاجتماعية.
6 - تسهيل الحصول على الجنسية المصرية للمقيمين في البلاد بشكل قانوني مدد
طويلة، خصوصًا للعناصر المتعلمة وتحمل خبرات مطلوبة في السوق المحلي.
7 - تشجيع القطاع التعاوني بتخفيض الضرائب والرسوم.
8 - خصخصة هيئة التأمينات الاجتماعية والمعاشات كأي شركة تأمين مع إشراف مناسب
من البنك المركزي سواء تمت خصخصته أم لا.
الموقف من الغرب،
والقضية الفلسطينية :
من مصلحة
البلدان الغربية المتطورة إجراء بعض التحديث في الشرق الأوسط ومنه مصر. وإن كان
إحداث تطور كبير هنا قد يكون غير مرغوب فيه تمامًا بسبب الطموحات المصرية
التقليدية للهيمنة الإقليمية. الا أنه إذا كان الغرب قد استوعب اليابان وحتى الصين
فلا يشكل استيعاب مصر مشكلة لا حل لها. لذلك ليس من المتوقع أن تعرقل الدول الكبرى
عملية تحديث حقيقية في مصر الا حسب ضغوط الصهيونية مالم تحدث تغيرات أيديولوجية
وسياسية عميقة في إسرائيل وهو ما لا يبدو في الأفق حاليًّا. ومن الضروري أن يؤيد
الغرب خطوات التحديث حتى تتم فعلًا وبأقل التكاليف. لذلك من الضروري طرح مشروع
للسلام مع اسرائيل وممارسة كافة الضغوط الممكنة لكسب التأييد الغربي من خلال فضح
الصهيونية أمام الرأي العام الغربي بالإضافة إلى اتباع سياسة إعلامية متطورة وغير
حكومية تعتمد الشفافية، وتضع هذا الهدف نصب أعينها. ومن الضروري كذلك الدعاية
لعملية تحديث مصر نفسها لتحقيق الغرض نفسه.
ليس من المفيد
إطلاقًا بث دعايات وبرامج تعليم معادية للغرب، وهو أمر غير مبرر بأي حال (وهو ما
يجري حاليًّا ومنذ قرون)؛ حيث إنَّه لا يوجد عداء تاريخي ولا مؤامرة غربية ضد مصر
أو العرب أو الإسلام كما يدعي الكثيرون هنا. ويتطلب التحديث نفسه إزالة تلك
الخزعبلات وعقد النقص ولنتذكر أن التاريخ الاستعماري للغرب يقابله تاريخ مماثل
للعرب والمصريين أيضًا. ومن الأمور الواضحة في السياسة الدولية أن مصالح الدول
(والشركات) هيَ التي تحدد ميولها وقراراتها. لذلك يكون خلق مصالح مشتركة أساسًا
قوىا للتصالح مع الغرب والتطبيع معه ودفعه للتخلي عن الصهيونية، وهناك مؤشرات على
حدوث هذا فعلًا في أوروبا.
إن الدعوة لتخلي
اسرائيل عن العنصرية لن تـنجح إلا ا ذا تخلينا عن عنصريتنا. والضغط عليها لتتخلى
عن إيمانها بالأساطير يتطلب منا أن نفعل الشييء نفسه، ومطالبتها بالتحول إلى دولة
علمانية سيكون منطقيًّا إذا كان لدينا نحن دولة علمانية.
في الحقيقة لا
يوجد أيُّ مبرر لدق طبول الحرب في الوقت الحالي لأن الحرب ستؤدي إلى الهزيمة وإلى
إساءة علاقاتنا بالغرب. والمشروع الأكثر عملية وقبولًا من المجتمع الدولي، يتلخص
في الآتي:
1 - فعل ما من شأنه تحقيق الهدوء على الأراضي الفلسطينية (وقف كافة أشكال
العنف – انسحاب إسرائيلي من المدن الفلسطينية).
2 - اعتراف عربي واضح بحق يهود اسرائيل في البقاء على هذه الأرض والعيش في
سلام، مقابل اعتراف إسرائيلي بنفس الحق للعرب والتخلي بشكل رسمي وصريح عن
الأيديولوجية الصهيونية، وإدانة الحركة الصهيونية بكل مفاهيمها والاعتراف بأن وجود
اليهود اليوم في فلسطين هو مجرد أمر واقع وليس حقًّا تاريخيًّا.
3 - إذا تم هذا يجب تغيير مناهج التعليم على الجانبين وحل المنظمات المسلحة.
4 - إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة وغزة.
5 - التفاوض من أجل الحل النهائي الذي يمكن أن يكون بتوحيد الدولتين أو بإعادة
تقسيم فلسطين، مع تعويض اللاجئين ومنحهم حق العودة اما إلى الدولة الموحدة أو إلى
الشطر الفلسطيني.
6 - إلغاء حق العودة لليهود.
7 - تخلي اسرائيل عن أسلحتها النووية.
8 - علاقات طبيعية مع الدولة الموحدة أو اسرائيل، إذا تم الاتفاق على تقسيم
فلسطين.
ومن الواضح أن
هذا الحل بعيد المنال بسبب تعصب النخبة الإسرائيلية، ولكنه حلٌ مرضٍ للمجتمع الدولي
أو على الأقل يمكن أن يقبله إذا بُذل الجهد الكافي لفضح الصهيونية عالميًّا والضغط
على اسرائيل بدعم الكفاح الفلسطيني في الوقت ذاته وعدم تقديم أيِّ تنازلات بينما
يجري خلق قنوات اتصال جيدة مع الجماعات غير الصهيونية أو القابلة للتحول في
اسرائيل، لأنه – ببساطة – بدون تنفيذ هذا لن يكون هناك أيُّ سلام ويصبح البديل لنا
هو المناورات السياسية مع الاستعداد للحرب. وفي كل الحالات يشكل طرح هذا البرنامج
سلاحًا جيدًا إما لتحقيق السلام أو للتحضير للحرب.
**********************************
والآن ما
العمل؟
هذا
المشروع له أنصار.. وله أعداء؛ أهمهم النخبة الحاكمة. ومن هنا سيتم تنفيذه من خلال
صراع مع تلك النخبة. والأمر يتطلب الآتي :
1 - كفاح أيديولوجي ضد الفكر القومي والشمولي.
2 - فضح ممارسات النظام في الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى إذا أمكن.
3 - فضح عناصر الفساد وأجهزة الدولة المتراخية وملاحقتها أمام المحاكم.
4 - خوض الانتخابات النقابية والبرلمانية وانتخابات المحليات بهذا البرنامج.
5 - إصدار الكتب والنشرات واستخدام الإنترنت لشرح أهمية التحديث والإجراءات
المطروحة في هذا البرنامج.
6 - تشكيل حزب سياسي في اللحظة المناسبة.
7 - التحالف مع مؤسسات تقدمية في الخارج لتبادل الخبرات والتنسيق لفضح النظام.
8 - قيادة الجماهير لتحقيق مطالب جزئية حين يكون هذا ممكنًا.
9 - تكوين جمعيات ومؤسسات مدنية مختلفة لمناصرة المشروع.
10 - الاتصال بالمنظمات الديموقراطية الموجودة والتنسيق معها.
11 - في النهاية لابد من إزاحة النخبة الحاكمة من خلال الانتخابات مدعومة
بالضغوط الشعبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق