(طرح للنقاش)
عادل العمري
مايو 2020
لا نشكك في "حسن نية" مؤسسي ومفكري الماركسية، لكن موقف نظريتهم
من الحزب ودور الجماهير في العملية الثورية ومن جهاز الدولة كان دائمًا شديد الالتباس.
فالمعلن هو أن الماركسية هي نظرية الطبقة العاملة، وهو ما كان يخيف الطبقات المسيطرة
ودولتها ويدفعهما لمقاومتها. لكن في اللاوعي، في العقل الباطن، نجد شيئًا آخر. بالمثل
نفترض حسن نوايا كثير من الماركسيين، الذين يتصورون أنهم ممثلي البروليتاريا؛ شمعة
تحترق من أجل خلاص البؤساء ومعهم كل الإنسانية. لكننا نعتقد أن المغزى الموضوعي للماركسية،
يختلف عن الغرض المعلن. فلا شعور أو (لا وعي) أصحابها يكشف لنا عن دوافعهم الحقيقية
وأغراض نفوسهم الدفينة، وبالتالي عما تعبر أفكارهم الثورية في ظاهرها. ويمكن أن نكشف
عن ذلك من خلال رصد الأفكار الفلسفية، والمواقف السياسية، والنتائج العملية للماركسية.
وسوف نحلل هنا مسألة واحدة: الماركسية لا تعبر تعبيرًا نقيًا عن البروليتاريا، بل عن
الدولة الحديثة.
******************************
أولًا: الدولة في فكر مؤسسي الماركسية:
هذه الآلة الرهيبة لا يستسيغها علنًا أيّ ثوري، ولذلك هاجمتها الماركسية.
إلا أن ثنايا الكلام، والأفكار العينية تقول شيئًا آخر.
- من الأفكار الماركسية الراسخة أنَّ الدولة هي نتاج التناقضات الطبقية؛ ترتبت
على تكون الطبقات المحتم تاريخيًا. وقد تناول إنجلز الأمر محاولًا
إثبات أنَّ انقسام الناس إلى طبقات قد سبق نشوء الدولة، وأن هذا وذاك قد حدث داخل
المجتمعات القديمة المشاعية، دون تقديم قرائن أو أدلة مقنعة. كما أكد على رفضه
لنظرية العنف كآلية لنشوء الطبقات، مانحًا العامل الاقتصادي أولوية، لكنه قد فشل في
تقديم عرض منطقي لحتمية نشوء الطبقات والدولة. وقد فند كاوتسكي أفكار إنجلز بعد ذلك
تفصيلًا([1]). فالمعلومات
المتوفرة تقول إنَّ نشوء الطبقات والدولة قد حدث نتيجة الغزوات التي كانت بين القبائل،
والتي انتهت إما بالقضاء على قبائل أو بسيطرة إحداها على الأخرى، مكونة طبقة حاكمة
ودولة في ذات اللحظة. فلا يوجد أبدًا ما يحتم نشوء الطبقات ولا الدولة بالتالي، وكل
ما يمكن رصده كعوامل هو الطمع والجشع البشري، مع درجة من تطور الإنتاج تجعل هناك إمكانية
لتكون فائض اقتصادي يستحق الاستيلاء عليه. لكن مجرد ظهور هذا الفائض ليس مبررًا – في
حد ذاته – للعدوان والسرقة، فهذه عوامل نفسية بحتة. بذلك كان نشوء الدولة نتيجة لعوامل
الجشع والطمع والنزعات العدوانية.. إنها من أهم مظاهر "الشر" في المجتمع
البشري. لكن الماركسية تصور نشوء الدولة كما لو كان حتمية تاريخية، لإضفاء الطابع
"العلمي" على ما تقدمه. وكأن رجال الدولة مكلفين من قبل التاريخ بتحقيق مهام
محددة، مثلما صورت نشوء الطبقات بنفس المنطق، كأن طبقات اللصوص – وياللأسى – مضطرة
للسرقة والاستغلال كدور تاريخي مكتوب عليها!
-
وفي حين وصف ماركس الدولة الرأسمالية في عصره بأنها زائدة طفيلية في المجتمع تعيق تطوره
الحر؛ إلا أنَّه حين جاء الكلام عن دولة البروليتاريا وجدنا كلامه ينقلب؛ فالدولة تصبح:
“البروليتاريا بوصفها طبقة حاكمة”.. ولا يتكلم عن الزائدة الطفيلية ولا منع
تطور المجتمع الحر.. هنا تصبح الدولة قوة تقدمية. ولا نجد ما نضيفه هنا على نقد باكونين
لماركس في هذه القضية: “إنَّ كل سلطة دولة، وكل حكومة،
بطبيعتها، تضع نفسها خارج وفوق الناس، وإنه لأمر محتم أنْ تقوم بإخضاعهم لتنظيم
وأهداف غريبة عنهم ومضادة لاحتياجاتهم الحقيقية ولطموحاتهم ([2]).
- نص البيان الشيوعي
في 1848: “فالبروليتاريا ستستخدم سلطتها
السياسية لتَنتَزع من البورجوازية تدريجيًّا، رأس المال كله، ولِـتُمركز أدوات الإنتاج
كلّها في أيدي الدولة، أيْ في أيدي البروليتاريا المنظَّمة في طبقة سائدة، ولتزيد حجم
القوى المنتجة بأقصى سرعة ممكنة”. ولم يحدد البيان شكل هذه الدولة؛ فالبورجوازية
هي أيضًا وقت صدور البيان كانت “منظمة في طبقة سائدة” بمعنى من المعاني، ودولتها هي
آلة بيروقراطية - عسكرية قمعية.
- وفي نقد برنامج جوتا لكارل ماركس ورد: “إنَّ
الحرية هي في تحويل الدولة من جهاز فوق المجتمع إلى جهاز خاضع بالكامل لهذا المجتمع”.
وهذه هي بالفعل صورة الدولة البورجوازية الحديثة التي تبدو ظاهريا في خدمة المواطنين!
لكن هناك أيّ إمكانية لأن تكون الآلة العسكرية خاضعة للمجتمع بالفعل؟ إن هذا مجرد خداع.
- لكن بعد خبرة كوميونة باريس التي حطمت جهاز
الدولة بالفعل تغير موقف ماركس وإنجلز مؤقتًا؛ فراح كلاهما يمتدح الكوميونة التي حلت
جهاز الدولة، لكن زاعمين أن الكوميونة قد أقامت ديكتاتورية البروليتاريا: "“هل تريدون أيها السادة الأعزاء
أن تعرفوا كيف تكون هذه الديكتاتورية (ديكتاتورية البروليتاريا) فلتلقوا نظرة على كومونة
باريس.. لقد كانت هذه هي ديكتاتورية البروليتاريا.([3])” وترتب
على ذلك أن أشار ماركس وإنجلز في مقدمة البيان
الشيوعي في طبعة 1872 إلى أنَّ برنامج البيان قد شاخ في بعض تفاصيله، مضيفين جملة من
كتاب: “الحرب الأهلية في فرنسا”: “لقد أثبتت الكوميونة شيئًا واحدًا بالتحديد، وهو
أنَّ الطبقة العاملة لا تستطيع ببساطة أنْ تستولي على آلة الدولة الجاهزة وتستخدمها
في تحقيق أهدافها الخاصة”.
ويمكن فهم هذه الجملة
على أكثر من معنى: ضرورة تحطيم جهاز الدولة فقط، أو إبداله بجهاز دولة مختلف. والأهم
أنه لم يُضف هذا النص في متن البيان رغم طباعته مرارًا بعد ذلك. كذلك نستغرب، إذا كان
فعلًا ماركس وإنجلز قد قررا الموافقة على الأطروحة الأناركية؛ أيْ ما فعلته الكوميونة،
فلماذا لا يقال هكذا صراحة: إلغاء الدولة فورًا؟
إذ كان عليهما أن يضيفا أن الكميونة قد أثبتت أن تفكيك جهاز الدولة – وهو ما تم
فعلا – هو الخبرة المكتسبة من الكوميونة. لكنهما لم يفعلا.
بعد ذلك نجد تراجعًا
عن لحظة تأييد الكميونة:
“تقع بين المجتمع الرأسمالي
والمجتمع الشيوعي، مرحلة التحول الثوري من الأول إلى الآخر. وتناسبها مرحلة انتقال
سياسي لا يمكن أنْ تكون الدولة فيها سوى الديكتاتورية الثورية للبروليتاريا”([4]). فمرة أخرى يعود ذكر لفظ “الدولة”، بطريقة
عام 1848.
كما
قال إنجلز عام 1875: "وطالما ظلت البروليتاريا تحتاج إلى الدولة، فإنها لا
تحتاج إليها من أجل الحرية، بل لقمع أعدائها، وما أنْ يصبح بالإمكان التحدث عن الحرية
حتى تزول الدولة بوصفها دولة. ولذا نقترح استبدال كلمة ‘المشاعة‘ Gemeinwesen في كل مكان بكلمة ‘الدولة‘، وهي كلمة ألمانية قديمة ملائمة يمكنها أنْ تقابل
كلمة Commune ‘كوميونة‘ الفرنسية”([5]).
ثم يعدنا إنجلز بـ: "... أنَّ موضوعة
ماركس ضد برودون ثم ‘البيان الشيوعي‘ قد أوضحا صراحة أنَّ الدولة ستنحل من تلقاء
نفسها وتزول عند إقامة النظام الاشتراكي"([6]) - التشديد من عندنا. وتكررنفس الكلام في موضع
آخر([7]).
ثم في 1891 قال إنجلز في مقدمته لكتاب “الحرب الأهلية.. “ عام
1891:
“والدولة في أحسن الأحوال هي شر ترثه البروليتاريا بعد كفاحها الظافر
من أجل السيطرة الطبقية؛ والبروليتاريا المنتصرة، مثلها مثل الكوميونة، لا تستطيع إلا
أنْ تبتر أسوأ جوانب هذا الشر في أقرب لحظة ممكنة، حتى يحين ذلك الوقت الذي
يستطيع فيه جيل ترعرع في ظل ظروف اجتماعية جديدة حرة أنْ يلقي بزبالة الدولة بأكملها
فوق كوم النفايات”(التشديد
من عندنا).
وهذه عودة واضحة لـ
1848.
-
أما الشرح الذي استنجد به لينين، من كتاب إنجلز “ضد درنج” فهو: “تستولي البروليتاريا على السلطة السياسية وتحول وسائل الإنتاج
من أول لحظة إلى ملكية الدولة. لكن وهي تفعل ذلك تقضي على نفسها كبروليتاريا، وتقضي
على الفروق الطبقية والتناقضات الطبقية، كما تقضي على الدولة بوصفها دولة”([8]). ثم راح يتكلم (إنجلز ثم لينين) عن اتجاه تلك الدولة إلى التلاشي.
هنا يصف لينين الأمر بأنه قضاء على الدولة
بوصفها دولة.. وهو مجرد لغو فارغ وخداع (غير مقصود؟) فهو الآخر يريد تغيير اسم الدولة
فقط لا غير كما فعل إنجلز. فلو كان يقصد حل الدولة لقال ذلك صراحة. لكنه كان حريصًا
على تمييز تصوره لـ"تلاشي" الدولة عن الخطة الأناركية التي تنص على حل
الدولة، مستشهدًا بماركس وإنجلز:
"يمكن
للثورة أن تحل جهاز الدولة البورجوازي. لكن الدولة بوجه عام؛ الديموقراطية الأكثر
كمالًا، يمكنها فقط أنْ تضمحل – حسب ماركس- على خلاف الأطروحة الأناركية عن
حل الدولة" – التشديد من عنده([9]).
أما الوعد بتلاشي الدولة تلقائيًا فيحتاج إلى
كثير من السذاجة لتصديقه. فهل يمكن لآلة قمع وبيروقراطية أن تصفي نفسها تلقائيًا؟
وقد قدم مؤسسو الماركسية شرطًا واحدًا لتلاشي
الدولة: اختفاء الطبقات، فتتنهي ضرورة الدولة. هذا تصور بسيط أكثر من اللازم، وكأن
التاريخ لم يعرف دولًا كانت هي نفسها الطبقة السائدة، كدول الشرق مثل مصر، كما لم يتصور
الماركسيون أن آلة الدولة التي سموها عمالية يمكن أن تصبح هي الطبقة الحاكمة، كما حدث
بالفعل، فلماذا تحل نفسها إذن؟ ومتى؟ وكيف.
وهل
حين تكتشف الدولة أنها "غير ضرورية" ستحل نفسها بكل ارتياح ورضا؟! أولًا:
هل الدولة كانت ضرورية في يوم من الأيام؟ أليست مجرد آلة قمع في العرف الماركسي؟ فهل
القمع عمل ضروري؟ ثانيًا: إذا كانت الدولة ستعرف أنها لم تعد ضرورية ألا تعرف أنها
أيضًا غير ضرورية الآن فتحل نفسها؟ ثالثًا: هل تسير الأمور في عالم البشر بهذا المنطق؟
ألا يعرف الأفاقون و"الرأسمالية الطفيلية" وأمثالهم أنهم أيضا بلا ضرورة
فيريحوا العالم من أشكالهم واستغلالهم؟!
- كما كان إصرار مؤسسي
الماركسية على ضرورة وجود مرحلة دولتية؛ كمرحلة انتقالية بين الرأسمالية
والشيوعية، حيث يتم توزيع الإنتاج حسب العمل لا حسب الحاجة، والأهم هو وجود جهاز
الدولة لاستكمال هذه المرحلة. ثم يضيف لينين ما يعني أن هذه المرحلة هي في الحقيقة
نهاية التاريخ: “لم يخطر في بال أيِّ
اشتراكي أنْ ‘يعد‘ بحلول الطور الأعلى من تطور الشيوعية؛ أما فيما يخص نبوءة
الاشتراكيين العظام بحلولها فهي تفترض إنسانًا غير الإنسان الحالي، الذي يشبه طلاب
اللاهوت في قصص الكاتب بوميالوفسكي، القادرين على تدمير مخزون الثروة العامة
لمجرد المزاح وطلب المستحيل”([10]). فهل يعني هذا الكلام
سوى أبدية المرحلة الانتقالية المشار إليها؛ مرحلة اشتراكية الدولة؟ ولا يمكن إغفال المعارك الضارية بين الماركسيين
والأناركيين حول الموقف من الدولة بالذات، حيث ذهب جل الأناركييين دائمًا إلى ضرورة
حل الدولة، باستثناء قلة ضئيلة، لم تر مع ذلك أن للدولة أيّ ضرورة ولا دور في بناء
الاشتراكية([11]). بينما استمر الماركسيون في اللف والدوران،
مدعين التعقل.
- وفي تاريخ الماركسية
اللاحق لم يتخل أصحابها عن إظهار انبهارهم بآلة الدولة المرعبة. فقبيل اندلاع الحرب
العالمية الأولى وقفت الأحزاب الماركسية في أوروبا مع دولها بالموافقة على اعتمادات
الحرب تحت شعار: الدفاع عن الوطن. فكان غضب لينين الشديد وإعلان حربه على تلك الأحزاب،
ليس لأنه يريد حل أجهزة الدول، بل لأن الحرب تعيق ثورة البروليتاريا؛ مشروع الماركسية
في إقامة اشتراكية الدولة. هذا المشروع خاض لينين وحزبه في سبيله معارك دموية بعد ثورة
أكتوبر ضد المعارضة الماركسية اليسارية، نقابات العمال، الجماعات الأناركية، وبلغ الأمر
حد القتل بالجملة والقصف بالمدافع والاعتقالات والتصفيات الجسدية خارج القانون لكل
من تجرأ وطالب بتحجيم دور الدولة الماركسية.
وقد كانت تلك الدولة
في البداية تشبه دول العصور الوسطى القمعية. ولذلك نادت غالبية المعارضة الماركسية
اليسارية بشعارات وأفكار تتضمن تحويل تلك الدولة إلى دولة حديثة "ديموقراطية"
ذات أيدٍ ناعمة ولم تناد أبدا بحلها، بل ظلت طول الوقت تعلن اشتراكية الدولة تلك أو
تنعتها أجنحتها الأكثر يسارية بأنها رأسمالية دولة، منادية بدولة أكثر مرونة مثل دول
غرب أوروبا مع الاحتفاظ بسيطرتها على الاقتصاد وبالسوق المركزي. وبالفعل حدث بعض
التحديث للدولة "الاشتراكية" بالتدريج.
وما زلنا نرى اليسار
الماركسي يقف في معسكر الدفاع عن الدولة، وإظهار الخوف على مستقبلها في مختلف البلدان.
ففي الغرب يستمر في الدفاع عن دولة الرفاه التي تراجعت منذ انتهاء الحرب الباردة والتي
تحالف معها من قبل، مناديًا باستمراها واسترداد الأدوار التي تخلت عنها. وفي الشرق
الأوسط تحالف مع الدول التسلطية ضد محاولات الامبريالية تفكيك الأنظمة الشمولية التي
أقامتها من قبل، مع المناداة بشيء من الديموقراطية. وما زلنا نجد ذاك اليسار يظهر انزعاجه
من "الإرهاب" ومن ثورات الجياع المحتملة خوفًا من شيء يسمونه "سقوط
الدولة"، ومصورًا هذا على أنه مقدمة لفوضى عارمة ومدمرة. يضاف التوجه القومي لكثير
من الماركسيين؛ فنقرأ لهم شعارات مثل: جيش الوطن – الدفاع عن البلد – حماية الدولة. فبدلًا من النضال ضد كل من "الإرهاب"
ودولة الشرق الأوسط وغيرها (الموالية للإمبريالية دائمًا تقريبًا) يصطف جل الماركسيين
معها، تحت شعارات منها "محور المقاومة" أو "الصمود والتصدي"..
- لقد رسخ لمدة طويلة
في ذهن الماركسيين أن الاشتراكية =التأميم والتخطيط المركزي قبل أيّ شيء آخر([12])؛ أيْ
سيطرة الدولة الكلية على المجتمع المدني. قال ماركس وإنجلز بوضوح: "يستطيع
الشيوعيون أن يلخّصوا نظريتهم بعبارة وحيدة: إلغاء الملكية الخاصة"([13]). ثم راح
البيان الشيوعي يعد: "بتحويل وظيفة الدولة إلى مجرّد الإشراف على الإنتاج".
وهذا يساوي بالطبع سيطرة الدولة على رأس المال الاجتماعي، وهو الأمر الذي شرحه
إنجلز في كتيب بعنوان: مبادئ الشيوعية، كان بمثابة مسودة البيان
"الشيوعي".
وهذا يشير بوضوح إلى مصالح بيروقراطية الدولة. لكن مع سقوط الأنظمة الشمولية في الاتحاد
السوفيتي وشرق أوروبا أضافت بعض الجماعات مقترحات مثل: الرقابة الشعبية – الديموقراطية
التشاركية – الديموقراطية التداولية..إلخ إلى التأميم والتخطيط، طبعًا دون أيّ إشارة
لضرورة تفكيك الدولة. ويكون المطلوب بالتالي هو دولة "ديموقراطية" ناعمة
الأيدي؛ فهذا هو المعنى العملي للرقابة الشعبية.
- في النهاية نوجز الموضوع
كالآتي: تصور إقامة نظام اشتراكي بواسطة الدولة الذي يشمل التأميم والتخطيط والسوق
المركزي = نظام تحكمه الدولة، سواء كانت تسلطية أو ذات أيدٍ ناعمة. أما اللجوء إلى
تنبيهنا إلى أن المقصود هو دولة عمالية فمجرد نفاق وخداع. فلا يوجد شيء اسمه دولة عمالية؛
فالدولة هي جهاز متخصص في القمع والإدارة، فهل سيتفرغ جميع العمال للقيام بهذا الدور؟!
الأكثر استقامة – إذا كانت مرغوبة – أن يقال: حل جهاز الدولة كلية مقابل حكومة مجالس
شعبية وديموقراطية مباشرة، بلا جيش أو شرطة أو قضاء محترف أو بيروقراطية محترفة. أما
الزعم بصعوبة تحقيق هذا فلا يبرر القبول بالشيطان المسمى بالدولة، إلا إذا كان الشيطان
هو الهدف الحقيقي؛ في العقل الباطن على الأقل. وهنا نتذكر أن شعار "كل السلطة
للسوفيتات (أو المجالس)" قد رفعه البلاشفة قبيل انتصارهم ولم يعتبرون تطبيقه مستحيلًا
وقتها، ثم صادروا السوفيتات نفسها لحساب دولتهم بعد أن استخدموها كحصان طروادة للوصل
إلى الحكم.
هذا هو ما قصدناه من
أن الماركسية هي فلسفة الدولة. فالماركسية تعبر –موضوعيًا - عن مصلحة بيروقراطية الدولة
الحديثة، التي تخلت عن الطابع الاستبدادي القح في النظام الإقطاعي وصارت تعتمد أكثر
على القوة الناعمة، والسيطرة الخفية.. هذا ما نستنتجه من كلمات مثل: بتر "أسوأ
جوانب هذا الشر"، و "القضاء على الدولة بوصفها دولة"، "استبدال
كلمة المشاعة بكلمة الدولة"..
وبالطبع ليس من
الضروري أن تصنع الدولة فلسفتها، مثلما الحال بالنسبة لكل القوى الاجتماعية
الأخرى؛ فالبورجوازية –على سبيل المثال - لم تتفلسف بنفسها رغم أنها تعي مصالحها.
************************
ثانيًا: نجد جذورًا
لما ذكرنا في نظريات الماركسية عن الحزب، باستثناء موقف جماعات صغيرة مثل جماعة روزالكسمبورج،
وموقف جرامشي، وأقليات أخرى:
* الحزب الشيوعي لدى عموم التوجهات الماركسية يتميز على الطبقة العاملة
بكونه يحمل النظرية الثورية؛ الوعي السياسي للبروليتاريا؛ فـالشيوعيون “يتفوقون على الكتلة الأكبر
من البروليتاريا بالفهم الواضح للمسار، وللظروف، وللنتائج العامة الأخيرة لحركة البروليتاريا”([14]). ومؤسس هذه الفكرة
هو ماركس وإنجلز. ومع ذلك نجد إشارات لاحقة لماركس مضادة لهذا الكلام: “وظيفة الحزب هي قيادة وخدمة البروليتاريا،
وليس وضع مبادئ عصبوية تخصه ليستطيع من خلالها تشكيل الحركة العمالية”، “تحرير الطبقة العاملة يجب أنْ ينتزع
بواسطة الطبقة العاملة ذاتها”، “إنَّ النقابات هي مدارس الاشتراكية.
ففيها يعلم العمال أنفسهم ويصيرون اشتراكيين لأنَّ الصراع مع رأس
المال يحدث كل يوم على مرأى من عيونهم”. “إنَّ هدف الحركة السياسية للطبقة العاملة هو
بالطبع انتزاع السلطة السياسية لصالح هذه الطبقة، وهذا يتطلب تنظيمًا مسبقًا للطبقة
العاملة متطورًا إلى نقطة معينة ونابعًا من نضالاتها الاقتصادية”([15]). لكن هذا ما
انتقده إنجلز بعد ذلك (1890): "يقع اللوم على ماركس وأنا جزئيًّا لتأكيد
الشباب أحيانًا على الجانب الاقتصادي أكثر مما يستحق. لقد كان علينا أنْ نؤكد
مبدأنا الأساسي في مواجهة خصومنا الذين أنكروه، ولم يكن لدينا دائمًا الوقت ولا
المكان ولا الفرصة لإعطاء العوامل الأخرى التي تدخل في التفاعل حقها من الاهتمام"([16]). كل
هذا يندرج تحت اللغو؛ فلا يكفي أن تسمي الأمور بغير حقيقتها لكي تغيرها. ففكرة حزب
من المثقفين يمثل العمال هي مربط الفرس؛ هي مقدمة لنظام تسود فيه الدولة.. هذا
الكلام قاله باكونين قبل ظهور الاتحاد السوفيتي بعقود (1873): "دعنا نتساءل؛ إذا ما أصبحت البروليتاريا
طبقة حاكمة، فعلى من ستمارس سلطتها؟ باختصار ستظل هناك بروليتاريا أخرى تكون خاضعة
للحكم الجديد، لتلك الدولة الجديدة". فإن قياديها سيحلون مكان الطبقة الحاكمة التي حاربوا ضدها([17]). ويذكرنا هذا
الطرح بأن ثورات العبيد في الماضي كانت حين تقيم دولة يتحول قادة العبيد إلى حكام
يحكمون طبقة من العبيد أيضًا.
-
نبذ لينين فكرة الحزب الموسع لصالح فكرة الحزب القائم على أساس كادر من المحترفين الثوريين.
ويتلخص منطقه في الآتي: لأنَّ النظرية الثورية لا يمكن استيعابها
إلا بواسطة عناصر عالية الثقافة، فالحزب يعتمد بشكل أساسي على هذه العناصر. ولأنَّ
العمال لا تسمح ظروفهم بتحصيل الفكر الماركسي، يعتمد الحزب على مثقفين من أصل بورجوازي،
مع طليعة عمالية أقدر من بقية العمال على فهم الاشتراكية العلمية. بذلك نصبح أمام طبقة
وحزب واعٍ؛ طليعة هذه الطبقة، يقود العمال وينقل الوعي إليهم، وفي نفس الوقت يتعلم
من عفويتهم ومبادراتهم([18])؛ تلك العفوية التي وصفها لينين
بأنها “جوهريًّا الشكل الجنيني للوعي”. فهناك فرضية مسلم بها في النظرية اللينينية؛
إنَّ الجماهير لا تستطيع إنتاج وعيها السياسي، عكس القيادات المثقفة و”الواعية”، وبالتالي
فالعفوية الجماهيرية - رغم أهميتها – تحتاج لتوجيه المثقفين القادة، ولا يمكن إلا تقديم الوعي السياسي الطبقي للعمال
من الخارج، أيْ من خارج الصراع الاقتصادي، من خارج محيط العلاقات بين العمال والمستخدمين؛ من خارج الطبقة العاملة، بالذات من المثقفين
البورجوازيين. وهذا حكم مؤبد على الجماهير بأنها دائمًا أقل
وعيًا من رجال الحزب وأقل قدرة على الفهم (فهم لا يفهمون الديالكتيك والمادية التاريخية
كما قال إرنست ماندل!). شيء يشبه رؤية جوستاف لوبون المتعالية للجماهير (كتاب:
مقالة العبودية الطوعية). بذلك انقلب مبدأ ماركس “تحرر الطبقة العاملة هو فعل الطبقة العاملة
نفسها” إلى نقيضه. فالدور
الأهم الآن هو للمثقفين البورجوازيين حاملي النظرية الثورية. هكذا يتم الفصل بين العمل
اليدوي والعمل الذهني، والمحافظة على الهيراركية (التشكيل الهرمي) داخل المعسكر الثوري
(الطبقة والحزب). كما أصبح تحديد مصالح ومصير الطبقة العاملة مهمة المثقفين، وأخيرًا
صار الفكر مستقلًا عن الواقع لا نتاجًا له، وأصبح الحزب “يمثل” الطبقة دون أنْ تختاره
بنفسها؛ فإنَّ عليه مهمة التغلغل في صفوفها وإقناعها بأفكاره، ورسم طريق”ها”. الحزب
هو الآن حامل الوعي السياسي البروليتاري، خاصة نواته الصلبة، ويصبح المرء أكثر ثورية
واشتراكية كلما اقترب من تلك النواة. وبناء على هذا المنطق تكاثر عدد المنظمات الماركسية
التي تدعي تمثيلها للعمال، مهما كان صغر حجمها ومهما قلت إمكانيتها وقيمتها السياسية،
لأنَّ كلها – من وجهة نظر كل منها- تملك النظرية “الصحيحة” التي ينبغي تقديمه للبروليتاريا
من خارجها. ومن الأمثلة الفاضحة على ما نقول أنَّ الأممية الرابعة التروتسكية قد شكلت
من عدد ضئيل جدًّا من المنظمات الصغيرة الهزيلة ضعيفة الصلة بالعمال، رغم أنها يفترض
أنْ تمثل الطبقة العاملة العالمية([19]).
وقد
غير لينين موقفه من العفوية بعد ثورة 1905 في روسيا: “لا يوجد أدنى شك في أنَّ الثورة
ستعلم جماهير العمال في روسيا الاشتراكية الديمقراطية”([20])، لكن
لم يتغير تبعًا لذلك الطابع الهيراركي لحزبه.
- قامت الماركسية في
طبعاتها المتعددة بالتنظير للدور الخاص للمثقفين في التعبير عن البروليتاريا: قال التروتسكي إرنست ماندل (كمثال): "إنَّ
جذور مقولة الحزب الثوري هي في واقع أنَّ الاشتراكية الماركسية هي علم لا يمكن استيعابه
بالكامل إلاّ على نحو فردي وليس بصورة جماعية. فالماركسية هي تتويج لثلاثة علوم اجتماعية
تقليدية ثلاثة على الأقل: الفلسفة الكلاسيكية الألمانية، الاقتصاد السياسي الكلاسيكي
والعلم السياسي الفرنسي الكلاسيكي (الاشتراكية وعلم التاريخ الفرنسيين).. . إنَّ استيعابها
يفترض مسبقًا تمرسًا بالجدل المادي، والمادية التاريخية، والنظرية الاقتصادية الماركسية
وبالتاريخ النقدي للثورات وللحركة العمالية الحديثة.. "([21]).
- لم تكن أبًدا
مصادفة أن الماركسية قد جذبت إليها المثقفين الطموحين من الطبقة الوسطى، الطامحين دائمًا
لتحقيق مكانة مهمة.. لم يكن من الغريب أن جل أعضاء حزب العمال الروسي مثقفين حتى
1905، حيث بُدء بضغوط لينين والثورة الروسية العنيفة في ذلك الوقت، وبعد مقاومة
شديدة من جانب قيادات الحزب، في السماح للعمال بدخول لجان الحزب. كما كان دائمًا غالبية
قادة الأحزاب الماركسية في أوروبا من الطبقة الوسطى. بل إن غالبية أعضاء المنظمات
الماركسية (وليس فقط القادة) في الشرق ككل مثقفون من الطبقة الوسطى. كما تكونت
أحزاب ماركسية في بلدان بلا عمال تقريبًا؛ فإذا صدقنا أن هذه الأحزاب كانت تحمل
فلسفة البروليتاريا، فمن تمثل سياسيًا بالضبط في بلد بلا عمال؟
البروليتاريا العالمية؟! وهل يمكن تصور أن حزبا محليًا في مدينة أو بلد ما يمثل
البروليتاريا العالمية سياسيا؟!
- الغاية النهائية للأحزاب الماركسية الثورية (دون الإصلاحيين)
هي الاستيلاء على الدولة وإقامة ديكتاتورية البروليتاريا (أو حزب”ها”– زعمًا - لا فرق).
وقد تصورت أنه بمجرد تحقيق هذا الهدف تنتهي كل مشاكل بني الإنسان. وفي سبيل تحقيق هذا
الهدف تتم التضحية بأيِّ شيء ما عدا الحزب؛ حامل مشعل الحقيقة. فمن الناحية العملية يكون الهدف النهائي هو
إقامة نظام دولتي، وبالتالي يحقق مصالح البيروقراطية في المقام الأول. ومهما تم
هدم جهاز الدولة تكون هناك إعادة بنائه من جديد بحيث يستوعب النخب الماركسية ويكون
أكثر حداثة.
وفي كل الحالات
حين استولت الأحزاب الماركسية على السلطة أقامت دولة تسلطية تحكمها زمرة من المتسلطين،
غالبيتهم الساحقة لصوص. فلم نجد حين جاءت لحظة الحقيقة أن مثقفي الطبقة الوسطي؛ حاملي
الديالكتيك(!) يضحون بسلطتهم ومصالحهم من أجل عيون البروليتاريا. وقد استفادت بيروقراطية
الدولة السابقة على الثورات الاشتراكية، فانضم الكثير من عناصرها إلى البيروقراطية
الجديدة في مختلف البلدان، وصارت ماركسية. ولدينا مثال هروب غالبية رجال القيصر وضباطه
في بداية الثورة الروسية، لكن بعد أن تيقنوا من انتصار انتفاضة العمال والجنود انضموا
بعشرات الألوف إلى الطرف الرابح، ثم إلى الجيش الأحمر، وصار بعضهم فيما بعد ضمن البيروقراطية
الحاكمة.
- بالتأكيد من الممكن لمثقفين من أيّ طبقة كانت أن ينتجوا فلسفة
نظرية للبروليتاريا أو لغيرها، فهناك مسافة بين الفكر والواقع الذي يعبر عنه. لكن
في حقل السياسة والممارسة العملية لا يمكن أن ينوب أحد عن طبقة ما أو أن يحتكر
وعيها الطبقي. وقد كان المثقفون الأناركيون الاشتراكيون أكثر اتساقًا؛ فقد قدموا
نظريات تعبر بالفعل عن مصالح العمال والفقراء وفقط، لكنهم، أو غالبيتهم، قدموا في
نفس الوقت مشروعًا سياسيًا جماهيريًا بالفعل، لا يمهد إلا لقيام نظام للإدارة
الذاتية للجمهور، هذا بغض النظر عن إمكانية نجاحه أو واقعيته.
لقد استغلت الماركسية
العمال والفلاحين والصراع الاجتماعي عمومًا لمد سلطة البيروقراطية وتجديد شبابها.
فهي فلسفة الدولة الحديثة، وحزب سياسي لقطاعات من الطبقة الوسطى المتطلعة للحكم.
********************
ثالثًا: أصبحت الماركسية الفلسفة الرسمية للدولة بالفعل في مختلف البلدان
الاشتراكية التي حكمها حزب شيوعي. لقد "تحقق" مفهومها أخيرًا - إذا استعرنا
لغة هيجل! - فقد أصبحت الأيديولوجيا الرسمية التي يتم تدريسها في المدارس وتوظيف حامليها
في المناصب الأرفع بالدولة، وكان الحزب الذي يحمل النظرية هو لب الدولة ونخبتها المميزة.
هذه الحقيقة الواضحة والتي كانت معلنة هي ما وجدت جذورها منذ البداية في نظرية الماركسية
عن الدولة ودورها التاريخي ونشوئها لعوامل اقتصادية محضة، ودور الحزب حامل وعي البروليتاريا
والذي يحولها من طبقة "في ذاتها" إلى طبقة "لذاتها"، وأخيرًا في
نظرية إقامة الاشتراكية بواسطة دولة تمت تسميتها بديكتاتورية البروليتاريا، مع تناسي
الشيوعية والاكتفاء بالمرحلة الاشتراكية حيث توجد الدولة وتوزيع الأجور حسب العمل،
حسب ما ذهب لينين.
***************************
رابعًا: وقد كان من
الطبيعي أن تقاوم الرأسمالية ودولتها، وحتى البورجوازية الصغيرة إلى حد ما،
الحركة الاشتراكية. لكن مع ما شهده العالم من تغيرات كان من ضمنها تحول الدولة الحديثة
إلى أخطبوط له مصالح متميزة عن الرأسمالية، بل وصارت طليعة النظم القائمة، أصبحت هذه
الدولة صاحبة مصلحة في توسيع نفوذها الاقتصادي وزيادة امتيازاتها. لذلك لم تعد أجهزة
الأمن في أيّ مكان تعتقل من ينادي بتأميم القطاع الخاص أو إلغاء حرية السوق. كما أصبح
هناك كثير من أنصار الكينزية، وهي طبعة معدلة من الاشتراكية، واستطاعت دولة الرفاه
في أوروبا تأميم كثير من المنشآت الخاصة. كذلك خف العداء الرسمي للماركسية، بل واحتفلت
الدولة الألمانية مؤخرًا بذكرى وفاة ماركس مع مشاركة أوروبية رسمية.. كذلك أصبح هناك
الكثير من الناس يتقبل عبارة: كان ماركس على حق([22]).
لقد اكتشف الجميع بعد تطبيق الاشتراكية أنها كرست سلطة الدولة بعد إعادة تكوينها،
ولم يكن هناك داع لأن ترفضها الدولة البورجوازية.
من الممكن أن نضيف بثقة
أن الحركات والأحزاب الماركسية ومن لف لفها من توجهات كينزية وما يشبهها قد تصبح احتياطيًا
استراتيجيًا للنظم القائمة، خصوصًا مع تمدد الدولة المرتقب بعد أزمة وباء كورونا..
فقد تصبح الدولة بديلًا للرأسمالية أو تقدم نفسها كبديل.
الخلاصة أن فلسفة للحزب
المحترف والدولة "الاشتراكية" تكون بالضرورة فلسفة للدولة.
لقد كان باكونين
يعتبر البيروقراطية طبقة اجتماعية([23])، وكان الأفضل – في رأينا - أن يقول: مرتبة stratum . ونضيف
أن تلك المرتبة كان من مصلحتها أن تتبنى الماركسية منذ البداية، التي نادت بوضوح
بتأميم الملكية الخاصة لصالح الدولة، لكنها كانت تحمل الأيديولوجيا البورجوازية.
*********************
ما العمل إذن؟
إذا كنت أيها المناضل
تريد بالفعل تحرير العمال أو الشعب، فلتناد بتفكيك تلك الآلة الجهنمية المسماة بالدولة،
وطرح بدائل لاسلطوية، منها المجالس الشعبية والديموقراطية المباشرة، بدون أجهزة قمع
محترفة. كما أن عليك أن تدعو إلى قيام الجماهير بنفسها بالثورة وإنشاء النظام الذي
يناسبها بنفسها؛ بدون الدولة. فيمكن أن توجد حكومة شعبية، لكن لا يمكن أن يوجد
شيء اسمه دولة شعبية، فماذا يدفع أجهزة عنف مسلحة- حتى لو كان أفرادها أصلًا
من العمال- إلى العمل في سبيل المجتمع ككل؛ فاحتكار القوة من قبل أيّ مجموعة يقود فورًا
إلى تميزها واحتكارها للمزايا.
The State- ITS HlSTORY AND DEVELOPMENT VIEWED
SOCIOLOGICALLY.
([2])Critique of the Marxist
Theory of the State,
([7]) "كانت الدولة الممثل الرسمي للمجتمع ككل؛
فجمعته جمعها معًا في تجسيد مرئي. ولكن كان هذا فقط بقدر ما كانت دولة تلك الطبقة
التي كانت تمثل خلال نفس الفترة المجتمع ككل: في العصور القديمة، دولة المواطنين
ملاك العبيد؛ في العصور الوسطى، اللوردات الإقطاعيين؛ في عصرنا، البرجوازية. لكن
عندما تصبح في النهاية الممثل الحقيقي للمجتمع بأسره فسوف تجعل نفسها غير
ضرورية" – التشديد من عندنا. Anti
-Dühring, Part III: Socialism, Theoretical
([11]) ذهب البعض (منهم وليام جودوين) إلى أنَّ انتشار
استخدام العقل لدى الجماهير سوف يتسبب في نهاية المطاف بأنْ تذوي الدولة كقوة لا
لزوم لها. وكان ضد استخدام الأساليب الثورية لحل جهاز الدولة. وبدلًا من ذلك، دعا
لاستبدالها بعملية التطور السلمي التدريجي حتى تتلاشى من تلقاء نفسها. وكان ضد
استخدام الأساليب الثورية لحل جهاز الدولة. وبدلًا من ذلك، دعا لاستبدالها بعملية
التطور السلمي التدريجي حتى تتلاشى من تلقاء نفسها. ورأى أنه يمكن القبول بدولة
الحد الأدنى في الوقت الحاضر باعتبارها شرًّا لا بد منه، والتي سوف تصبح غير ذات
أهمية على نحو متزايد وعاجزة، عبر انتشار تدريجي للمعرفة بين المواطنين.
An Enquiry Concerning
Political Justice,
[12]) ) تم استعراض هذه المسألة في مقال
بعنوان: ما وراء البيروقراطية السوفيتية، للكاتب وآخر، https://modernization-adil.blogspot.com/2010/11/blog-post_6161.html
[22]) ) لماذا كان ماركس على حق، عنوان كتاب
لـ تيري إيغلتون، http://www.sooqukaz.com/index.php/component/edocman/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%83%D8%A7%D9%86-%D9%83%D8%A7%D8%B1%D9%84-%D9%85%D8%A7%D8%B1%D9%83%D8%B3-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AD%D9%82-%D8%9F-%D8%AA%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D8%A5%D9%8A%D8%BA%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86?Itemid=2018
هناك 3 تعليقات:
فى الصف الرابع الاعدادى قرأت كتابا لمؤلف انجليزي اسمه هارولد لاسكى..كان عنوان الكتاب...الدوله نظريا وعمليا...كان الكتاب صعبا ولكننى عاندت نفسى حتى اكملته ...ثم تعرفت على الماركسيه وقتها وعلى طول تلك الرحلة ظلت مساله تلاشى الدوله واقامه دوله البروليتاريا موضوع داخل نفسى محاط بالغموض واللايقين الداخلى رغم ترديدى لكل المفاهيم الشائعه فى الادبيات الماركسية....خصوصا مع الحياه فى ظل قيد اللغه وانحصار المعرفه فيما يتم ترجمته إلى العربية وهو قليل ونادر...عموما مااستنتجته هو أن هؤلاء على المثقفين العظام انتجوا فكرا ثوريا رائعا فى القرن التاسع عشر ولكنه غير مكتمل وفى حاجه دائمه الى المراجعه والتطوير خصوصا ونحن فى القرن الواحد والعشرين بعد تلك الخبره الهائلة التى اضيفت إلى الوعى عبر القرن العشرين وبعد التطور الهائل فى العلوم وأساليب البحث العلمي خصوصاً في بعض المسائل الدقيقة والمفصليه وتنامى جبروت الدوله وانفصالها عن الجمهور.... أنا متفق معك تماما وأعتقد انماطرحته بداية صحيحه بالتدقيق فى المقولات الاوليه ونقدها وكشف تناقضاتها..هذه بداية لابد منها للغوص فى أعماق الظاهرة بنفس منهجية كتاب الثوره المستمره
فى الصف الرابع الاعدادى قرأت كتابا لمؤلف انجليزي اسمه هارولد لاسكى..كان عنوان الكتاب...الدوله نظريا وعمليا...كان الكتاب صعبا ولكننى عاندت نفسى حتى اكملته ...ثم تعرفت على الماركسيه وقتها وعلى طول تلك الرحلة ظلت مساله تلاشى الدوله واقامه دوله البروليتاريا موضوع داخل نفسى محاط بالغموض واللايقين الداخلى رغم ترديدى لكل المفاهيم الشائعه فى الادبيات الماركسية....خصوصا مع الحياه فى ظل قيد اللغه وانحصار المعرفه فيما يتم ترجمته إلى العربية وهو قليل ونادر...عموما مااستنتجته هو أن هؤلاء على المثقفين العظام انتجوا فكرا ثوريا رائعا فى القرن التاسع عشر ولكنه غير مكتمل وفى حاجه دائمه الى المراجعه والتطوير خصوصا ونحن فى القرن الواحد والعشرين بعد تلك الخبره الهائلة التى اضيفت إلى الوعى عبر القرن العشرين وبعد التطور الهائل فى العلوم وأساليب البحث العلمي خصوصاً في بعض المسائل الدقيقة والمفصليه وتنامى جبروت الدوله وانفصالها عن الجمهور.... أنا متفق معك تماما وأعتقد انماطرحته بداية صحيحه بالتدقيق فى المقولات الاوليه ونقدها وكشف تناقضاتها..هذه بداية لابد منها للغوص فى أعماق الظاهرة بنفس منهجية كتاب الثوره المستمره
فى الصف الرابع الاعدادى قرأت كتابا لمؤلف انجليزي اسمه هارولد لاسكى..كان عنوان الكتاب...الدوله نظريا وعمليا...كان الكتاب صعبا ولكننى عاندت نفسى حتى اكملته ...ثم تعرفت على الماركسيه وقتها وعلى طول تلك الرحلة ظلت مساله تلاشى الدوله واقامه دوله البروليتاريا موضوع داخل نفسى محاط بالغموض واللايقين الداخلى رغم ترديدى لكل المفاهيم الشائعه فى الادبيات الماركسية....خصوصا مع الحياه فى ظل قيد اللغه وانحصار المعرفه فيما يتم ترجمته إلى العربية وهو قليل ونادر...عموما مااستنتجته هو أن هؤلاء على المثقفين العظام انتجوا فكرا ثوريا رائعا فى القرن التاسع عشر ولكنه غير مكتمل وفى حاجه دائمه الى المراجعه والتطوير خصوصا ونحن فى القرن الواحد والعشرين بعد تلك الخبره الهائلة التى اضيفت إلى الوعى عبر القرن العشرين وبعد التطور الهائل فى العلوم وأساليب البحث العلمي خصوصاً في بعض المسائل الدقيقة والمفصليه وتنامى جبروت الدوله وانفصالها عن الجمهور.... أنا متفق معك تماما وأعتقد انماطرحته بداية صحيحه بالتدقيق فى المقولات الاوليه ونقدها وكشف تناقضاتها..هذه بداية لابد منها للغوص فى أعماق الظاهرة بنفس منهجية كتاب الثوره المستمره
إرسال تعليق